اخبار
مظاهرات لتحرير مصر من مهند المحروقى
كتب : سامح كاظم
لم يكن نهر النيل في يوم من الايام ضابطاً في شرطه الأداب – يطارد العشاق ويقبض عليهم بتهمه إرتكاب فعل التعبير عن مشاعر الحب الرقيقه في الطريق العام .. ولم يشتغل أبوالهول علي امتداد تاريخه العريق رقيباً علي المطبوعات (يصادر الكتب والأفكار )وهو يضع علي رأسه عمامه بدوية متزمته – متشددة- متطرفه –ولاتزال السيدة زينب تستقبل كل يوم (دموع الخطايا والمظلومين والضائعين)الذين لجأوا إليها عندما ضاقت الدنيا بهم – ولم تترد في أن تمسح بيدها رؤوسهم وهي تطلب لهم الصفح والهدايا .. فما الذي جري لنا ؟ .. في وقت فشلت فيه الدنيا كلها في تأسيس وطن في حجم بعوضه .. او في حجم قرص إسبرين – كانت مصر وطناً للحب والرحمه تصلي فيه الطيور النادره المهاجره صلاة الفجر تحت مئذنه الأزهر .. حيث صوت الشيخ محمد رفعت لايزال يتسلق الأعمدة الرخاميه كالنباتات السماوية .. بينما الأطفال يلعبون بفوانيسهم القديمة في أزقة حي الحسين ..وهم لايخشون أحداً يسلخ جلودهم ويغتصب برآئتهم ويغتال أحلامهم .. فما الذى جرى لنا؟ .. لماذا نشعر بأننا نعيش بين أسنان العاصفة .. لم يعد في حياتنا قيمة إلاوألتهمناها مثل طبق ((إسباجتي)) سريع البلع . لم نعد نملك سوي (التلسين)و(طرطشة)الكلام.. ونشر النميمة .. وإدمان صفحة الجريمة .. وقراءة الجرائد المريبة .. وخرجت الفئران القبيحة على رائحة العفن تحاضر وتفتى وتتفلسف .. وتدعى إنها عليمة بخبايا الأمور وهى لاتعرف أبعد من أنفها لم يعد أحد يتوضاء قبل أن يصلى (أويكتب).. أويلامس الحقيقة .. ولم يعد أحد يخلع نعلية.. قبل أن يخوض في أعراض الناس وذمتهم .. وأنقلبت الأيه ..النملة تحاكم الفيل .. والأرنب يتحدث عن قدرته الفائقه في إلتهام قطيع من الذئاب .. واللصوص جلسوا في منصة الأدعاء .. والمراهقه الجسديه انتهت بمراهقه عقليه .. ومراهقه سياسيه ومساومه حزبيه .. لا أحد يشعر بالأمان لا أحد يعرف مالذي يحدث ولماذا يحدث ومن وراء مايحدث .. لاأحد يعرف ما الذي جري لنا ؟.. قامت القيامه في ربوع مصر المحروسة طوال الأيام الماضيه .. لاحديث للصحف أو وسائل الإعلام المقرؤة أو المرئيه أو المسموعه إلاعن (مهند المحروقى )وسمعنا إن هناك مظاهرات حدثت من قبل شباب دون العشرين في غضب حارق .. لم يكن تظاهرهم بسبب الضرب المستمر والمجازر في سوريا واليمن ..ولم يكن بسبب المجازراليومية في العراق ولم يكن غضبهم بسبب المذابح النازيه في فلسطين .. وإنما كان بسبب (مهند المحروقى )وأعماله الفنيه التي تعبر وبواقعيه شديدة عن الشارع المصري .. اشتعلت النيران في العروق الشابة ونفرت العروق البريئه .. وجحظت العيون القلقة .. وانفجرت الحناجر المكتومة ..وخرج الكل في صوت واحد يطالبون بتحرير مصر من مهند المحروقى كان شعارهم كلة الا مهند المحروقى (بوتين يدوس علي راقبة الشعب السوري ممكن ..بنيامين نتنياهو يسحق عظام الفلسطينين ممكن ..يهان رسول الله كل يوم في شبكات الاعلام الغربية والصحافة العبريه.. ممكن ..البنوك تتحول إلي بيبي سيتر لعصابه الأربع وغيرهم ممكن ..نحو 300 مليار دولار تضيع في قروض لن ترد ممكن ..نصف المصريين يعيشون تحت خط الفقر ويشاركون الموتي قبورهم ..ممكن ) لكن مهند المحروقى يكشف حقيقتنا علي الملاء مستحيل .. لايمكن .. أنها نهايه العالم وعلامه كبرى من علامات الساعه كيف سنواجة الله بذلك يوم الحساب ماالذي سنقولة له سبحانه وتعالي ..أنها نهاية الدنيا .
أنني أنتمي لجماعة عشق مصر اؤمن بالله ورسولة وكتابة واليوم الاخر ..أؤمن بالحريه بكل مشتقاتها اكره القمع بكل الوانه .. اسعي جاهداً كي أجعل مساحة الحب اكبرمن .. مساحه الكره .. ومساحه الحق أكبر من مساحه الظلم ..ومنذ أن وعيت وأنا أحاول أن أحول هذا الوطن إلي بقعة نور لا ملسلسل بوليسي سخيف لا أطيق الذين يمتصون دماء الشعوب لكننى لا أطيق أيضا هذه الحاله من ضيق الأفق التى وصلنا إليها.. لو كان مهند المحروقى مسئول عن كل متاعبنا اقتلوه لنحررفلسطين اصلبوه لنحمى ماتبقى من العراق من الخراب والدمار، ارجموه لنسترد حقوقنا الضائعة من الناهبين والفاسدين والمشبوهين والمطلوبين .. اشربوا من دمه لندخل عصر الحرية السياسية والمساواة الإجتماعية ولننعم بالوحدة الوطنية، اسحلوه لننتقم من مجرمى الحرب الذين دفنوا أسرانا أحياء في سيناء مزقوه إربا إربا حتي نجد وظيفة لكل عاطل .. ولقمة خبز لكل جائع .. وقرص دواء لكل مريض ..وشربة حليب لكل طفل جف ثدى أمه من الحرمان .لقد كانت الإدارة الأمريكية ومازالت ..والمخابرات المركزية .. وأجهزة الرصد وكتائب الإعلام الغريبة مشغولة طوال الفترة الماضية بالإجابة علي سؤال واحد هل سيتحرك الشارع العربى لو ضربت السعودية او ماتبقي من سوريا هل سيثور ؟ هل سيسخن الدم في عروقه ، هل سينفلت من عقاله؟ .. ولايمر يوم واحد إلا ويهبط علينا صحفيون ومراسلون وباحثون وإستراتيجيون يلفون ويدورون حول هذا السؤال ..ولابد أن ذلك أيضا سينتهي وينفض وسيتمخض الأسد ليلد فأرا، فالشارع في مصر أم الدنيا ..وطليعة العالم العربي لا يتظاهر ولا يغضب ولا ينفجر ولا ينفلت ولايصرخ من شدة مايعاني منه إلا بسبب (مهند المحروقى )لقد أجهضنا انفعالاتنا السياسية الحقيقية والسوية وهي في شهرها الخامس ، فقد اعتبرناها بنت زنا .. وأخذناها إلي ملجأ للقطاء ورحنا نترحم علي قضية اعتبرناها مصيرية .. وحاسمة وقاطعة .. ويصعب التفريط فيها.. قضية مهند المحروقى ومشينا وراءها كالثيران الأسبانية الهائجة إلي مصيرنا المصبوغ باللون الاحمر .. لكن لايمكن أن نلوم شبابنا وأجهزة إعلامنا علي ذلك فهم معذورون ..ينامون علي مسلسلات الفضائح الجنسية .. ويصحون علي مسلسلات الفضائح المالية ..البنكية ..وهم عاجزون عن المشاركة في هموم بلادهم ..كأنهم موضوعون في “الفريزر” كأنهم كمبيالة مؤجلة الدفع .. كأنهم بلدوزر عملاق سرقوا منه بطاريته..إن القضايا المصيرية محجوز عليها ..موضوعة تحت الحراسة ..لاأحد يفهمها ..لاأحد يعرف فيها رأسه من قدمية ..ولاأحد يقدر علي الكلام فيها ..مادام الكلام فيها ممنوعا من الكلام ..ومادام الصوت ممنوعا من أن يكون له صوت .
رؤوف علواني