اخبار

الثقافة تنتصر عند حافة الأرض … بقلم محمد نبيل

متابعة محمد السمان
خمسون عاما من عمر النصر… وعبور قناة السويس إلى سيناء كان هدفا فى حد ذاته، سعى إليه المخطط العسكرى بعد تحصن العدو خلف جدار بارليف (الواهن) وكان الهدف هو استرداد الأرض، كما كانت “الأرض” تلك المفردة المقدسة لدى المصريين، تعنى “مصر” وهى المفردة ذات الدلالة الأكثر قداسة، فكانت تتخلل حكايات الجدة قبل النوم للأحفاد، وعند تجمع الصغار أمام الأمهات لتحكى كل أم حكايات الشاطر حسن، وابو زيد الهلالى، وكعادة الأمهات ينسجن مع الموروث بعضا من المستحدث كنوع من الإثراء للحكاية التى تعكس من الواقع بعضا من حالات البطولة لرجال الريف المصرى من دلتاه حتى صعيده ومن سيناء إلى هضبة الجلف، الذين شاركوا فى معارك فلسطين 48 من خان يونس حتى نتسانيم بشمال غزة، ومن العوجة إلى بيت لحم والخليل، ومن شمال النقب بمحازاة ساحل المتوسط من الفالوجا إلى عراق المنشية والمجدل، وهنا ظهر من جديد أسماء أبطال مصريين دافعوا عن العروبة والأرض ومنهم أحمد عبد العزيز وسيد محمود طه وسعد الدين صبور وحسين سرى عامر وحسين احمد مصطفى وغيرهم ممن يجب الحكى عن بطولاتهم للقادم من الأجيال، وتتواصل جولات البطولات فى الدفاع عن الأرض منذ 48 وحتى الآن، وتستمر حكايات الولاد والأرض عن بطولاتهم التى تثرى الوجدان الوطنى بقيم التضحية والفداء، لكن الأمر عند هؤلاء الأبطال لم يكن القصد منه “الموت” على الإطلاق فحكايات ذويهم وأمهاتهم عنهم تصرح بجلاء أن شهداء الأرض كانوا أكثر حبا للحياة وأكثر إقبالا عليها وكانت مفردة “الحياة” لديهم تعنى “مصر” ومصر تلك عند هؤلاء الأبطال تعنى الأرض ومن عليها، وتعنى التاريخ والقادم من المستقبل، فهذه هى دلالات الحياة عند الأبطال الشهداء فى حكايات الولاد والأرض، ولأن الحرص كان على عودة “الأرض” هذه التى سُلبت من الوطن، وقد عادت، وأذكر هنا ما قاله الشهيد محمد هارون لوالدته:” يا أمى فى ناس باعت سيناء بالرخيص، وعلينا نرجعها بالغالى، والغالى ده هو الدم والروح” … وقد عادت ثانية لنا جميعا سيناء “الأرض” لكنه السؤال الذى يقتضى الحال بمراجعة إجابته: هل عدنا نحن إلى سيناء؟!
إن ما قام به الرجال الذين رحلوا ولم يموتوا، كان ثمنا لاستعادة الأرض، وان ما قدمته الدولة من إعمار لسيناء بدءا من أنفاق أسفل قناة السويس “تحيا مصر” من السويس والاسماعيلية وبورسعيد إلى سيناء، ومن فوقها المعديات والكبارى، ومرور برصف الطرق الطولية والعرضية، وإنشاء المطارات الخمس والموانى ذات القيمة اللوجيستية إقليميا وعالميا، وبناء مدن جديدة للبدو والصيادين، وتدشين المدارس والجامعات، واطلاق مشروعات التعدين والطاقة والزراعة ومد شرايين المياه إلى أوصال سيناء، وغير ذلك كثير من المشروعات التنموية، لكن ماذا قدم كل منا لسيناء؟! سؤال واجب الإجابة ولا مفر(!).
إن مقتضى الحال يستوجب أنه عندما ينتصر البارود تبدأ حكايات البطولة، وتلك أدوار فى معارك أخرى لها مسمياتها غير العسكرية، ولها أبطال كما هؤلاء الشجعان الذين رحلوا، وهم كتائب فرسان الفكر ورواد الكلمة، وأضحى الميدان مهيىء لفرسان الثقافة ليخوضوا معاركهم التنويرية لهدم الفكر الرجعى الظلامى، وإنارة طرق العقل بفضائل الحياة التى رحل الأبطال الشهداء فداء لها، وها هى الثقافة تصل إلى أطراف الأرض فى سانت كاترين بجهد مخلص لمديرة مكتبة سانت كاترين المرأة الصعيدية السيدة كريمة محمد، جارة أسد الصعيد (عبد الرحيم القناوى) لتستقر بسيناء منذ ربع قرن من الزمان لتلتقى بأطفال قبيلة الجبلاوية وأهالى وادى الراحة وتجمعات جبال موسى والمناجاة والدير والصفصافة وغيرهم، وإلى نويبع تكتشف الثقافة من خلال بطلتها إسراء سالم التى جاءت من عاصمة الصعيد (اسيوط) منذ سنوات عشر ومازالت تكتشف وتتبنى مواهب أطفال قبيلة المزاينة من أودية الملون والملحى والوشواش وبئر زغير ووادى نويبع، وفى طابا هذا المتحدى للاعاقة ولكل المعوقات (!) المقاتل الصلد خليل جمعه ابن عروس الصعيد (المنيا) مدير مكتبة طابا ومعاونه بشير محمد يعملان على نشر الثقافة بمجودهما الدؤوب وبإمكاناتهما الذاتية لأطفال قبيلة الإحيوات وما بين الغناء والقاء الشعر إلى التدريب على برامج الحاسب الآلى، وهناك وليست هناك للبعيد (!) كانت البطلة السيدة ضحى محمد وزميلاتها وزملائها المخلصات والمخلصين لدور الثقافة والمؤمنين برسالتها يتجمع حولهم ببيت ثقافة دهب أطفال من ذوى الهمم وغيرهم يرسمون الأمل ويتغنون للغد فى براءة تجاورها قيم الولاء للوطن.
وفى بضعة أيام كنت فيها مع فرسان الثقافة على أقصى الحد الشرقى للأرض، تعلمت منهم كيف تهب الثقافة الحياة عند أطراف الأرض، وكيف يكون الحفاظ على النصر الذى أهداه لنا هؤلاء الشهداء، رأيت فى سيناء – بعين اليقين – انتصار الثقافة عند حافة الأرض لهؤلاء الشهداء ولهذا المستقبل القادم، وتأكدت من عزيمة خليل، وصدق ضحى، وإصرار كريمة، وتفانى إسراء أننا – ولا شك – منتصرون فى معارك الوعى، هنا – إشارة للقريب – فى سيناء (!).
قد تكون صورة ‏‏شخص واحد‏ و‏غرفة أخبار‏‏

Notice: Trying to access array offset on value of type bool in /home2/alhakekaalyoum/public_html/wp-content/themes/jannah2.0.4/framework/functions/images.php on line 297

Notice: Trying to access array offset on value of type bool in /home2/alhakekaalyoum/public_html/wp-content/themes/jannah2.0.4/framework/functions/images.php on line 297

Notice: Trying to access array offset on value of type bool in /home2/alhakekaalyoum/public_html/wp-content/themes/jannah2.0.4/framework/functions/images.php on line 75

Notice: Trying to access array offset on value of type bool in /home2/alhakekaalyoum/public_html/wp-content/themes/jannah2.0.4/framework/functions/images.php on line 297

Notice: Trying to access array offset on value of type bool in /home2/alhakekaalyoum/public_html/wp-content/themes/jannah2.0.4/framework/functions/images.php on line 75

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.


Notice: Trying to access array offset on value of type bool in /home2/alhakekaalyoum/public_html/wp-content/themes/jannah2.0.4/framework/functions/images.php on line 297

Notice: Trying to access array offset on value of type bool in /home2/alhakekaalyoum/public_html/wp-content/themes/jannah2.0.4/framework/functions/images.php on line 75

Notice: Trying to access array offset on value of type bool in /home2/alhakekaalyoum/public_html/wp-content/themes/jannah2.0.4/framework/functions/images.php on line 297

Notice: Trying to access array offset on value of type bool in /home2/alhakekaalyoum/public_html/wp-content/themes/jannah2.0.4/framework/functions/images.php on line 75
إغلاق