الرئيسة
هل وادي السليكون سيكون ” عاصمتنا التقنية” ؟
حبشي رشدي
ذهبان ابيضان في مصر احدهما منذ تاريخ و الاخر يمكن ان يتفوق في قيمته و عوائده على ثروة النفط ، اولهما القطن الابيض ذاك الذهب التاريخي الذي عرفت به ام الدنيا ، والذي كانت تتهافت عليه مصانع لانكشير البريطانية قبل نحو قرن من الزمان ، و الذي استعاد ماضيه حاليا ، حبث تتاهب مصر الى تفوق عرفت به في النسيج القطني من خلال مصانع جديدة سوف نتباهى بمنتجاتها ، ليستعيد القطن مجده التليد ، كما زادت المساحات المخصصة لزراعة الذهب الابيض الاول ، و ثانيهما ، الرمل الابيض ، المادة الخام للرقائق الالكترونية ، و الذي يهيئ فرصة بكمياته الوافرة في اكثر من بقعة بالجغرافية المصرية ، لنشوء وادي سلكون شاسع و مهم يغير دور مصر و اسهاماتها في الصناعة العالمية
الرئيس السيسي الذي انشأ في مصر بنية تحتية لم يسبق ان شهدتها ام الدنيا حجما و نوعا ، يعكف حاليا على انطلاقة صناعية تغير كل وجوه الحياة الاقتصادية في البلاد ، لتكون مصر قلعة كبيرة من قلاع الصناعة في العالم و ليكون هذا الوادي عاصمة تقنية لأم الدنيا ، و اظن ان نشوء و انشاء وادي سليكون مصري عبقري هدفا لدى الرئيس السيسي ، وهو الرجل الذي عرف بانه لا يكثر الحديث فيما يعمل و يخطط ، و لا يحيد عن اهدافه و لا يؤجلها !
ان وادي السليكون سيكون نبعا عظيما تصب روافده في معظم الصناعات مثل صناعة السيارات و قطارات السكك الحديدية و الطائرات و غيرها ، و اذا كنا نخطط لزيادة فرص العمل بمقدار مليون فرصة عمل سنويا ، لاستيعاب الزيادات السكانية المطردة فانه لا سبيل امامنا لانجاز هذا الهدف الا من خلال ” وادي السيلكون” الذي سيغذي العديد من الصناعات و المؤسسات الصناعية النشطة التي يمكنها ان تحتضن هذه الاحجام من العمالة
واذا كنا نهدف الى بناء جسور وطيدة مع كفائاتنا المصرية المهاجرة ، فأحد افضل السبل الى ذلك سيكون وادي السليكون الذي لن يحرم مصر من طرق ابواب تقنيات الكترونية عالية الجودة و جديدة و مذهلة ، و يوطد التحاق مصر بعوالم الرقمنة ان على الارض او في الفضاء
وما يجدر ذكره ان فكرة مشروع الرقائق الالكترونية في مصر ليست وليدة الاحتقان الراهن بين امريكا و الصين حول تايوان البارعة في انتاج نسبة كبيرة من هذه الصناعة البالغة الاهمية ، اذ ان الرقائق الالكترونية التايونية تغزو الصناعة العالمية و تعتمد عليها الكثير من الصناعات في العالم ، و لكن صناعة الرقائق الالكترونية على الاجندة الصناعية المصرية منذ وقت سابق على الازمة حول تايوان ، وقد عرف الرمل الابيض المصري بانه الاكثر نقاءا من نظيره الامريكي ، ولدى مصر عددا من الكوادر الوطنية الذين يمكنهم ان يكونوا فرسان هذه الصناعة التي ستحقق لام الدنيا ازدهارا صناعيا كبيرا ، و قد توصلت مصر بالفعل الى اتفاقات سيتم بمقتضاها تنفيذ هذا المشروع على ثلاثة مراحل، بالتعاون مع مركز نظم المعلومات التابع للهيئة القومية للإنتاج الحربي، وتحالف دولي من 9 شركات أجنبية ومحلية ، و ذلك على ذمة ما نشرته صحافة مصرية و عربية قبل بضعة شهور
لكل ذلك يمكن القول بثقة ان مصر تخطط لمضاعفة القيمة المضافة لثرواتها الزراعية و التعدينية ، فاعادت الحياة لقطنها طويل التيلة ، و توقفت عن تصدير الرمل الابيض للاستثمار في هذه الثروة التي ستدر من خلال وادي للسليكون ثروة تفوق عوائد النفط ، فالرمل الابيض هو بترول القرن الحادي و العشرين .