الأدب و الأدباء

وحيد القرشي يكتب”حدوتة شهرزاد”

قصة الاسبوع “تجربة حياة”

اليوم بدء العام الدراسي الجديد,هل ستحكي لي جدتي شهرزاد ,حدوتة قبل النوم أم لا ,دائما تسألني وقت نومي, ماذا فعلت اليوم وماذا أستفد,وعندما احكي لها عن ما حدث لي,تربط بين مشهد من تلك المشاهد العابرة اليومية في حياتنا,وتحكي عنه حكاية ورواية ,هي موسوعة من الحكايات والروايات ,ولا اعلم من اين أتت بتلك الحكايات الممتعة الشيقة المستفاد منها كثيرا.

منذ كنت طفلا صغيرا, وهي تحكي لي حدوتة قبل النوم,والان انا في الصف السادس الابتدائي ,ولم يتغير شئ,تعلمت منها الكثير,وأخذت عنها الكثيرأيضا ,كل حدوتة لها موقف معين يستفاد منه,تحبني كثيرا وانا كذلك,لقد أدمنت الجلوس معها طوال وقتي ,وليس وقت النوم فقط,,حكيمة في كل شئ,تقيس وتتعامل مع الامور الغلاظ بيسر وتروي,وعدم أستعجال,وتبرهن في قراراتها علي المستقبل والقادم ,لذلك نجد معظم قراراتها سليمة حكيمة,وصائبة,يلجئ لها الجميع في المشورة والسؤال ,هي الزهرة المضيئة والنور الساطع الذي نتعلم ونقتبس منه.

-صباح الخير يا جدتي
-صباح الخير يا وحيد ,اليوم بدء العام الدراسي الجديد ,كنا فرحا ومسرورا وتقبله ببهجة وتعلم
-حاضر يا جدتي ,كل عام وانتي بخير
-أخذت وجبة الافطار معك
-نعم يا جدتي
-حافظ علي نفسك وتعامل بلين واحترام ,وكن حريصا في تعاملاتك مع الغرباء,حتي تعلم ما يريدون منك
-وهل يوجد غرباء في مدرستي يا جدتي
-لا أقصد في مدرستك,وانت في طريق ذهابك وعودتك ,ستقابل الكثير من الناس لا تعرفهم ,ولا تعلم عنهم شئ ,كن حريصا في تعاملاتك معهم
-حاضر يا جدتي

اليوم الاول بالنسبة لي وللجميع شئ ممتع ولحظة لا تنسي ولهفة وأشتياق وتذكر لما كان ,ألتقي بأصدقائي ,الذين غابوا عني طيلة فترة الاجازة,ولم أري منهم الا القليل ,القريبين من مكان سكني وأقامتي ,واليوم نتجمع ونعيد ما كان من ذكريات جميلة بيننا,جدتي شهرزاد كانت تقول لي دائما ,أن أجمل لحظات العمر نجدها مع الأصدقاء والمقربين لنا,سوف نجد الفرحة والسعادة,والامل والنور والغد المشرق القريب,لذلك لا نضيع تلك الاوقات واللحظات دون الاستفادة منها والأستمتاع بها ,تعرف الصداقة بأنها العلاقة الإنسانية الحميمة التي تربط اثنين أو أكثر من الناس معاً، و مبنيةً على الاحترام المتبادل والمودة والصدق والأمانة، ، فقد قيل فيها جميل القول على اختلاف تجارب الناس في حياتهم,ولكنها ستظل أجمل وارقي ما يجمع بين البشر وبعضهم .

محمد حبيبي ومعه ماجد صديقي العزيز,بيني وبينهما أمتار قليلة,ألتقاء الاصدقاء بعد غياب شوق ولهفة وأحتضان لا ينتهي ,يزداد مع الايام وكثرة الالتحام,وحتي لو كبرنا وبعدنا وفرقتنا الايام ,تظل تلك الايام محفورة في القلب,لا تنسي ,نتذكرها بين الحين والاخر,في لحظة وقت التفكر والحنين لما كان,وصداقة الطفولة صخرة ثابتة في القلب بنبض لا ينتهي ولا ينقطع,قد يختفي وتنسي للحظات عبر صعوبات الحياة,وعند التفكر للماضي ستكون تلك اللحظات حاضرة بقوة دون أنقطاع ,وبحب وأشتياق ولهفة لما كان,فالصداقة حلم وكيان يسكن الوجدان.

بعد الاحتضان والقبلات والحديث الذي لا ينقطع,وتحية العلم الممزق منذ سنوات عدة ولم يغير ,لقد أعتقد في يوما من الايام ان هذا العلم منذ أيام جدتي شهرزاد عندما كانت طالبة,ونسيت أسالها عن ذلك ,وبعد طابور الصباح الممتع الشيق ,تم تقسيمنا في الفصول,والحمد لله,فصلنا كما هو,لم يتغير منذ الصف الاول الابتدائي وانا اسعد وسعيد بتلك الايام ,والتقائي بأصدقائي مرة أخري , بدئت الحصة الاولي ,ودخل علينا الاستاذ أبو الوفا مدرس اللغة العربية,هو أخنف وحنجوري ,يخلط بين الكلمات عندما ينطقها ,فتنهال عليه الضحكات والاهات,فيغضب ويثور,ولا نستفد من شئ في حصته سوي الضحك والحركات البهلوانية التي يفعلها,حصته الاولي كانت للتعارف والمصالحة والود لنبدء عام جديد بيسر وحب,اما الحصة الثانية كانت ألعاب ,الجميع يفرح بها وننتظهرها بلهفة وفرحة,للنزول لأرض الملعب ولعب كرة القدم والسلة ,بعد ربع ساعة من التمارين الرياضية مع مدرسنا الاستاذ سعفان المحبوب من الجميع ,بطيبة قلبه وهدؤه التام الدائم,وبعد ساعات معدودة وممتعة,انتهي اليوم الاول من العام الدراسي الجديد
-أشتقت لك كثيرا يا صديقي وحيد
-وانت اكثر يا محمد
-أين باقي أصدقائنا
-في طريقهم ,لنتجمع كالعادة لحظة الخروج ,لنودع بعضنا بعضا علي امل ان نلتقي في اليوم التالي بحب وود لا ينقطع ولا ينتهي ,واليوم الاول انتهي بخير ,والحمدلله,كل عام والجميع بخير ,وبعد ساعتين من الضحك واللهو والمتعة ,أستئذنت من أصدقائي للعودة والرجوع للبيت ,الشئ الغريب أننا أثناء عودتنا ,وجدنا علي جانب الطريق ,رجلا يشبه المتسولين في الشوراع,أقتربنا منه بحذرا وحرص لنعرف ما به,وعندما أقتربنا منه وجدنه يمسك في يده المصحف ويقرأ القران بهدوءا تام ,وبصوت جميل وممتع ,أستغربنا من ذلك ,فأردنا الحديث معه لنعرف ما به.
-مالك يا جدنا تجلس هنا ,وعلي هيئتك هذه,هل يمكن مساعدتك في شئ
-لا يا أبنائي ,كل ما اقوله لكم حافظوا علي قراءة القران,واجعلوه جليسكم في معظم أوقاتكم
-حاضر يا جدنا,هل تحتاج منا شئ
-لا يا أبنائي ,كيف أحتاج ,ومعي كل شئ
-حفظك الله يا جدنا
-وحفظكم يا أبنائي ,في رعاية الله وأمنه

وبعد العودة للبيت ,قضيت يومي كالمعتاد,وجاء وقت النوم,فذهبت لحجرة جدتي لأنام معها كالعادة,وسألتني عن ما حدث خلال اليوم الاول من الدراسة,وحكيت لها عن كل ما حدث ,وعن الرجل الذي يشبه المتسولين في الشوراع,وبعد حديث ممتع معها ,حكت لي حدوتة قبل النوم ,فقالت:كان ثلاثة من الاصدقاء يسيرون في طريق قريتهم المظلم في وقت متاخر من الليل ,وكانوا يتحدثون ويتسامرون فيما بينهم واثناء مرورهم في الطريق ,وجدوا رجل يجلس تحت شجرة ,فذهبوا اليه ليعرفوا ما به ,وكان رجل مسن ,فقال له احدهم: لماذا تجلس هنا في وقت متاخر يا جدي ,قال الرجل يا بني اجلس هنا بعيدا عن قسوة الحياة,وظلم البشر للبشر,وشرهم الذي لا ينتهي, ليطمئن قلبي ويستكين ,ويسكن وجداني وعقلي ,وأستمتع بقراءة القران بتدبر ,واذكر ربي واناجيه بالدعاء,عسي ان يرحمنا برحمته التي وسعت كل شئ ,فقال واحد منهم يا جدي, ماذا تعلمت من الحياة,وماذا كانت تجربة الحياة بالنسبة لك ,فقال الرجل: تعلمت انه كلم عرفت شئ ظهر شئ اخر لم اعرفه, رغم وصولي لسني هذا , انني اشعر بانني لم اتعلم شئ قط ,وما زلت أتعلم ,وفي كل مرة اتعلم فيها شئ ما ,تجدني ابحث عن شئ اخر اتعلمه ,وهكذا الحياة وسوف تستمر هكذا ليوم القيامة ,ودائما الحياة تعطيني ما نحتاجه في وقت متأخر,او ربما في وقت قد نسينا الشئ الذي كنا نبحث عنه ,واتجهنا لشئ أخر, ,وبعد عسرات كثيرة ,لذلك علينا السعي والتوكل علي الله والرضا بما قسمه لنا ,لان ما قسمه الله لنا ,هو خير في كل شئ ,قال الاخر: بماذا تنصحنا يا جدنا ,’قال حافظوا علي القران, واقرؤه بتدبر واعملوا بما فيه ,ففيه كل شئ مصدقا لقول الله تعالي” وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ” صدق الله العظيم
العبرة هنا يا بني اننا مهما كبرنا لم نتعلم ونعرف كل شئ,فالحياة تعلمنا الكثير والكثير,وسوف نتعلم من تجاربها الي يوم مماتنا , والله انزل لنا دستورنا القران الكريم لو حافظنا عليه وقرانه بتدبر وفهمنا ما فيه ارتاحت عقولنا وقلوبنا لان فيه صلاح كل شئ,وهديتنا للطريق المستقيم.
-تصبحي علي خير يا جدتي شهرزاد,أنام لأستيقظ مبكرا,للذهاب لمدرستي
-وانت من أهل الخير والسعادة يا وحيد

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق