الرئيسةمقالات

هوامش علي دفتر الوطن

يحاصرني الحزن في كل مكان .. فأقرر أن أترك القاهرة أفكر في السفر بعيداً عنها ولو ليوم واحد .. أحاول أن أنقذ نفسي من الأحتراق .. أحاول أن أتنفس في مكان يخلوا من تلوث سحابه سوداء ثقيلة قاتمه جاثمه إسمها الفساد .

ولكن أين أسافر ؟ أين أستريح ؟ .. أين هو المكان المعزول كالصدفه الذي يمنحك النسيان والأمان ولو لساعات .. إن سفر الكاتب المهموم بهذا الوطن .. المستسلم لكل من يعبث به هو سفر علي لوح من الزجاج المهشم ( إن لم تنجرح قدماك إن جرحت يداك ..  وإن لم تنجرح أصابعك أنجرح قلبك .. وإن لم ينجرح قلبك أنجرح ضميرك ) إنك في هذا الوطن الفريسه تخرج من دمعة لتدخل في دمعة أكبر وتجتاز حدود جرح قديم لتدخل في قلب جرح جديد ..  تنجو من لصوص سطو علي جيبك لتجد نفسك تحت تهديد لصوص يسطون علي تاريخك .. ولكي تخرج سالماً من هذه الرحلة لبد أن تكون نبياً أو مهرجاً ؟! .. وأنا مع الأسف لا أملك الموهبتين .. كل ما أملكه هو هذه العادة السيئة التي رافقتني منذ ولادتي وهي عادة قول الحقيقة .. ولأنني أعاني من هذه الفضيلة الرزيلة .. ولأنني لم يكن يوماً من الأيام عضواً في فرقة حصب الله النحاسية ولا عضواً في فرقة كدابي الزفة .. أشعر بأنني غريب عن وجوه كثيره متشابهة أعرفها وأسمع عنها وأراها علي شاشات التليفزيون وفي قاعة كبار الزوار .. وتحت قبة البرلمان .. بين سطور صفحات الوفيات والحوادث .

إن هذه الغربة طبيعية فالمكان الطبيعي للكاتب هو في صفوف المحتجين لا في صفوف الموالين .. وليست الغربة التي نعيشها إلا نتيجة هذا التصادم اليومي بين الواقع الذي نعيشه والمثل الأعلي الذي نحلم به .

وفي ظروف الكساد والفساد التي نمر بها مطلوب من الكاتب أن يبقا متأهباً متحفزاً مشدود الأعصاب فهو لا يعرف من يأتي الخطر .. وإلي من يمتد التحالف وما الذي يمكن أن تفعله المصالح .. إن إي أسترخاء في أعصاب الكاتب وكلماته يحوله إلي دجاجة مجمدة أو عجينة بيتزا أو سمكة ملونة من التي يلعب بها الأطفال في البيوت .

إن الكاتب لا يملك خيارين .. إن عليه إن يكون إما في النار وإما في الماء .. إما أن يكون فهداً أسيوياً أو قطاً سيامياً.. أن الكاتب عندما يخون نفسه ينكسر في داخله ولا يجرؤ علي أن يهش ذبابه .. إن قوة القلم في الضمير الذي يحركة وليس في العلامة التجارية المحفورة عليه.

رؤوف علواني

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

إغلاق