الأدب و الأدباء

قراءة نقدية لقصة”حادثة الكلبة”للروائي/وحيد_القرشي

بقلم الشاعر والاديب:اشرف عبد الفتاح الشربيني
في استخدام بديع لأهم مقوًمات القصة أعاد لنا الكاتب الكبير الأستاذ/وحيد القرشي صياغة الواقع بطريقة مُكثّفة مما يجعل المتلقِّي للقصة وكأنه يعيش مع أشخاص القصة،ويشعر بتفاصيل حياتهم التي تشبه إلى حد كبير حياة معظم الناس..يبدو ذلك في استقبال (حسين) لخبر وفاة ابن صديقه(سعد) الشاب (حسام)الذي يبلغ من العمر الثامنة عشر..والذي تجمعه علاقة غير عادية بوالده..وإحساس (حسين) بحجم المصيبة الكبير التي حلّت بصديقه (سعد)بوفاة فلذة كبده في حادث أليم…ومع توالي الأحداث وتشابهها مع ما يحدث دائمًا في مثل هذه المواقف في معظم البيئات المصرية.. يلتقى الصديقان حسين وسعد ليفتح الأخير صدره لصديقه ويخبره بحادثة الكلبة التي يعتقد أنها هي السبب فيما حدث له من فقد عزيز لابنه الشاب حسام،وأن الله اراد له أن يتجرع من نفس الكأس التي أذاقها هو للكلبة في فترة شبابه ولهوه وعبثه..ثم تتحول الأحداث بنا إلى أن نري(سعدا)وقد أصبح عابدًا لله طائعًا له،نادمًا على ما فعله من ذنوب،قارئًا للقرآن ،تاركا الدنيا بكل مافيها متفرغا للاستغفار والتوبة عل الله يغفر له ذلاته ولهوه وعبثه في صباه وشبابه…وتتوالى الأحداث ببراعة وسلاسة وتعلو دراما الحدث بظهور (الرجل المسن) الذي جاء ليعيد بناء الحدث من جديد بإخبار سعد بالحقيقة وتبرئته من ذنبه بأنه ساهم في رحمة الكلبة من آلامها وضررها لمن حولها بعد إصابتها بالمرض ليكون مخلّصا لها من شدة الألم..فترتاح نفس سعد وتكون هذه أول بارقة أمل في حل العقدة في قصتنا الشيقة البديعة… ثم تكتمل الحبكة الدرامية بقلم المبدع وحيد القرشي بان يستدعى سعد إلى بلدته ليقوم بالإصلاح بين أخيه (جابر ) وبين شريكه (عبد الصمد)…وتعقد محكمة إلهية بدون ترتيب مسبق وكأنما ساقها القدر ،وكان علي موعد مع الحق والعدل وإظهار الحقيقة..ليعترف عبد الصمد بتفاصيل المكيدة و الاتفاق الخطير الذي عقد بينه وبين جابر شقيق سعد ليتوقف الكون للحظات ويعلو صوت الحقيقة مدوّيا في ساحة العدل ليصمت الجميع …ويكون الختام الرائع للمبدع وحيد القرشي ختاما يدل على عمق اتصال هذا الكاتب بالله وتمسكه بدينه وذلك حينما يلفظ سعد الدنيا ويسرع إلي الفوز بالآخرة لينهض ويتوضأ ويصلي ويستغفر ربه ويدعوه أن يتقبل أمنيته ويموت ساجدا وتتحقق له امنيته التي تمناها…
وهذه القصة للروائي الكبير/وحيد القرشي أحداثها تدخل القارئ في تفاصيلها لتجعله وكأنه شاهد على أحداثها من قرب وهذا تمكن يحسب للكاتب الكبير..ودائمًا نري أحداث قصص الكاتب تتم على أرض الصعيد فهو يعشق تراب وطنه فقصصه تأخذ البعد المكاني في أرض الصعيد منشأ أديبنا الكبير.. وهذه القصة البطل فيها(الضمير)الذي كان قائدا للأحداث منذ بدايتها..فقد امتلك الكاتب منذ بدايتها ناصية الأحداث مصاحبا للتكنيك الفني المتطور في السرد والحكْي دون ملل صعودا ،وهبوطا…وكعادته نري الكاتب يغوص في أعماق النفس البشرية بخيرها ،وشرها..ولكننا دائمًا نرى (قدرةالله) في أعماله،وكتاباته الرائعة..واللغة لديه معبرة عن الأحداث والمواقف والأفكار بِكْر ومدهشة وقد أجاد الكاتب بناءها بطريقة فنية متطورة فقدم بذلك إضافة حقيقية تجعل القارئ يتطلع بشغف ولهفة إلى عمله القادم.

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

إغلاق