مقالات

أسماء محمود تكتب “بحور الذكري”

النسيان هل هو حقيقة فعلا أم مجرد وهم نسعى له حتى نستطيع التعايش مع واقع أُجبرنا على أن نحياه ؟! هل تستطيع القلوب العاشقة أن تنسى من أحبته يوماً أم أننا نتناسى …. نعم النسيان وهم … كل ما في الأمر أننا نتناسى ما نفعله هي حيلة دفاعية تقوم بها القلوب العاشقة التي أنهكتها الأوجاع فـ يُخيل لنا أننا قد ننسى ….. نحب ونذوب عشقاً ونطير في دُنيا الأحلام نصل إلى عنان السماء وفجأة نسقط من فوق السماء السابعة إلى أسفل سافلين … مميتةٌ هي سقطة العاشقين …. البعض يستسلم فـ يموت بالفعل والبعض الآخر يدور في دوامة ويقف على حافة الجنون وهنا يتدخل العقل فـ يُلقى وشاحاً حريرياً على ذاكرة القلب ….. وشاح يُمكِن القلب الجريح من رؤية الماضي بطريقة مشوشة متعمداً ذلك حتى لا يموت كمداً على من فارقوه وغابوا.
متعمدين كانوا أم غير متعمدين ….
هذا الوشاح الحريري الذي غلف ذاكرتي طويلاً حتى أوهمت نفسي أنني قد نسيتك على ما يبدو أنه لم يستطع الصمود أمام طوفان مشاعري فتمزق الوشاح وعُدت أحيّاك يا ( خالد ) كما كنت منذ أن عرفتك أول مرة و كأن السنوات التي مرت لم تستطع بناء جدار النسيان الذى كنت أظن أنني قد بنيته و أقمت منه سداً بيني وبينك يحميني منك ومن ذكراك واكتشفت أن هذا الجدار ينهار كل ليلة عندما آوي إلى فراشي فأجد طيفك يحاصرني فأنهار وتنهار معه كل محاولات النسيان حتى تشرق شمس يوم جديد أُقسم فيه أني سأنساك ثم أبدأ في بناء سدي من جديد ثم تأتي أشبح الأشتياق فـ تُهدم سدي وكأن يأجوج ومأجوج قد بُعثوا من جديد فــ أظل أنا هكذا أدور في حلقاتٍ مفرغة لـ نسيانك ولا أنساك !

لم يُخلق النسيان إلاّ لمن يمتلكون قلوباً قوية لا تكسرها خيبة ولا يُضعفها فراق , قلوب تدفن الخيبات بـ ابتسامة وتكمل حياتها كأن شيئاً لم يكن ! وأنا كنت أظن أنني قوية ولكني أكتشفت أنني فقط أدّعي القوة ولا أمتلكها يكفي أن ينطق أحدهم اسمك فيزلزل كياني يكفيني أن أقرأ حرفاً واحداً كتبته لتنهار كل مقاومتي يكفي ان أسمع كلمة واحدة في أغنية استمعنا لها يوما ما سوياً فـ أعود إلى الحكاية بكل تفاصيلها , لا أعلم لماذا عاودت الكتابة لك من جديد أعلم أن الكتابة من أكبر اعداء النسيان , والكلمات سهامٌ تطعن الذاكرة , الكتابة عزف الروح , ومطر الوجدان ..!!لذلك كسرت قلمي الذى أبى إلا أن يكتبك وظننت أن حبره قد سال ولطخ جدار الذكرى ولن أكتبك من جديد ولكني ها قد عدت لأكتبك بحبر الروح ونزف القلب لا حبر القلم ,,,, لا أعلم لَما عاودت الكتابة الآن هل هي نوبة حنين قوية حطمت كل سُبل المقاومة أم تُراه القلب تمرد على العقل و أعلن العصيان وعاد لـ يطرق أبوابك من جديد أم لأن ذكرى ميلادنا قد اقتربت …هل مازلت تذكرها أم نسيت ذكرانا كما نسيتني يا ( خالد ) هل نسيت ذكرى لقائنا الأول والتي اسميناها ذكرى ميلادنا من جديد هناك حيث منحتنا الحياة صك ميلادٍ جديد حررتنا به من كل أحزان الماضي ومنحتنا صك عبوديتنا للحب ,, حبنا الذى تعاهدنا أن نعيش به وله … ها أنت قد تحررت منه ومازلت أنا أرضخ لـ عبوديتي له بل استلذ بها . كم أنا عاشقة لاستسلامي هل تُراني قد عشقت الأسر أكثر من عشقي للحرية . أنا الحرة الأبيّة مع كل منّ هم سواك . العاشقة لـ عبوديتها لـ حُبك … آآآآهٍ يا ( خالد ) لماذا أتذكر كل كلماتك همساتك …. كل حرف كتبته وكل حرف سمعته منك وكأنه الآن رغم كل هذه السنوات ولماذا أشعر أن الأعوام الثلاث التي فارقتني فيهم وكأنهم ثلاث عقودٍ … كم هي غريبة ومؤلمة لُعبة الزمن لحظات تمنينا أن تدوم مدى الحياة تُسرق من بين أيدينا وتتسربل كما الماء , و أعوامٌ ثقيلة نتمنى أن تنقضى سريعا حتى لو انقضت معها أعمارنا فـ يجئ الأجل ولكهنا تستمر وتستمر كأنها عقودٌ بل قرون تُمعن في عذاب قلوبنا !
أعلم أنه ليس ثمّة نسيان جميل أو سريع و أن لا أحد بإمكانه أن يهديك النسيان قبل وقته أو يبيعك إيّاه قبل أن يتفتّح على أغصانه و أن عليك أن تقتنيه بألمك و أرقك و دموعك هذه هي العملة الوحيدة التي تتعامل بها الأحاسيس في مواجهة الفقدان الكبير وها أنا أدفع هذه العملة كل يوم من قلبي ودمى و مشاعري و احتراق أعصابي ولا أنساك … هل كل هذا لا يكفي لأنساك هل عُملتي التي دفعتها ثمناً لـ نسيانك لا تكفي أم لأنها عُملة مزيفة … نعم مزيفة لأني في قرارة نفسي لا أريد نسيانك …رغم يقيني أن الزمن قد أهداك نسياني
هذا حالى الآن . من شفيف الصمت تحيا كلماتي …بقايا أبجدية تستكين علي مخادع الروح ….تنهل رحيق ياسمين العمر ….و تلتحم بوريقات زهر نيسان ….!! آه من عبق يفيض من رحيقه جمال المعني ، وسحر الكلمات …! آه من ذكريات تتوشح بفيضان من عذب اللقاء …! آه من نسيانٍ تواري في ذاكرته النسيان ليمسي ذاكرة عصية علي النسيان …! و كأن الوقت غيمة ما تلبث أن تغادرني حتي يلحقني مطرها الأبيض زخاتٍ ندية تحيي ما تبقي من أنين المساء كتصفية حساب مع الذكري التي تختال مكابرةً في ماء الأوردة ….!! تنزف وجعاً وتئن تحت نيران الحنين !
فيا ليالي الصمت لا تهتكي ستر القمر ، ولا تترددي بالرجاء علي أعتاب أمنيات الغرام واتركيه ينعم سابحاً في بحر النسيان و أتركيني أنا غارقةً في بحور الذكرى تتقاذفني أمواج الحنين !

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

إغلاق