الرئيسة

رأي الاسلام في التطرف والارهاب

متابعة : عزت جبر

مسألة الإرهاب من المسائل التي أصبحت تشغل مساحة كبيرة من الاهتمامات السياسية والإعلامية والأمنية، فهنا كان لازما ان نوضح رأي الدين من هذه الظاهرة الخطيرة حيث ينبغي أن تظهر وجهة النظر الاسلامية واضحة جلية، بالقدر الذي يكشف عن حقيقة الموقف الإسلامي من الظاهرة الإرهابية وممارساتها، ويبين الحلول والتدابير المناسبة لمواجهتها ومحاصرتها، ومعالجة آثارها في المجتمع. ولا تقف عند حد دفع الشبه والأباطيل الملفقة ضد ديننا الحنيف

وفي هذا الاطار أحاول من جانبي أن أسهم بهذا البحث في تقديم رؤية في هذا الموضوع، وتحليل جوانبه، تتناول رأي الدين في الارهاب فقهاً وتطبيقاً- من زاوية النظر الإسلامية التي يحددها كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وفي الجانب التطبيقي ننوه بالجهود التي تبذل لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة عربياً وإسلامياً وعالمياً، وإظهاراً لحقيقة الإسلام، ورداً على المزاعم المفتعلة ضد الاسلام والمسلمين

ومن الواجب علينا جميعاً أن نستنكر هذه الأعمال التي فجأت مجتمعنا الوادع الآمن، ونشجبها، وندين مرتكبيها، ونتنبه إلى ما فيها من الخطورة على الأمن والاستقرار الذي يسود بلدان العالم ونتعاون على مواجهتها واجتثاث أسبابها بملء الجد والحزم والاهتمام.وإنه ليعز على كل مؤمن صادق أن يرى أيدي بعض المنتسبين للإسلام تتلوث بجرائم الإرهاب، ليفسدوا في الأرض، كما قال الله تعالى: ((وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون.ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون)).[البقرة:10، 11]

ومن اجل معرفة رأي الاسلام في التطرف والارهاب اسرد ما جال به الاستاذ الدكتور محمد حسين علي محاسنة في سردة لرأي الاسلام في التطرف والارهاب في احدى ابحاثه المنشوره حيث قال :
الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها ، والتطرف أحد اشكال الفتنة الواجب تركه تركا للعقل والتحلي بالايمان.
التعريف اللغوي للتطرف: لم ترد كلمة التطرف في الكتاب والسنة ، وليس له أصول شرعية ، بل استعمل للتعبير عن مفهوم ( الغلو في الدين ): والتطرف الوقوف في الطرف بعيدا عن الوسط ( تجاوز حد الاعتدال ) كما عرفه شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ، وموضوع التطرف قد يكون فكريا أوسلوكيا ، وهو يختلف عن التدين: وهو الالتزام بأحكام الدين والسير على منهاجه ، وهو مطلوب ومرغوب فيه ، يعود بالخير والفلاح على أصحابه ، وعلى المجتمع ( فهم صحيح لنصوص الديــن والتمســك بالتعاليــم الدينية والقيم الاخلاقية.
والغلو: الارتفاع في الشيء ومجاوزة الحد فيه ، ومنه قوله تعالى: ( لا تغلوا في دينكم ) (1)
وقال ابن الاثير: « أياكم والغلو في الدين. واصل الغلاء: الارتفاع ومجاوزة القدر في كل شيء ، يقال غاليت الشيء بالشيء اي جاوزت فيه الحد.
ولقد ورد لفظ الغلو في القرآن الكريم في وصف التطرف وقد نهى الله عنه في قوله تعالى: ( يا اهل الكتاب لا تغلّوا في دينكم ولا تقولوا على الله الا الحق ) صدق الله العظيم (2)
وقال تعالى ( قل يا اهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلّوا من قبل وأضلّوا كثيرا وضلّوا عن سوآء السبيل ). (3)
ودعا الله تعالى في كتابه العزيز الى الاستقامة والتمسك بها ، وعدم الغلو في الدين ، قال تعالى: « فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا انه بما تعملون بصير. « (4)
وقال تعالى: ومن يتعدّ حدود الله فأولئك هم الظالمون « (5) وتعدي الحدود يعني التجاوز ، والحدود هي النهايات لكل ما يجوز من الامور بها وغيرالمامور.

1ـ تاج العروس من جواهر القاموس ، محمد بن عبد الرزاق الزبيدي ، دار الهداية ، ابن تيمية اقتضاء الصراط المستقيم.
2ــ سورة النساء ، آية 171.
3ـ سورة المائدة ، آية 77.
4ـ سورة هود ، آية 112.
5ـ سورة البقرة آية 229.
الحكمــــة من نهي الاسلام وتحذيره من التطرف :
1- نهى الله سبحانه وتعالى في كتابة العزيز عن التطرف الديني وهو( الغلو ) وأن الله سبحانه وتعالى بين أن القرآن الكريم هو أساس الدين واصله حيث قال تعالى « تبيانا لكل شيء « (1)
وقال تعالى « انا أنزلنا اليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما آراك الله. (2)
والرسول عليه الصلاة والسلام يبلغ ويبين للناس عن أمر دينهم ، وان الغلو فيه زيادة تعني خروجا عن قاعدة الوسط في الاسلام الى حد الانحراف والتفريط ، وهو امر مرفوض في الاسلام.
2- الاسلام دين توحيد ، وقد نهى الله عز وجل عن التفرق والاختلاف الذي يعد التطرف في الدين أحد أسبابه ، قال تعالى: « ان الذيـن فرقوا دينـــهم وكانـوا شيعا لسـت منـهم في شـىء. (3)
3- والتطرف في الدين فيه مشقه وهو يتعارض مع تعاليم الاسلام الداعية الى اليسر ورفع الحرج ، فيسر الاسلام خاصة من خصائصه ، التي امتاز بها عن من سواه من الاديان ، قال تعالى « الذين يتبعون الرسول النبي الامي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراه والانجيل يامرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم أصرهم والاغلال التي كانت عليهم فالذين امنوا به وعزروه ونصروه وأتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون.(4) الاعراف 157.
الاسلام حرم التطرف والغلو في الدين ، لان التطرف صد عن سبيل الله بما يسببه من تشويه وتنفير
وهناك أحاديث كثيرة تنهى عن التطرف ( الغلو ) :
عن ابي هريره رضي الله عنه ، عن النبي عليه السلام قال: « ان هذا الدين يسر ، ولن يشاد الدين أحد الا غلبه ، فسددوا وقاربوا وأبشروا ، وأستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة « اي لااحد يتعمق في الاعمال الدينية ويترك الرفق.(1)
عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اياكم والغلو في الدين ، فأنما اهلك من كان قبلكم الغلو في الدين.
والمراد هنا بمن قبلنا: أهل الاديان السابقة وقد خاطبهم القرآن بقوله: « قل يا أهل الكتاب لا تغلو في دينكم غير الحق ولا تتبعوا اهواء قوم قد ضلّوا مـن قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سـواء السبيـل «. (2)
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « هلك المتنطعون « قالها ثلاثا ، قال النووي هلك المتنطعون اي المتعمقون المغالون المجاوزون الحدود في أقوالهم وافعالهم.(3)
وروي عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه قال: « يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ، ينفون عنه تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين «.(4)
1- حديث شريف ، صحيح بخاري.
2- سورة المائده ، آية 77.
3- حديث شريف ، صحيح مسلم.
4- حديث شريف ، رواه مسلم وبخاري ، ج1 ، ص93.
وقد شرع الاسلام من العبادات ما يزكي نفس الفرد ، ويرقى بها ، وما ينهض بالجماعة كلها ، ويقيمها على اساس من الأخوة والتكافل ، فأركان الاسلام عبادات ، لا تعزل الانسان عن الحياة ولا عن المجتمع ، بل تزيده ارتباطا به شعوريا وعمليا ، ومن هنا تعتبر الارض كلها محرابا للمؤمن ، والعمل فيها عبادة وجهادا اذا التزم بحدود الله.(1)
ولم يشرع الاسلام الرهبانية التي تفرض على الانسان العزلة عن الحياة وطيباتها والعمل لتنميتها وترقيتها ، ولا يقر ما دعت اليه الديانات والفلسفات الاخرى من أهمال الحياة المادية لأجل الحياة الروحية ، ومن أهدار شأن الدنيا.
قال تعالى « ربنا آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة « (2)
و في صحيح مسلم عن ابي هريره قال رسول الله صلى الله علية وسلم ، اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة امري ، واصلح لي دنياي التي فيها معاشي ، واصلح لي آخرتي التي اليها معادي ، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير.. صحيح مسلم في كتاب الذكر والتوبة والاستغفار.
حركات ( جماعات ) متطرفة تعمل باسم الاسلام يجب نبذها:
في العالم الاسلامي اليوم بعض الحركات المتطرفة ، وقد انتهزت بعض وسائل الاعلام الغربية فرصة وجود هذه الحركات المتطرفة في بعض البلاد الاسلامية لتربط بين الاسلام والتطرف ، بالرغم من ان مشكلة التطرف مشكلة عالمية ، تشكو منها جميع الدول ، وقد تجاهلت وتناست وسائل الاعلام أنه لا يوجد نظام في الدنيا يحارب التطرف مثلما يحاربه الاسلام.(3)
وقد أغلق الاسلام أبواب الفتنة ، وحذرهم منها ، وأمرهم بالتعوذ من الفتن ما ظهر منها وما بطن.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

إغلاق