منوعات ومجتمع

وثيقة قديمة بخط جدى بــ مدينة البصيلية بصعيد مصر عام 1917م توضح الحالة الوجدانية لأهل صعيد مصر من الحرب العالمية الأولى


بقلم الباحث التاريخى الشريف / أحمد ًحزين العباضلى الشقيرى

. كانت دول اوروبا تتصارع من اجل الدولة العثمانية فمنها من أرادت تقسيمها ومنها من أرادت الحفاظ على سلامة أملاكها لكن التقارب الالماني العثماني زاد الخلاف بين الدولة العثمانية وبريطانيا وفرنسا التي كانت تحافظ على سلامة أملاكها فنشوب الحرب على القارة الاوروبية واشتراك المانيا الى جانب النمسا وبريطانيا وفرنسا إلى جانب صربيا انحازت الدولة العثمانية إلى جانب ألمانيا بسبب العلاقة الحميمة بينهما وكان ذلك بسبب التقارب الألماني العثماني في عام 1914 دخلت الدولة العثمانية الحرب العالمية الاولى فعليا الى جانب المانيا بعد اشتباك اسطولها مع الاسطول الروسي في البحر الاسود.
وقد تناقل ان السبب المباشر لاندلاع الحرب العالمية الاولى كان مقتل ولي عهد النمسا في مدينة سراييفو فاعلنت النمسا الحرب على صربيا فوقفت روسيا وبريطانيا الى جانب صربيا ووقفت المانيا الى جانب النمسا كل هذه الاسباب جعلت هناك حيرة لدى المجتمع السياسى داخل الخلافة العثمانية حول المشاركة فى الحرب العالمية الاولى وتلورت فى عدة أراء منها :
عندما ننظر للظروف السياسية فى تلك الفترة داخل الدولة العثمانية نرى أن الدولة العثمانية كانت تحت حكم الاتحادين أحداهما يسمى بــ جمعية الاتحاد والأخرى بـــ جمعية الترقي بزعامة انور باشا وجمال باشا وطلعت باشا حيث تضاربت الاراء السياسية فى تلك الفترة حول الاشتراك في الحرب العالمية الاولى فكان هنالك ثلاثة أراء:
1. ايد العسكريين الاتراك دخول الحرب الى جانب دول المركز بزعامة المانيا وعلى رأسهم جمعية الاتحاد والترقي لانهم تدربوا على يد ضباط المان ويحصلون على السلاح منها
2. رأى عامة الشعب بالتزام الحياد لان الدولة العثمانية من الناحية الاقتصادية والعسكرية لا تستطيع الدخول في حرب ضد دول اوروبا فالاولى ان تهتم لانعاش اقتصادها وتطوير قوتها العسكرية.
3. أيدت الفئات المثقفة الدخول الى جانب دول الحلفاء وبالذات الذين كانت تربطهم علاقة حميمة مع بريطانيا وفرنسا والذين درسوا في اوروبا وتشبعوا بالثقافة البريطانية والفرنسية .
وكان لهذ تأثير بالطبع على البلاد التابعة للخلافة العثمانية بهذا الوقت ومنها مصر والشرق الأوسط
حيث لما قامت الحرب الكبرى الأولى سنة 1914 قامت بريطانيا بإعلان الحماية على مصر رسميا وقطعت علاقاتها الإسمية حتى ذلك الوقت بالدولة العثمانية وسخرت جميع الإمكانات المصرية وأنهكتها ماديا ومعنويا في سبيل الحرب التي لم يكن لمصر فيها ناقة ولا جمل ومن ذلك أنها خلعت الخديوي عباس حلمي الذي شاكس المحتلين ونصبت عمه حسين كامل سلطانا على مصر لينافس بهذا اللقب منصب السلطنة العثمانية التي كانت في حرب مع الحلفاء وقد أدرك المصريون هذه اللعبة السيااسية وعبروا عن رفضهم لوضع السلطان الألعوبة الذي يستمد سلطته من الإنجليز بعدما كان الخديوي يستمدها من الخليفة بمحاولة اغتياله مرتين بالإضافة إلى محاولة أغتيال رئيس وزرائه وأحد وزرائه أيضا كما أطلقوا على كثير من مواليد سنوات الحرب أسماء الزعماء الأتراك أنور وجمال وطلعت وكان من هؤلاء المواليد رئيسا مصر ومن الطريف أن منصب السلطان المصري هذا الذي أعلنه الإنجليز منحوه صلاحيات أقل من صلاحيات منصب الخديوي رغم التفخيم اللفظي وهي سمة لازمت دول الاستقلال والتجزئة التي أصبحت ألقاب حكّامها ألقاب مملكة في غير موضعها كالطبل يصدر صوتا عالى ومن داخله أجوف
ومن التراث أنقل لكم وثيقة قديمة كتبت عام 1917 بخط جدى رحمه الشريف / أحمد حسانين العباضلى الشقيرى البصيلى كما هو متواتر لدينا وكان رحمه الله يقيم بمدينة البصيلية بنجع المعمارية خلال زمن الحرب العالمية الأولى وكان حافظا لكتاب الله ويعمل تاجرا للجمال العربية حيث كتب خطبة دينية فى شهر رمضان المعظم يتحدث خلالها عن رغبة تفهم من خلال عباراته بالخطبة بالدعاء لنصره السلطان السلطان محمد رشاد وهو احد سلاطين الدولة العثمانية أثناء الحرب العالمية الأولى بأن يحفظ دولته من دول الطغيان وهذا هو نص الوثيقة التاريخية.

(الحمد لله الذى متعنا بالبقاء الى موسم الصوم ورزقنا العافية وشرع لنا الصيام ليكفر عنا السيئات ويسكنا جنة عالية .. تعالى ربنا الذى لولا تظهير اوامره ونواهيه لكنا اسوأ حالا .
وأشهد ان لا إله إلا الله الذى سبقت رحمته غضبه وأشهد أن سيدنا محمد رسول الله الذى تمنى المغفرة لأمته فأناله ربه ما طلب .
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد واله وألطف بنل فيما جرت به المقادير .
أما بعد :
إن للسعادة أعمالا معلومة بينها الله فى كتابه وإن للشقاوة لعلامات عرفها لكم على ألسنة أحباب .
وليست السعادة فى جمع أرطال الذهب ولكن السعادة كل السعادة فى أستغلال أوقات العبادات والاتيان لها على الوجه المشروع من الصوم من حج وصلوات وان يأخذ اب ادم زينته الادبية كل وقف بين يدى مولاة الملك القدوس.
والشقاوة كل الشقاوة فى التهاون بأوامر الله ونواهيه وان يشتغل العبد عن ربه بحظوظه وملاهيه حتى اذا ادركه الموت حرم الجورو وسكن السعيرا .
ولقد اقبل عليكم شهر العمل الصالح الذى يعتق الرقاب من النار ويطهر العامل اذا أتقن عمله ويجعله مع الابرار وإن الصوم لأقرب القرب الى التزكية ولطف وتطهير
فيأهل الايمان تواصوا بالصوم فأنه نعمت العباده وماشرعه رب العزة القيوم إلا ليطهر به عباده حتى ان هبا من انفعهم صلحو التمتع فى الجنة والملك الكبير
وهذا هو شهر الصوم قد هبت عليكم نسمات إقباله بمبشرات رؤيه هلاله وانه لهلال اليمن وهلال البركة والسعادة واليسر فمن كان صاحب أو حببيب فى العصاة فلا يتركه فريسة للشيطان فأن الله تبارك وتعالى يؤاخذ المؤمن اذا لم ينصح الاصدقاء ولا الجيران ولا يقبل صوم الصائم اذا صافى أهل المعاصى
واجتهدوا ايها الصائمون ان لا تفطروا إالا على الحلال فى الطعام والشراب وأجتنبوا الغيبة والنميمة فالصائم لا ينم ولا يغتاب فأنهما وزر كبير فتعقلوا يا عباد الله فليس الامر بهين فأسلكوا سبيل السلامة فأنه و الله واضح وبين وأعتصموا بالله هو مولاكم وهو نعم المولى ونعم النصير
عن ابن عمر رضى الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم انه قال : اذا هل هلال رمضان صالح العرش والكرسى وما دونهما وقالوا طوبى لامة محمد مما لهم عند الله من الكرامة واستغفر لهم الشمس والقمر والنجوم والنهار والليل والطير والحيتان وكل ذى روح إلا الشياطين فإذا أصبحوا بشرك الله عبدا فى هذه الامة الا غفر له وعنه عليه الصلاة والسلام يقول الله تبارك وتعالى كل عمل ابن ادم له الا الصوم فإنه لى وانا اجزى به أو كما قال التائب من الذنب كمن لاذنب له والمستغفر من الذنب وهو مقيم عليه كالمستهزىء بربه
الحمد لله الذى هدانا للجمعة وجعلها لنا عيدا نجتمع فيها للعبادة والوعظ وتأليف القلوب وأستغفره من كل ذنب علام الغيوب وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله الصادق الأمين
عباد الله أتقوا الله وأكثروا من الصلاة والسلام فقد صلى عليه المولى وملائكته الكرام وأنزله ذلك تعليما لنا وتشريفا لقدر نبينا فى الكتاب المبين فقال وهو أصدق القائلين إن الله وملائكته يصلون على النبى يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما )
صلى الله على سيدنا محمد واله وأزواجه وذريته وكرمهم تكريما ورضى الله عن أصحابه وأتباعه وحمله شريعته الى يوم الدين وأنصر اللهم مولانا السلطان محمد رشاد وأحفظ دولته من دول الطغيان والفساد بحق سيدنا المرسلين وأنصره يا إلهنا
وأيده وجنده تأييدا قويا وأصلح الرعاة والرعية وأرزقنا العفاف والإخلاص ونجنا من الظالمين .
اللهم نجنا من الاهواء والافات وكل بليه .
اللهم أسكنا الجنات من غير سابقة عذاب ومتعنا بالنظر الى ذاتك العليه وأجعلنا مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقيين والشهداء والصالحين.
أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يغفر لى ولكم وللمسلمين ويحفظنا من شرور أنفسنا وينصرنا على الكافرين .
عباد الله إن الله يأمرنا بالعدل والإحسان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

إغلاق