مقالات

وحيد القرشي يكتب “هوامش حرة”

مقال الأسبوع “مصر وكرامة المصريين “

كنت أتحدث مع صديق مقرب عبر الشات ,أثناء حديثنا طلب مني أن اكتب مقالا عن المغتربين خارج مصر وبالتحديد في دولة الأردن الشقيقة ,وذكر لي سوء معاملة الكفيل وبعض المواطنين الأردنيين للمواطن المصري داخل حدود دولتهم ,وكان نص رسالته “لي رجاء عندك أن تكتب مقال عن المغتربين بالأردن عن الظلم الذي يقع عليهم عن الحمالات التفتيشية التي ينفذونها علي المصريين ,يكون الواحد منا عامل تصريح بتكلفة 900 دينار اردني ما يقارب 22 الف جنيه مصرى واذا امسكو به في الطريق وهو ذاهب او راجع من العمل يكتبوا له جواب ترحيل من الاردن في الحال وكأنه مجرم اوقاتل أو سارق”تلك رسالته ورسالة الكثير من المغتربين المصريين ..

أيضا أرسل صديق تلك الرسالة لمساعدته ,والتي توضح مدي معانأة المصري خارج وطنه ,الرسالة تقول “السلام عليكم استاذ وحيد الغالي تحيه طيبه بعد, قصه / عمر محمود جاد الكريم هذا القصه ربما تكون غريبه بعد الشئ ولكنه يعاني منها بعض الشباب في البحث عن العمل في الخارج , سافر عمر في عام1987الي العراق في العشرين من عمره للبحث عن عمل هناك وان يسعوا جاهدين لانشاء اسره محترمه تعيش بالحلال,و بعد فتره انقطع اتصاله باهله وضاعت أو سرقت أوراقه وجواز سفره ,وأصبح لا يوجد معه اي اورق التي تثبت انه مصري او جواز السفر الخاص به وفجأة بعد فتره طويله من زمن تعرف علي شخص وارسال الي اهله في مصر كي يعرف اهله انه علي قيد الحياه وتوفي ابيه الشيخ محمود جاد من حسرته عليه, وامه تعاني من المرض من الحزن الشديد علي ابنها عمر وذهب عمرالي السفارة المصريه بالعراق ليحاول ان ياتي الي مصر الغاليه ولكن لن يفيده باي شي بسبب اوراقه وجوازسفره , حتي الان لايقدر علي العوده الي ارض وطنه الغالي ولذلك نرجو من اصحاب القلوب الطيبه بمساعدة ابننا الغالي الغائب عن بلده ان يعيدوه الي اهله وكما نرجو من الجهات المختصه والسفير المصري في العراق النظر في هذا الموضوع يسبب حزن كبير له ولاهله وامه وشكرا ياستاذ وحيد ان شاء الله بكره هكلامك علي التليفون”تلك نص رسالته بالحرف لم أقم بأضافة او حذف شئ او تعديل حرف وصياغة ,لماذا حتي نشعر بمدي فجاعة وعمق الموضوع الواضح في كلمات الرسالة .

منذ فترة أيضا ليست بالبعيدة كنت أتحدث مع أبن عمي والذي كان يعمل في السعودية ,طرده الكفيل وعندما سألته عن السبب قال تناقشت معه في أمر ما ,فقال لي لا تناقشني انت عليك السمع والطاعة ,فلما عارضه حدد أقامتي وطردني من دولته علي الفور وكأنه ينتظر مني غلطة واحدة ,وهذا حال كل من يعمل في الدول العربية ,التي تغار وتكيد الحقد والكيد للمصريين ,وليس من فراغ كل ما يحدث لنا في الخارج .

قبل أن اخوض في تلك المشكلة التي يعاني منها معظم المغتربين في الخارج.لا بد ان نعرف من تكون مصر والمصريين ,مصر أم الدنيا ليس مسمي بل حقيقة راسخة منذ الاف السنين ,تاريخ مصر هو أطول تاريخ مستمر لدولة في العالم لما يزيد عن 7000 عام قبل الميلاد, تميزت مصر بوجود نهر النيل الذي يشق أرضها والذي اعتبر عامل مساعد لقيام حضارة عريقة بها، كما تقع مصر بموقع جغرافي متميز يربط بين قارتي آسيا وإفريقيا ويرتبط بقارة أوروبا عن طريق البحر الأبيض المتوسط. كل هذا أدى إلى قيام حضارة عرفت بأنها أقدم حضارة في التاريخ الإنساني والذي أسس مصر وأتي من نسله المصريين هو مصرايم بن حام بن نوح ,

من شاهد الأرض واقطارها والناس انواع واجناسا ولم يري مصر ولا اهلها فما رأى الدنيا ولا الناس ,هي أم البلاد و أم الدنيا و أم المجاهدين والعباد قهرة قاهرتها الامم وتحدت الصعاب , ووصلت بركاتها إلى العرب والعجم , هي بلاد كريمة التربة والمنبع,أصيلة بشعبها الطيب , مؤنسة لذوي الغرية فكم لمصر واهلها من فضائل علي كثير من العرب , ومزايا , وكم لها من تاريخ في الاسلام وخفايا منذ أن وطئتها اقدام الانبياء الطاهرين ومشت عليها اقدام المرسلين المكرمين والصحابة المجاهدين.

إذا ذكرت المصريين ذكرت الكعبة والبيت الحرام فإن عمر رضي الله تعالى عنه , ارسل إلى عامله في مصر أن يصنع كسوة للكعبة المشرفة , فصنعت الكسوة من عهد عمر رضي الله عنه وظلت كسوة الكعبة تصنع في مصر سنة تلو الأخري حتى مرت اكثر من الف سنه وكسوة الكعبة ترسل من مصر إلى مكة ولم يتوقف ذلك إلا قبل قرابة المئة سنة .
إذا ذكرت المصريين ذكرت الحجاج والمعتمرين فإن البعثة الطبية المصرية كانت في الحج لسنوات طويلة هي ابرز ماينفع الحجاج في علاجهم يأتون من اقطار الدنيا لأجل أن يلتقوا بهذه البعثة المصرية ..

إذا ذكرت المصريين , ذكرت الدفاع عن فلسطين وذكرت الجهاد والمجاهدين فصلاح الدين اقام بمصر ,وكثير من قواده منها وابرز المعارك مع اليهود قادها مصريون
ذكر الله تعالى مصر في القرآن وبين الله جل وعلا اسمها صريحا في اربعة مواضع في كتابه , تشريفا لها وتكريما فقال الله جل وعلا (( وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ )) يوسف:21 .
وقال سبحانه (( ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ)) يوسف:99
وقال جل وعلا ((وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا )) يونس:87 ,وقال تعالى قاصا عن فرعون لما قال ((أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ)) الزخرف,ليس هذا فقط بل اشار الله تعالى إلى مصر ولم يصرح باسمها في 30 موضعا في القرآن أيضا .

إذا أردت القرآن وتجويده فالتفت إلى مصر,إذا اردت اللغة والفصاحة فإنك تنتهي إلى مصر,أذا أردت الأخلاق الحسنة وحلاوة اللسان وحلاوة التلاوة والقرآن فالتفت لزاما إلى مصر ,قال الرسول صل الله عليه وسلم عن نهر مصر “النيل وسيحان وجيحان والفرات من انهار الجنة” رواه مسلم .

قال ابن ظهرة عن اهل مصر أيضا [ حلاوة لسانهم وكثرة مودتهم للناس ومحبتهم للغرباء ولين كلامهم وحسن فهمهم للشريعة , مع حسن اصواتهم وطيب نغماتهم وشجاها ,وطول انفاسهم واعلاها , فمؤذنوهم اليهم الغاية في الطيب ووعاظهم اليهم المنتهى في الإجادة والتطريب , ونساءها ارق نساء الدنيا طبعا,واحلاهن صورة ومنطقا , واحسنهن شمائل ,واجملهن ذاتا , ومازلت اسمع قديما عن الشافعي انه قال :من لم يتزوج بمصرية لم يكمل احصانه ]

انها مصر ام الدينا,المواطن المصري له طبيعة خاصة ومختلفة طيبة داخلية وكرم أصيل نابع من كل تم ذكره, المصري لا تغيره المواقف والشدائد بل تجعل منه رجلا قويا وصلبا يتحد الصعاب ليقهرها ,ما يحدث للمصريين في الخارج من ظلم وقهر نتج من المكانة والصفات التي تميز مصر والمصريين عن كثير من شعوب العالم وخاصة العرب ,أوجد حالة من الأستعلاء والاستقواء ضد المصري من ضعف ونقص الطرف الاخر الذي يعلم ان كل ما يفعله لن يغير من طبيعة ومكانة مصر ام الدنيا وأبنائها في الداخل والخارج ,

احيانا البيئة الدينية في بلد معين ونقص الوازع الديني والايمان يكون سببا حقيقا وراء تلك المعاملات ,وايضا الاحساس بالنقص او الغني بعد فقر يعطي الانسان الناقص الغير اصيل حالة من الاستعلاء والنعرة الكذابة لأثبات وجوده وشخصيته امام الطرف الاخر ,أقولها بكل ثقة وليحاسبني رب العالمين ,ان بعض العرب يشعرون بالنقص والفراغ امام المصري ,لذلك تتولد لدي البعض منهم حالة من الكره والحقد وأظهار الذات بأي طريقة تكون ,ليس نحن من أوجدنا تلك المعاملات ولكن هي حالة مكتسبة من أفعال ومراحل بيننا وبينهم منذ مئات السنين ,وقت أن كانت مصر الأغني والأقوي ,هما ألان أغنياء وما زالنا نحن الأقوي .

أن تعرض أي مواطن أجنبي داخل مصر للمعاملة السيئة يربك الدولة بمسؤاليها ,لقد أثارمنذ فترة حادث مقتل الطالب الإيطالي ريجيني الكثير من التسأؤلات حول مدى اهتمام مصر بأبنائها في الخارج الذين لا يلقون معاملة تقترب من قريب او بعيد بما يلقاه مواطنو الدول الأخرى دخل مصر .

هناك حالات اعتداء وإهانات متعددة يتعرض لها المصريين في الخارج في كثير من الدول ، دون موقف حاسم من الدولة حيث أصبح المصريين عرضة فى كل مكان للاعتداء البدنى واللفظى، في ظل تخاذل الحكومة والاكتفاء بمجرد اصدار بيانات او مطالبات بتحقيق دون اتخاذ إجراءات حقيقية على أرض الواقع، ولعل هذا ما يتنافى مع انتفاض الحكومة المصرية وأرباكها في حالة الاعتداء على الأجانب داخل أراضيها,ولماذا هذا التسامح والتخاذل في حق المصريين ,ان ما يتعرض له المصري في الخارج من أهانة وأعتداء هو بمثابة أهانة لمصر وللدولة ذاتها ,أذكر بعض المواقف والأحداث التي توضح مدي المعاملة السيئة للمصريين في الخارج ,في ليبيا، لقي عامل مصري في محل ملابس، مصرعه عندما رفض رد بضاعة لأحد العملاء، ونشوب مشادة كلامية بينهما، تطورت إلى إطلاق العميل النيران على المصري حتى لقي مصرعه على الحال، ثم تلتها حادثة أخرى في الكويت، حين قام أفراد الشرطة الكويتية بالاعتداء على مصري بالضرب، بسبب توجهه إلى قسم الشرطة للإبلاغ عن حادث مروري، وتم فتح تحقيق حضره المستشار أحمد عادل صبحي، ولم يلبث أن هدأ الأمر بعد اعتذار الخارجية الكويتية. أما في السودان، ووسط سلسلة الاعتداءات على المصريين، أقدمت الشرطة السودانية على الاعتداء على أربعة عمال مصريين في الخرطوم بالأسلاك الكهربائية، وسرعان ما تحرك السفير المصري في الخرطوم محمد عبدالمنعم الشاذلي، والقنصل العام أيمن بديع، لتقديم الأدلة الطبية التي تؤكد واقعة الاعتداء على العمال المصريين إلى وزير الداخلية.

وقد ثبت تعذيبهم بالأسلاك الكهربائية، من قبل الشرطة السودانية، التي تدخلت لفض مشاجرة بين عمال مصريين وسودانيين، ووقتها وعد وزير الخارجية السوداني بشير طه، بإجراء تحقيق عاجل مع المتورطين في الحادث.
كما أظهر مقطع فيديو تداوله نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، في يناير الماضي، اعتداء شرطي سعودي على أحد المواطنين المصريين، أمام «فندق الشهداء» بالسعودية، وكشف الفيديو تعرض المواطن لإصابات جسيمة في أنحاء متفرقة من جسده..
وفي اليونان، تعرض عامل مصري للتعذيب والضرب، على يد رئيسه اليوناني صاحب المحل الذي يعمل به، وتم حجزه في أحد العقارات وتناوب الضرب فيه، وتعرض لأبشع أنواع الضرب والتعذيب، مع ربطه في شجرة يوم كامل، ولم تلق السفارة المصرية بالًا للحادثة.

علي الحكومة المصرية أن تتعامل بجدية مع الانتهاكات والأعتداءات التي يتعرض لها المصريين في الخارج، وألا تفرق في المعاملة بينهم وبين معاملة الأجانب، لماذا الدم المصري أصبح رخيصا وبلا ثمن، ولا أحد يهتم بالمصريين العاملين بالخارج، ولا يتحرك أحد فى تلك الجرائم التى ترتكب بحقهم إلا بعد ضغط كبير من وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي, أن تخاذل الحكومة المصرية وغياب دورها في حماية مواطنيها في الخارج وعدم التعامل بشكل جدي مع الانتهاكات والأعتداءات التي يتعرضون لها، أمر مستفز بالنسبة للكثير من المصريين وأصبح غير مقبول,كل ما يحتاجة المصري في الداخل والخارج العدل والحماية والمساواة ,والعدالة الناجزة الوافية أيضا مع كافة المواطنين سواء كانوا مصريين أو غيرهم من الأجانب، بل إن المصريين هم الأولى بالاهتمام والرعاية والحماية والبحث عن حقوقهم الضائعة في مصر وخارجها.
لماذا أصبح دم المصري رخيصا وبلا ثمن، ولا أحد يهتم بهم ، ولم يتحرك أحد فى تلك الجرائم التى ترتكب بحقهم إلا بعد ضغط كبير من وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.، المصريين لديهم عقدة من التعامل مع الأجانب ويشعرون بالأفضلية لهم وبإعطائهم المزيد من الحقوق في الداخل.,وهو ما يؤثر علي معاملاتهم بالخارج ,كان من الأولي ان نعلو بقيمة المواطن المصري في الداخل والخارج ندافع عن حقه ولا نتركه فريسة سهلة للأخرين أصحاب النفوس السيئة الضغيفة , هناك بعض الحالات تعاملت فيها الحكومة المصرية بجدية، كحادث إهانة العامل المصري في الأردن,نريد من الحكومة ان تتعامل مع كل الأعتداءت والأنتهاكات بحق المصريين بقوة وحسم وحكومتنا قادرة علي فعل ذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

إغلاق