مقالات

هل اهتز عرش الكتاب المطبوع؟

بقلم الكاتب :الأسد العويضي
متابعة :رضا سليمان
هل اهتز عرش الكتاب المطبوع؟
سؤال ملح طالما تردد بذهنى كثيرا ؛ فالمتابع للثورة التكنولوجية المتقافزة ، يلحظ أن هناك منافسا جديدا عنيدا بدأ يطل برأسه ، بل ويزاحم الكتاب المطبوع فى تحد وعناد !! هذا الوافد الجديد هو الكتاب الالكتروني بكل ما يميزه من بريق أخاذ ؛ ففى ظل ارتفاع أسعار الورق ، نجد أن الكتاب الالكترونى ، يشير إلينا فى غواية و دلال أن هلموا .. ولم لا ؟ فقد أصبح متاحا لشريحة عريضة ممن يعرفون أبجديات التعامل مع الحاسوب ؛ كما إننا بضغطة زر واحدة نبحر عبر خضم هائل من المعلومات المتدفقة، هذا بالإضافة إلى إمكانية البحث بالمفردات والموضوعات .
… ولكن إذا أمعنا النظر قليلا ، فسنجد أن الكتاب الالكترونى ينطوى على قصور خطير ، فأى مبرمج حاذق ، أو قرصان ماهر يستطيع أن يعبث بمحتواه ، كأن يضيف إليه أو يحذف منه شيئا ، بل وربما يتجرأ وينسبه لنفسه !! ففى عالم البرمجيات كل شىء مباح لدى المغامرين ؛ لأن توثيق الأعمال الالكترونية من الصعوبة بمكان فى هذا العالم المثير !
… ومن زاوية أخرى ، فإن قول أبى الطيب المتنبى :”وخير جليس فى الأنام كتاب ”
لم يأت من فراغ ؛ فالكتاب هو بحق أوفى صديق ، فالكثير منا يسعد حين يطالع كتابا يحمل بين دفتيه كنوزا من المعارف ، تجعل الإنسان يسبح فى فضاء لا نهائى من المتعة والسعادة ، أضف إلى ذلك أن متعة شراء الكتب لا تضاهيها متعة ، أو حين يقلب المرء فى مكتبته الخاصة فإنه يحس بألفة مع كتبه ، فيتذكر مثلا تاريخ شراء بعضها أو مناسبة شرائه كمعرض أو احتفالية أدبية ، بل وربما يستهويه الخيال فيتجسد أمامه الكاتب جالسا يخط بقلمه ، فهاهو أمير الشعراء تحيطه السكينة حينما جلس يبدع الهمزية النبوية ، وهذا عميد الأدب العربى يملى كتابه ” الأيام ” ، و ذاك المعرى يبدع رسالة الغفران…………..
…كما إن الكتاب المطبوع أصبح جزءا أصيلا من حياتنا ، نألفه ونتفاعل معه … ملمسه ، رائحة أوراقه … لهفتنا عليه ، هذا بعكس التعامل مع الكتاب الالكترونى الجامد ، فليس كلنا متاحة أمامه فرصة التصفح الدائم ، وهل سيمسك المرء حاسوبا بيده إذا جلس للاستجمام على شاطىء النهر ، أو إذا آوى إلى فراشه ؟!
إذا هذه قناعة شخصية بأن الكتاب المطبوع مايزال متربعا على عرش المعرفة وعروش قلوبنا دون منازع ، بل مازالت المطابع تخرج لنا من يانع ثمارها كل وقت ؛ مع عدم إغفال الاستفادة من التقنيات الحديثة لخدمة الأدب والثقافة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

إغلاق