الرئيسةمقالات

الهيكل المزعوم والحقوق الدينية

أ.د. سعيد عطية مطاوع عميد كلية اللغات والترجمة الأسبق

بدايةً؛ تهنئة من القلب والعقل للأزهر الشريف، ولإمامه الأكبر، فضيلة الأستاذ الدكتور/ أحمد الطيب؛ على نجاح مؤتمر الأزهر الشريف لنصرة القدس والمسجد الأقصى، وهذا ما عاهدناه دائمًا من هذه المؤسسة الدينية العريقة.
يقول عالم الآثار الإسرائيلي “يسرائيل فلنكشتاين” –الي ينفي أية صلة لليهود بمدينة القدس: “أنا أشكك في وجود الهيكل في الأساس، حيث لم يعش اليهود في مدينة القدس مطلقًا، ولم يبن أي هيكل على مر العصور، وأن قصص الهيكل مجرد قصص مختلقة”.
اعتمد “فلنكشتاين” في رأيه على عمليات التنقيب والحفريات داخل الحرم القدسي الشريف، وأسفل المسجد الأقصى، ونحن لنا رؤية أخرى في عدم وجود أي أثر للهيكل الذي تزعم التوراة أن “سليمان” (عليه السلام) قد بناه في مدينة القدس، فتقول التوراة في مجمل حديثها عن الملكين داود وسليمان (عليهما السلام) -بخصوص بناء الهيكل: ” قبل أن يموتداود أعطى ابنه ووريث عرشه سليمان تصاميم من الرب “يهوه” ليناء هيكل له، وفي السنة الرابعة لملك سليمان بدأ في بناء الهيكل، واستلزم بناؤه سبع سنين ونصف، وعشرات الآلاف من الرجال، وللهيكل غرفتان رئيستان: واحدة للمسكن وأخرى للتابوت، ويرجع تاريخ بناءه إلى القرن العاشر ق. م.”، وطبقًا للمصادر التاريخية التي تعتمد في معظمها على التوراة فقد بُني الهيكل ودُمر ثلاث مرات؛ فبعد الانتهاء من بناءه في القرن العاشر ق. م. دُمر مع مدينة القدس عام 587 ق. م. على يد الامبراطور البابلي “نبوخذ نصر”، والذي قام بسبي أهلها إلى بابل، وبعد احتلال قورش الفارسي لبابل، سمح لليهود بالعودة إلى الفدس، وإعادة بناء الهيكل حوالي عام 520 – 515 ق. م.، ثم هُدم الهيكل مرة ثانية خلال حكم المكدنيين على يد الملك أنطيوخوس الرابع، بعد قمع الفتنة التي قام بها اليهود عام 170 ق. م.، ثم دُمر الهيكل مرة ثالثة على يد الرومان عام 70 م، ودمروا القدس بأسرها.
ولتنفيذ هذه الأحداث التاريخية المختلفة؛ نقول: إن الأمر الوحيد الذي أكد عليه القرآن الكريم، هو أن سليمان ورث داود (عليهما السلام)؛ قال تعالى: “﴿وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ﴾ (النمل 16).
أما عن أن سليمان (عليه السلام) هو الذي بني الهيكل ولم ينهه أبوه داود؛ فلم يرد في القرآن الكريم –وهو مرجعيتنا، والمهيمن على التوراة والإنجيل- شيء عن السبب في أن سليمان هو الذي بنى الهيكل وليس داود، بينما التوراة ذكرت قصة عجيبة تُسيء إلى النبيين الكريمين- داود وسليمان (عليهما السلام)- ؛ تقول التوراة: إن الرب يهوه قد وعد داود بأنه سيبني له بيتًا، “وَفِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ كَانَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَى نَاثَانَ قَائِلاً: 5«اِذْهَبْ وَقُلْ لِعَبْدِي دَاوُدَ: هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: أَأَنْتَ تَبْنِي لِي بَيْتًا لِسُكْنَايَ؟ 6لأَنِّي لَمْ أَسْكُنْ فِي بَيْتٍ مُنْذُ يَوْمَ أَصْعَدْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ مِصْرَ إِلَى هذَا الْيَوْمِ، بَلْ كُنْتُ أَسِيرُ فِي خَيْمَةٍ وَفِي مَسْكَنٍ.” (صموئيل الثاني 7، 5- 7).
ولم يبن “داود” (عليه السلام) بيتًا للرب كما أمره الرب ووعده بذلك، ولكن سليمان (عليه السلام) يبرر لحيرام ملك صور، عندما أراد منه مساعدته بعبيده في بناء الهيكل، عدم بناء داود الهيكل للرب قائلًا: ” 2فَأَرْسَلَ سُلَيْمَانُ إِلَى حِيرَامَ يَقُولُ: 3«أَنْتَ تَعْلَمُ دَاوُدَ أَبِي أَنَّهُ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَبْنِيَ بَيْتًا لاسْمِ الرَّبِّ إِلهِهِ بِسَبَبِ الْحُرُوبِ الَّتِي أَحَاطَتْ بِهِ، … 6وَالآنَ فَأْمُرْ أَنْ يَقْطَعُوا لِي أَرْزًا مِنْ لُبْنَانَ، وَيَكُونُ عَبِيدِي مَعَ عَبِيدِكَ، وَأُجْرَةُ عَبِيدِكَ أُعْطِيكَ إِيَّاهَا حَسَبَ كُلِّ مَا تَقُولُ، لأَنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَنَا أَحَدٌ يَعْرِفُ قَطْعَ الْخَشَبِ مِثْلَ الصِّيْدُونِيِّينَ». (الملوك الأول 5، 3- 6).
إذًا؛ يقر كاتب سفري صموئيل والملوك انه لم يكن يوجد بين بني إسرائيل من لديه المهارة على البناء، ولكن غاب عنه أن الرب يهوه الواحد الأحد قد رضي بأن يبني الوثنيون الصيدونيون الذين يعبدون الإله الوثني “بعل”، بيتًا له يتعبد فيه بنو إسرائيل، وينقلون بداخله “خيمة الاجتماع” والتي وضع فيها “لوحي الشهادة”، لقد اختلق كاتب السفرين قصة استعانة سليمان “عليه السلام” بعبيد حيرام ومهندسي صور لبناء الهيكل، لأن بني إسرائيل لم يعلموا بأن الله سبحانة وتعالى قد سخر الجن لسليمان، وهذا ما أثبته الوحي القرآني؛ قال تعالى: “﴿وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنودُهُ مِن الجنِّ والإِنسِ والطَّيْرِ فَهُم يُوزَعُون﴾” (النمل 17).
إذًا مَن بني لسليمان الهيكل هم الجن، الذي أثبت القرآن الكريم قدرتهم على حمل عرش ملكة سبأ، قال تعالى: “﴿قَالَ يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡمَلَؤُاْ أَيُّكُمۡ يَأۡتِينِي بِعَرۡشِهَا قَبۡلَ أَن يَأۡتُونِي مُسۡلِمِينَ٣٨قَالَ عِفۡرِيتٞ مِّنَ ٱلۡجِنِّ أَنَا۠ ءَاتِيكَ بِهِۦ قَبۡلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَۖ وَإِنِّي عَلَيۡهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٞ ٣٩ قَالَ ٱلَّذِي عِندَهُۥ عِلۡمٞ مِّنَ ٱلۡكِتَٰبِ أَنَا۠ ءَاتِيكَ بِهِۦ قَبۡلَ أَن يَرۡتَدَّ إِلَيۡكَ طَرۡفُكَۚ فَلَمَّا رَءَاهُ مُسۡتَقِرًّا عِندَهُۥ قَالَ هَٰذَا مِن فَضۡلِ رَبِّي لِيَبۡلُوَنِيٓ ءَأَشۡكُرُ أَمۡ أَكۡفُرُۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشۡكُرُ لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيّٞ كَرِيمٞ ٤٠ قَالَ نَكِّرُواْ لَهَا عَرۡشَهَا نَنظُرۡ أَتَهۡتَدِيٓ أَمۡ تَكُونُ مِنَ ٱلَّذِينَ لَا يَهۡتَدُونَ ٤١ فَلَمَّا جَآءَتۡ قِيلَ أَهَٰكَذَا عَرۡشُكِۖ قَالَتۡ كَأَنَّهُۥ هُوَۚ وَأُوتِينَا ٱلۡعِلۡمَ مِن قَبۡلِهَا وَكُنَّا مُسۡلِمِينَ ٤٢ وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعۡبُدُ مِن دُونِ ٱللَّهِۖ إِنَّهَا كَانَتۡ مِن قَوۡمٖ كَٰفِرِينَ ٤٣ قِيلَ لَهَا ٱدۡخُلِي ٱلصَّرۡحَۖ فَلَمَّا رَأَتۡهُ حَسِبَتۡهُ لُجَّةٗ وَكَشَفَتۡ عَن سَاقَيۡهَاۚ قَالَ إِنَّهُۥ صَرۡحٞ مُّمَرَّدٞ مِّن قَوَارِيرَۗ قَالَتۡ رَبِّ إِنِّي ظَلَمۡتُ نَفۡسِي وَأَسۡلَمۡتُ مَعَ سُلَيۡمَٰنَ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ٤٤﴾ (النمل 38- 44).
ومما يؤكد على أن بني إسرائيل لم يعلموا أن الله جل وعلا قد سخر الجن لسليمان عليه السلام، رواية التوراة بشأن حضور ملكة سبأ إلى قصر سليمان؛ إذ تقول :
“1وَسَمِعَتْ مَلِكَةُ سَبَا بِخَبَرِ سُلَيْمَانَ لِمَجْدِ الرَّبِّ، فَأَتَتْ لِتَمْتَحِنَهُ بِمَسَائِلَ. 2فَأَتَتْ إِلَى أُورُشَلِيمَ بِمَوْكِبٍ عَظِيمٍ جِدًّا، بِجِمَال حَامِلَةٍ أَطْيَابًا وَذَهَبًا كَثِيرًا جِدًّا وَحِجَارَةً كَرِيمَةً ” (الملوك الأول 10/ 1- 3).
ولا داعي لاستكمال هذه القصة المختلقة، فالغرض منها قد اتضح؛ وهو التأكيد على أن كاتب سيرة حياة داود وسليمان عليهما السلام، لم يكن يعلم شيئًا عن حياتهما الحقيقية.
هناك مبدأ أساسي في منهجنا لنقد التوراة، وهو أن التوراة كتبت بعد ثمانية قرون إلى ألف عام من نزولها على موسى عليه السلام، أما أحداث الأنبياء والملوك الذين أتوا بعد موسى فكتبت بعد السبي البابلي، ومن هنا تعود كتابتها إلى عدة مصادر، كل مصدر منها تأثر بقصص وأساطير الشعوب التي عاشوا بينها أثناء شتاتهم، وقد أكد القرآن الكريم على حدوث هذا الشتات بعد دخولهم الأرض المباركة، قال تعالى:
﴿ وَقُلۡنَا مِنۢ بَعۡدِهِۦ لِبَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ ٱسۡكُنُواْ ٱلۡأَرۡضَ فَإِذَا جَآءَ وَعۡدُ ٱلۡأٓخِرَةِ جِئۡنَا بِكُمۡ لَفِيفٗا ١٠٤ ﴾ (الإسراء 104) أي من شتاتكم وذلك حتى يتحقق وعد الآخرة، أي المرة الثانية
﴿ فَإِذَا جَآءَ وَعۡدُ ٱلۡأٓخِرَةِ لِيَسُ‍ُٔواْ وُجُوهَكُمۡ وَلِيَدۡخُلُواْ ٱلۡمَسۡجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٖ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوۡاْ تَتۡبِيرًا ٧ ﴾ (الإسراء 7).
ونتيجة لهذا الشتات انخرط اليهود في حضارات وثقافات شعوب الشرق الأدني، ومن ثم فإن التراث الديني اليهودي المتمثل في قصص التوراة والمدراشيم يعود إلى مصادر متنوعة مصرية وبابلية وكنعانية ويونانية.
أولًا: إذا ما قارنا قصة تولي سليمان العرش، وبناء الهيكل وتصميمه المعماري، نجدها تتطابق تمامًا مع قصة اعتلاء الإسكندر المقدوني للعرش، حيث يقابل الملك سليمان، الإسكندر، وهيكل البتراء الذي بناه الإسكندر يتطابق بتصميمه المعماري مع هيكل سليمان، والبتراء مدينة كاملة منحوتة في الصخر الوردي، بنيت في القرن الرابع ق. م.، وهو زمن الإسكندر المقدوني.
ثانيًا: قتل الإسكندر الأكبر أخاه الكبير “كارانوس” الوريث الشرعي لفيليب المقدوني والدهما، مثلما قتل سليمان أخاه الكبير والوريث الشرعي للعرش ويدعى أدونيا:
“23وَحَلَفَ سُلَيْمَانُ الْمَلِكُ بِالرَّبِّ قَائِلاً: «هكَذَا يَفْعَلُ لِيَ اللهُ وَهكَذَا يَزِيدُ، إِنَّهُ قَدْ تَكَلَّمَ أَدُونِيَّا بِهذَا الْكَلاَمِ ضِدَّ نَفْسِهِ. 24وَالآنَ حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ الَّذِي ثَبَّتَنِي وَأَجْلَسَنِي عَلَى كُرْسِيِّ دَاوُدَ أَبِي، وَالَّذِي صَنَعَ لِي بَيْتًا كَمَا تَكَلَّمَ، إِنَّهُ الْيَوْمَ يُقْتَلُ أَدُونِيَّا». 25فَأَرْسَلَ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ بِيَدِ بَنَايَاهُو بْنِ يَهُويَادَاعَ، فَبَطَشَ بِهِ فَمَاتَ. ” (الملوك الأول 2/ 23- 26).
ثالثًا: تطابق صورة الملك داود في سفر الملوك مع صورة الملك فيليب المقدوني، حيث كانت نهاية داود وفيليب هى القتل، فقد جاء في سفر زكريا 12/ 10:” «وَأُفِيضُ عَلَى بَيْتِ دَاوُدَ وَعَلَى سُكَّانِ أُورُشَلِيمَ رُوحَ النِّعْمَةِ وَالتَّضَرُّعَاتِ، فَيَنْظُرُونَ إِلَيَّ، الَّذِي طَعَنُوهُ، وَيَنُوحُونَ عَلَيْهِ كَنَائِحٍ عَلَى وَحِيدٍ لَهُ، وَيَكُونُونَ فِي مَرَارَةٍ عَلَيْهِ كَمَنْ هُوَ فِي مَرَارَةٍ”.
إذًا تاريخ القدس أو أورشليم كما هو مذكور في التوراة هو استعارة أو سرقة لتاريخ البتراء الأردنية، وهي كلها أحداث مسروقة لا أساس لها من الصحة التاريخية ويشهد على ذلك موقف القرآن الكريم من داود وسليمان عليهما السلام، والهيكل فلم يشر القرآن إلى أن نبوخذ نصر أو أي إمبراطور بابلي غيره قد دمر الهيكل، وكيف يحدث ذلك والهيكل اختفى مع موت سليمان عليه السلام، ولو كان الهيكل موجودًا لصلى فيه إلياهو النبي، ولدعا أنبياء بعل الوثني لمناظرته عند الهيكل وليس عند سفح جبل الكرمل، وذلك في عهد آحاب عام 875 ق. م، ولما سافر مدة أربعين يومًا إلى جبل حوريب (جبل سيناء) ليقيم في المغارة التي على جبل موسى، وذلك هربًا من آحاب وزوجته الصيدونية إيزابل، من أجل قتل أنبياء بعل. (راجع الملوك الأول 17، 18).
• لم يذكر القرآن الكريم أن سليمان قتل أخاه ليتولى هو عرش أبيه، أو أن داود قتله بنو إسرائيل، أو أنه كان سافك دماء، ولذلك حرمه الله من بناء بيت له، أو أن داود زنى ببنت “متشبع” زوجة أوريا الحثي، لينجب منها بعد ذلك سليمان عليه السلام، وذلك بعد أن دفع زوجها إلى الصفوف الأولى للقتال ليلقى حتفه، وينال هو حظوته من زوجة “متشبع”، والأدهى أن ينجب منها سليمان وريث عرشه. كل هذه الأساطير نسجها كتبة أسفار التوراة وأسفار الأنبياء والمكتوبات من خيالهم المريض، أما القرآن الكريم فلم يشر إلى هذه الأحداث مطلقًا، دليلًا على اختلاقها، فداود عليه السلام ورد ذكره في القرآن 16 مرة موزعة على سور البقرة – النساء- المائدة- الأنعام- الإسراء- الأنبياء- النمل- سبأ- ص. ويعود نسبه إلى سبط يهوذا بن يعقوب عليه السلام، وولد في بيت لحم قبل ميلاد المسيح بنحو 1090 عاما.
• كان راعيا للغنم ثم جمع له بين النبوة والملك.
• اشتهر برمي المقلاع، وهو يشبه النبل، وبه قتل جالوت الفلسطيني في حربه ضد طالوت الإسرائيلي: ﴿ فَهَزَمُوهُم بِإِذۡنِ ٱللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُۥدُ جَالُوتَ وَءَاتَىٰهُ ٱللَّهُ ٱلۡمُلۡكَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَعَلَّمَهُۥ مِمَّا يَشَآءُۗ ﴾ (البقرة 251).
وكان عدد جيش طالوت 314 مقاتلًا فقط، وذلك لقول الرسول صلى الله عليه وسلم لأهل بدر :”إنكم على عدة أصحاب طالوت”، وكانوا 314 رجلًا.
وقال تعالى : ﴿ فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِٱلۡجُنُودِ قَالَ إِنَّ ٱللَّهَ مُبۡتَلِيكُم بِنَهَرٖ فَمَن شَرِبَ مِنۡهُ فَلَيۡسَ مِنِّي وَمَن لَّمۡ يَطۡعَمۡهُ فَإِنَّهُۥ مِنِّيٓ إِلَّا مَنِ ٱغۡتَرَفَ غُرۡفَةَۢ بِيَدِهِۦۚ فَشَرِبُواْ مِنۡهُ إِلَّا قَلِيلٗا مِّنۡهُمۡۚ فَلَمَّا جَاوَزَهُۥ هُوَ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ قَالُواْ لَا طَاقَةَ لَنَا ٱلۡيَوۡمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِۦۚ قَالَ ٱلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَٰقُواْ ٱللَّهِ كَم مِّن فِئَةٖ قَلِيلَةٍ غَلَبَتۡ فِئَةٗ كَثِيرَةَۢ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ ٢٤٩ ﴾ (البقرة 249).
وهذا دليل قرآني على أن عدد بني إسرائيل في عهد داود وسليمان لم يتجاوز الألف نسمة، أي إذا أضفنا إلى عدد الجنود النساءو الأطفال والشيوخ، وأن الكثرة كانت لأصحاب الأرض الفلسطينيين.
وقد استمر حكم داود 40 سنة، وكذلك استمر حكم سليمان عليهما السلام، وكان داود من أجمل الناس صوتا، وتطلق عليه صحيح التوراة : “مرنم إسرائيل الحلو” (صموئيل الثاني 23/1)، ويقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ، عن صوته، عندما سمع أبي موسى الأشعري يتلو القرآن الكريم، قال مخاطبًا أبي موسى: “لقد أُتيت مزمارًا من مزامير آل داود”.
ولقد أكد القرآن الكريم على تسخير الجن والشياطين لسليمان عليه السلام، وكانوا يعملون له طالما هو حي، فلما مات انكسر تسخيرهم له واعفوا من تبعة العمل معه، واختفى ما بنوه له، ولذلك لم تثبت الحفريات وجود أي أثر للهيكل المزعوم:
﴿ قَالَ رَبِّ ٱغۡفِرۡ لِي وَهَبۡ لِي مُلۡكٗا لَّا يَنۢبَغِي لِأَحَدٖ مِّنۢ بَعۡدِيٓۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡوَهَّابُ ٣٥ فَسَخَّرۡنَا لَهُ ٱلرِّيحَ تَجۡرِي بِأَمۡرِهِۦ رُخَآءً حَيۡثُ أَصَابَ ٣٦ وَٱلشَّيَٰطِينَ كُلَّ بَنَّآءٖ وَغَوَّاصٖ ٣٧ وَءَاخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي ٱلۡأَصۡفَادِ ٣٨ هَٰذَا عَطَآؤُنَا فَٱمۡنُنۡ أَوۡ أَمۡسِكۡ بِغَيۡرِ حِسَابٖ ٣٩ وَإِنَّ لَهُۥ عِندَنَا لَزُلۡفَىٰ وَحُسۡنَ مَ‍َٔابٖ ٤٠ ﴾ (ص 35- 40).
إن فكرة اقتسام الحرم القدسي بدعوى أن لليهود والمسيحيين والمسلمين حقوقًا دينية فيه، لهي قصة قديمة تعود فكرتها بالاداعاء أن الأديان الثلاثة لها حقوق متساوية في القدس، وهي فكرة ظاهرها البراءة وباطنها عكس ذلك، وأول من عبر عن تلك الفكرة الكاردينال البريطاني إدوادر كاسيدي رئيس المجلس البابوي للحوار مع الديان.
لو كان اليهود الآن يؤمنون بموسى عليه السلام وشريعته لقاموا بالحج إلى جبل الطور (حوريب) الذي تجلى فيه الله عزوجل لموسى عليه السلام وسلمه الوصايا العشر التي هي أساس وجوهر الديانة اليهودية، كما ذهب إليه إلياهو (إلياس) عليه السلام للحج إلى مغارة موسى ولتلقي الوحى من ربه.
لقد انساق كثير من علماء المسلمين وشيوخهم إلى هذا الادعاء المخادع، فأكدوا عليه في كلماتهم في المؤتمر العالمي الذي نظمه الأزهر الشريف لنصرة القدس على الرغم من أنه لم يكن أي أثر لوجود معبد أو هيكل، سواء في كتابات الرحالة ومشاهدتهم عبر التاريخ، بداية من الرحالة موردكس (333م) ونهاية بعالمي الآثار اليهوديين “آلن مازار” و”يورام سفريرس”.
وجدير بالذكر أنه أثناء فترة الاحتلال الانجليزي لفلسطين أُسس صندوق اكتشاف فلسطين في لندن عام 1865م برعاية الملكة فكتوريا، ولكن هذا المجهود لم يقدم ما يفيد وجود أي أثر يهودي في منطقة الحرم القدسي، وهو لب الخلاف العقائدي والفكري.
يقول جان جاك روسو في روايته “إميلي”: “إلهكم ليس إلهي، فمن يختار شعبًا واحدًا من أجل تدمير كل الشعوب الأخرى، فهو ليس إله البشرية كلها”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

إغلاق