الأدب و الأدباء

قراءة نقدية لقصة “التوأم”للروائي “وحيد القرشي”

بقلم- أشرف عبد الفتاخ الشربيني””‏معلم خبير في اللغة العربية‏”

 أول مايلفت النظر في تناول الكاتب للاحداث هو ذلك الربط البديع لشخصيات القصة بالواقع المعيشي الصعب الذي يعيشه الفقراء والتفاوت الاقتصادي الذي يمكن ان يؤدي إلى التصدع في القيم لدى بعض النفوس الضعيفة من بني البشر.. فحينما رزق (مسعود) بابنتيه التوأم( سماح وسميحة) بدا ظاهريا في بداية الأمر الرضا في حديث زوجته (حميدة )التي كانت تهمس به لنفسها..إلا أنه سرعان ماتحوّل إلى تفكير وحزن في ماسيحدث في المستقبل بخصوص الإمكانات المادية لمسعود.. ثم ينتقل الكاتب بنا إلى تسلسل الأحداث ومرور الزمن وزيادة العبء على هذه الأسرة ..الامر الذي يجعل حميدة التي تمثل جانب الشر بطرح الفكرة التي يقتنع بها مسعود في أنها الخلاص له مما هو فيه من مشقة وعنت ..وتتوالى الأحداث ويتدخل القدَر ليغير من بعض ترتيباتهم للاحداث وذلك بان يقع الاختيار على سميحة لتكون البديل لسماح في الإقامة مع جدتها..ثم يتعرض الكاتب للجانب الإنساني في العلاقات الاجتماعية ولحظات الفراق وشعور الأبوين بالألم للفراق الذي فرض عليهم بسبب الظروف الاقتصادية التي يمرون بها.. ثم يعقد الكاتب طرحا للحياة في حياة أهل الصعيد حيث الأصالة والمحافظة على التقاليد مقابل حياة المدينة وصخب الأحداث وطغيان الجانب المادي علي الاشخاص… ويكون للنسيان وقسوة المشاعر دور لدى البعض.. وتتصاعد الاحداث وتكبر البنتان وتمران بتحربة الزواج مع اختلاف الطبقتين للعريسين ..ولكن سميحة يبدو عليها التمسك بالعادات التي ورثتهامن أهل الصعيد ويتضح ذلك في تمسكها بان تكون مع جدتها في حياتها الزوجية..وتتصاعد الاحداث مع سماح في عدم الإنجاب وتداعي موقفها امام اسرة زوجها لتتدخل قوى الشر لتصنع بمساعدة الشيطان سيناريو جيد يقوم القدر بدور كبير في محاولة تنفيذه …وكان الموت في قصة كاتبنا ينهي الادوار لبعض الشخصيات..لكن إرادة الله أبت إلا ان تكون الحقيقة ولا شئ غيرها هي النهاية الحتمية لاحداث قصتنا الرائعة للمبدع وحيد القرشي.. لتعود الحياة إلى طبيعتها ويعود الحق لأصحابه وبلتئم الشمل من جديد.. وقد استطاع الكاتب ان يتطور بشخصيات القصة لخدمة الاحداث وذلك من خلال بناء الاحداث في خطّين متوازيين الأول خط المدينة بصخبها ونظرتها المادية والثاني خط أهل الصعيد بقيمه وأصوله ونبته الطيب ويبدو أن الكاتب نظرا لنشاته الصعيد كانت حياتهم بأصالتها وقيمها ومبادئها هي النموذج والمثال الذي ارتضاه لختام الأحداث على ارض الصعيد..وقد صنع لنا كاتبنا بنائين زماني ومكاني تسير فيهما الاحداث التي تتابع في القصة وتتناسب مع الموقف كل بحسب مؤثراته… أما عن لغة الكاتب فكانت مواكبة لروح تطور الأحداث الذي نراه في حياتنا اليومية الواقعية ..وقد أثمرت هذه اللغة بناء قصصيا رائعا يُعد ثمرة من ثمرات كاتبنا الروائي الكبير الأستاذ/وحيد القرشي.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق