اقتصاد وبورصة

الموازنة الأكبر كما وكيفا فى تاريخ مصر لمراعاة الأبعاد الإجتماعية والطبية ودعم التعليم بشكل غير مسبوق

مقال رأي بقلم د.محمد عبد العزيز كاتب وباحث اقتصادي ومتخصص في الشئون الأفريقية .

يعد مشروع الموازنة العامة للدولة هو مقترح أو خطة الإيرادات والنفقات المتوقعة خلال عام قادم يبدأ من ١ يوليو وينتهي في ٣٠ يونيو وهذه هي السنة المالية لدى الجهاز الإداري للدولة وتمر عملية إعداد الموازنة العامة للدولة بعدة مراحل بداية من إعداد كل وحدة حسابية بالدولة لمشروع الموازنة الخاصة بها وتتم مناقشة ذلك المشروع مع كل من وزارتي المالية والتخطيط إلى أن يتم الإتفاق على المبالغ النهائية لكل باب وكل بند من أبواب وبنود الموازنة وتقوم وزارتي التخطيط والمالية بعرض مقترح عام للموازنة العامة للدولة ككل ويعرض هذا المقترح على مجلس الشعب المصري للتصديق على هذا المقترح والتعديل فيه أن لزم الأمر قبل اعتماده رسميا . . تم إطلاق النسخة الأولية من موازنة العام الحالي ٢٠٢٠-٢٠٢١ في شهر مايو الماضي على موقع وزارة المالية الإلكتروني بهدف المشاركة المجتمعية للمواطنين في تحديد الأولويات للإنفاق الحكومي وتلك المشاركة المجتمعية خطوة جديدة وسباقة إتخذت بها المؤسسات الحكومية المعنية بقضايا الاقتصاد في السنوات الأخيرة تماشيا مع الشفافية وتوجه الإدارة السياسية لمكافحة الفساد المالي والإداري والإعلان الدائم عن كل ما من شأنه إصلاح الاقتصاد المصري وذلك منذ بداية برنامج الإصلاح الاقتصادي في عام ٢٠١٦ وكان لذلك الأمر تقدم كبير لتصبح مصر ثاني أكبر دولة في مايخص شفافية الموازنة في الشرق الأوسط ككل حيث تقدمت مصر ٢٧ نقطة في ما يخص شفافية الموازنة العامة للدولة على مستوى العالم أجمع منذ عام ٢٠١٥ وحتى ٢٠٢٠ مما دفع إلى موافقة صندوق النقد الدولي بشكل مبدئي على منح قرض دعم لمصر لمواجهة كورونا بقيمة ٥.٢ مليار دولار .

تعد الموازنة الحالية هي أكبر موازنة في تاريخ مصر حيث جائت في ظل أزمة تفشي وباء كورونا وضرورة زيادة الدور المجتمعي للدولة في مواجهة تداعيات وباء كورونا سواء في زيادة الدعم الموجه لمحدودي الدخل أو زيادة الإنفاق على قطاعات التعليم في ظل زيادة الإعتماد على نظم وتكنولوجيا التعليم عن بعد بالإضافة إلى زيادة الإنفاق على القطاع الطبي وعمليات التطهير والتعقيم وزيادة دعم الدولة للقطاعات الأكثر تضررا مثل قطاعي السياحة والطيران وكان لمصر القدرة على اتخاذ خطوات استباقية واضافية على أعباء موازنة العام المنصرم لدعم كل تلك القطاعات لذلك تمت مراعاة كل تلك القطاعات بشكل استباقي عند إعداد الموازنة العامة للعام الحالي خاصة وأن آثار كورونا على الاقتصاد العالمي والإقليمي والمحلي سوف تستمر لأكثر من سنتين في أفضل التقديرات الدولية وزاد الانفاق الحكومي في موازنة العام الحالي بنسبة ٦% عن مثيله في موازنة العام الماضي حيث بلغ إجمالي الإنفاق الحكومي للموازنة الحالية ١.٧ تريليون جنيه كما زادت الإيرادات في موازنة العام الحالي بنسبة ١٨% مقارنة بالعام الماضي لتبلغ ١.٣ تريليون جنيه في العام الحالي ومن المتوقع تراجع العجز الكلي للموازنة نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي في الموازنة الحالية ليصل ٦.٣% مقارنة بنسبة العام الماضي وهي ٧.٩% وتضم الموازنة العامة للدولة ٨ أبواب في جانب الاستخدامات أو النفقات وفقا للتقسيم الاقتصادي المصري لتغطية كل أوجه النفقات وتضم أيضاً الموازنة العامة للدولة ٥ أبواب في جانب الموارد تغطي كافة أوجه الإيرادات الحكومية التي تستخدم لتمويل جانب النفقات . . ظهر مفهوم المواطن الأولى بالرعاية جليا في الموازنة الحالية من خلال مراعاة الجوانب الاجتماعية والاقتصادية نتيجة تفشي وباء كورونا والمواطن الاولى بالرعاية مفهوم جديد وأشمل من مفهوم المواطن محدود الدخل لأن الضرر الاقتصادي نتيجة تفشي وباء كورونا قد يصيب بعض العاملين في القطاعات الاقتصادية التي تحقق دخلا جيدا ولكن اثار تفشي وباء كورونا تصيبهم بالضرر أكثر من غيرهم مثل قطاعي السياحة والطيران ومفهوم المواطن الأولى بالرعاية لا تعني أن المواطن في حاجة للدعم المالي فقط فقد يكون في حاجة لدعم طبي ومجتمعي أكثر من الدعم المالي لذلك فإن مفهوم المواطن الأولى بالرعاية يعبر عن إرادة سياسية قوية في مراعاة صالح كافة المواطنين سواء محدودي الدخل أو غير محدودي الدخل وتركز الموازنة الحالية على الطبقة المتوسطة التي تعتبر القطاع الأكبر من الشعب المصري بهدف إعادة توزيع دخول الدولة من الضرائب والرسوم وبيع الأصول المالية لتثبيط آثار كورونا الانكماشية على الاقتصاد العالمي ككل بما كان له الأثر في استدامة النمو في الاقتصاد المصري رغم تراجع معدلات النمو الاقتصادي في العالم أجمع لأن مصر كانت من أوائل الدول التي أخذت بسياسة الحظر الجزئي وليس الحظر الشامل جانبا إلى جنب مع حزم الدعم لمختلف القطاعات مثل البورصة والسياحة والطيران والبناء وغيرها الكثير وكان للجانب الاجتماعي عظيم الأثر في استدامة النمو المالي والاستقرار النقدي والحد من التضخم وتهيئة المناخ لعودة الحياة الاقتصادية سريعا بالإضافة إلى القدرة على مواجهة الصدمات الخارجية الناتجة عن التقلبات الاقتصادية الحادة في التجارة العالمية والبورصات العالمية بسبب تفشي وباء كورونا .

تم توجيه الزيادة في الإنفاق الحكومي في موازنة العام الحالي إلى عدة قطاعات ومبادرات أهمها :- . زيادة مخصصات الرواتب لتصل إلى ٣٣٥ مليار جنيه . تخصيص ٣٦ مليار جنيه لمبادرات جديدة في قطاعات الصحة والتعليم الجامعي وقبل الجامعي والتضامن الاجتماعي . زيادة الاعتماد على المنتج المحلي وتقليل الاستيراد وإطلاق المبادرة الرئاسية لتشجيع استهلاك المنتج المحلي . . مراعاة زيادة معدل النمو السنوي في الأجور للعام الحالي عن معدل التضخم المتوقع للعام الحالي . . زيادة اعتمادات ضخ الغاز الطبيعي للمنازل لعدد ١.٢ مليون وحدة سكنية جديدة . . زيادة مخصصات دعم الصادرات المصرية بمليار جنيه إضافية . . ضم العلاوات الخمسة لاصحاب المعاشات بلغت ٣٥ مليار جنيه . . زيادة واستمرار التنفيذ التدريجي في منظومة التأمين الصحي الشامل بقيمة ٤.٢ مليار جنيه . . زيادة بدل أعضاء المهن الطبية ورفع مكافأة أطباء الامتياز من ٤٠٠ إلى ٢٢٠٠ جنيه . زيادة قدرات الحجر الصحي ورفع كفاءة المعامل الطبية . . وبالمقارنة مع ما تم إنفاقه في موازنة العام الماضي نجد أنه تمت زيادة مخصصات الإنفاق على القطاع الطبي بنسبة ٤٧% مقارنة بالعام الماضي لتصل إلى ٢٥٨.٥ مليار جنيه مقابل ١٧٥.٦ مليار جنيه للعام الماضي وذلك لتفادي تأثيرات جائحة كورونا . . تم وقف العمل بقانون ضريبة الاطيان لهذا العام لزيادة الدعم الاجتماعي للفلاحين هذا العام . . تخصيص ٨ مليار جنيه لهذا العام في مبادرة حياة كريمة للقرى الأكثر فقرا . . زيادة مخصصات معاش الضمان الاجتماعي تكافل وكرامة بنسبة ٣% مقارنة بالعام الماضي بزيادة تفوق نصف مليار جنيه عن العام الماضي . . زيادة مخصصات دعم تنمية الصعيد بنسبة ٢٥% عن العام الماضي . . زيادة مخصصات التعليم بحوالي ١٥% عن العام الماضي لتصل إلى ٣٦٣.٦ مليار جنيه . زيادة الاستثمارات الحكومية بحوالي ٣٣% عن العام الماضي لتصل إلى ٢٨٠.٧ مليار جنيه . زيادة الاستثمارات في قطاع التعليم بنسبة ٦٦% مقارنة بالعام الماضي . . زيادة الاستثمارات في قطاع الخدمات العامة بنسبة ٤٢% مقارنة بالعام الماضي . . زيادة الاستثمارات في قطاع الإسكان والمرافق بحوالي ٢٥% مقارنة بالعام الماضي . . يرجح معظم خبراء الاقتصاد المحليين والدوليين استمرار التوقعات الإيجابية للاقتصاد المصري خاصة بعد ما تم إنجازه في موازنة العام الماضي وما هو مقرر إنجازه في العام الحالي لمواجهة آثار تفشي وباء كورونا وبعد ما تم إنجازه في الاقتصاد المصري منذ بداية برنامج الإصلاح الاقتصادي في ٢٠١٦ ، وتعد مصر من الدول القليلة على مستوى العالم التي سوف تحقق معدل نمو موجبا للعام الحالي لن يقل عن ٣% في أقل التوقعات الدولية وليست المحلية ؛ مما يدفع الجميع للإستثمار في مصر خلال ما تبقى من العام الحالي ٢٠٢٠ ، وتعتبر البورصة هي مرآة الاقتصاد ويلاحظ موقف البورصة المصرية القوي في ظل أزمة تفشي وباء كورونا رغم ما تعانيه البورصات العالمية حيث إرتفع مؤخرا رأس المال السوقي للبورصة المصرية الرئيسية وبورصة النيل معا بمقدار ١٠.٠٤% ما يعادل ٥٩٠ مليار جنيه بنهاية الربع الثاني للعام الحالي وهو ما يعني في ظل تلك الظروف الاقتصادية محليا وعالميا أن البورصة المصرية شهدت تحسن تراكمي في الأداء منذ أواخر العام الماضي وكانت لديها مناعة أكثر من غيرها ضد تأثيرات أزمة تفشي وباء كورونا على الصعيد العالمي وأن كل الإجراءات المصرية من مساعدات واعفاءات ضريبية ومبادرات من بعض البنوك للاستثمار في البورصة أتت ثمارها على الوجه الأمثل ومع تلك الموازنة الأكبر في تاريخ مصر كما وكيفا ومع كل تلك الحزم من المساعدات والدعم غير المسبوق في مختلف البرامج الطبية والاجتماعية والتعليم فسوف تستمر حالة التوقعات الإيجابية والنمو بمؤشر موجب للاقتصاد المصري خلال عام ٢٠٢٠-٢٠٢١ .

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

إغلاق