الأدب و الأدباء

حوار مع الكاتبة عفاف سعيد

حاورتها:حنان الشيمي

الوطن ھو السكینة للإنسان،و الكتابة غذاء روح تتكون جنینا في رحم الحیاة ،تمیل إلى انتقاء الكلمات المناسبة لكل حدث یواجھھا في الحیاة، تجسد العلاقات الإنسانیة بأجمل صورھا،خاصة تلك العلاقة الأزلیة بین الرجل والمرأة،تعتبر الكتابة عطر حیاتھا ترافقھا في تجوالھا في كل مكان، وتؤكد بأن الإبداع قیثارة یعزف علیھا الكاتب لیترجم حالاتھ بشتى أنواعھا ،وفق ترانیم عشق خاصة لھذا الفن الكتابي الإبداعي ،إنھا الكاتبة عفاف سعيد
1-
أولا، عرفينا بنفسك
ثم حدثينا عن مسيرتكِ في الكتابة، متى بدأتِ الكتابة؟ وكيف كانت البدايات؟
وهل واجهتِ أيَّة صعوبات في بداية مشوارك في الكتابة؛ سواءً من الأسرة أو المجتمع؟
عفاف سعيد نبوى, بكالوريوس فنون تطبيقية, متزوجة ولدى ثلاث أبناء ذكور, رواية ” بئر الحيرة” اول أصداراتى الورقية.
نشأت بعيدًا عن حضن الأسرة, فعندما كنت فى سن العشر شهور تركتنى والدتى فى بيت خالى فى مدينة الزقازيق, , فنشأت فى بيئة خيالية من اتساع القلوب وبراح الروح, وفى حرية وانطلاق واجتماعيات لا يعرف عنها أهل القاهرة شئ, ثم عدت للقاهرة فى سن السادسة ليتصادم النار والثلج بداخلى, مما سبب لى ذوبان عاطفى, التأرجح العاطفى بين الأسرتين فجر بداخلى بركان عبرت عنه بالكلمات, صادقت القلم فصادقنى وكان وفيًا, فلم يُسر أبدًا بمشاعرى الصغيرة التى كنت أطرحها على الأوراق ثم أمزقها, ثم أهدانى هديته فكنت الطالبة التى يطلب منها اساتذة اللغة العربية قراءة تعبيرها على مسامع الجميع, عشقت الكلمة ومعناها, فجذبت أذنى أنغام أم كلثوم بكلمات رامى وناجى وأنا لم أخرج من المرحلة الإبتدائية بعد, ثم بدأت فى عرض كتاباتى بالأذاعة المدرسية فى الأعدادى والثانوى, وفى لقاءات الجامعة للأدباء والشعراء بقصص قصير وشعر عامى, ثم أخذتنى الحياة والعمل, حتى كان منذ خمس سنوات عدت لكتابة الرواية وكنت أعرضها على صديقاتى فقط , فما كان من صديقة إلا أنها أصدرت لى صفحة باسمى وكنت أصدر الرواية على أجزاء كل خميس فلاقت استحسان كبير, حتى جاءت والحمد لله فرصة النشر الورقى الأولى مع دار البشير.


واجهت صعوبة كبيرة جدًا مع الأسرة منذ البداية, فأمى لم تتقبل اختلافى للمسار المرسوم فى كليات الطب, فكانت تلاحق أوراقى وتمزقها, فكنت اضطر لتمزيقها بنفسى وهى ما زالت وليدة لكن بعد حفظها, لكنى لم أواجه أى صعوبة مجتمعية بل على العكس منذ بداياتى وأنا فى تشجيع من اساتذتى, ومنذ كتبت الرواية على صفحتى وأنا أجد التشجيع والتحفيز من كل من حولى, ثم جاء التشجيع الأكبر من أسرة دار البشير أ زكى محمد وأ خالد حسن

2-
ـ لا أظن أن هناك أدبا ينفصل عن حياة الإنسان بشكل نهائي، هل كل ما تكتبينه يحمل شيئا منك ملامحك، صورتك،رغباتك، وهل لتجاربك الشخصية انعكاس على أدبك والى أي حد؟

هل تأثرت بأحد؟ والى أي مدى
وممن لقيت التشجيع؟وما الذي يغريك في الكتابة ؟
– الأدب لا ينفصل عن حياة الأنسان لكن ليس بالشرط أن يكون ذلك الأنسان هو الكاتب نفسه بتجاربه وصورته ورغباته الشخصية, فالكاتب منذ صغره يبزغ كالواحة وسط صحراء قلوب البشر, فتجدينه دومًا محط رحال أسرارهم, فتُثرى بداخله قوافل الخيال, وعندما يبدأ طريق الكتابة تبدأ تلك القوافل بالارتحال داخله فيخرج من بضاعتها ما يتماشى مع روايته وزاوية رؤيته, لكنه ولابد سيترك له ظلًا خفيًا بين الركب.
– قرأت للكثيرين بمختلف أساليبهم, لكنى أحاول أن أصنع لنفسى كيان منفصل بعيدًا عن التاثر بأحد مهما كان هذا الكيان بسيطًا لكنى أعتز أنه كيانى الخالص,
– لقيت التشجيع من صديقاتى أولًا, ثم أسرتى, ثم من أسرة دار البشير وأولهم أ زكى محمد
– الكتابة بالنسبة لى كالبحر الذى يُغرى الجميع, لكن منهم المتفرج, المرتحل على سفينته, ومنهم العائم عند هدوء موجاته, ومنهم الغواص الذى يبحث عن لؤلؤة البحر الثمينة, وذلك ما أبحث عنه, استعد بأدواتى بحثًا عن لؤلؤتى التى استخرجها من قاع بحر الكلمات, روايتى التى أضمها إلى قلبى بعد اكتمالها, واتمنى من الله أن يمنحنى من الفكر والوقت والعمر ما يؤهلنى لترصيع صدرى بعقد من رواياتى.

3-
ـ هل الرواية او القصة قادرة على أن تكون أداة تحريضية ضد القمع السياسي والاجتماعي والروحي أي ضد كل ما يشوه تكامل إنسانية الإنسان؟
ما الشروط التي ينبغي أن تتوفر للكاتب الناجح؟وما رأيك

بمصطلح أدب ذكوري، وأدب نسائي؟
– لكل عصر أدوات ارساله واستقباله للكلمة, فالطلبة أيام الاحتلال استخدموا الكلمة فى منشور, ومصطفى كامل فى جريدة, وسيد درويش فى أغنية, والرواية والقصة فى عصرنا أصبحت أنشودة, يتقن الشدو بها البعض فيتغنى بها الكثير, فلو أراد الأديب الواسع الانتشار أن يكون شرارة للتحريض ضد القمع بكل اشكاله, سيجد حوله ألاف الأجساد التى ستتحول إلى حطب ليتطاير شرره فيصيب ما أراد.
– شروط الكاتب الناجح أولًا الموهبة التى هى البذرة والتى بدونها لن تنبت شجرة إبداع مهما سُقيت الأرض, ثم التمحيص فى موقد التجارب بالتجربة الشخصية أو المعايشة أو السماع, القراءة الكثيفة لمختلف كبار الأدباء, اتساع الخيال, النظرة الشاملة الغير متحيزة للحياة وألوان البشر, الروح الحرة المنطلقة الغير مقيدة من أهم العوامل للكاتب
– لا أعترف بمصلح أدب ذكورى ونسائى, فالرجل كتب عن المرأة أكثر مما كتبت المرأة عن نفسها, ورضوى عاشور فى ثلاثية غرناطة والطنطورية كتبت عن الرجال أفضل مما كتب الرجال عن أنفسهم.

4-ما رأيك بمستوى الحركة الأدبية الراهنة في البلاد؟
وما هي قراءتكِ للمشهد الثقافي في مصر اليوم؟
ـ شخصيات إبداعاتك من أين تأخذينها. من الحياة الحقيقية، أم من الخيال؟ هل من السهل تحويل الأشخاص الحقيقيين إلى شخصيات روائية وقصصية؟
– الحركة الأدبية الراهنة كالسيل العرم, ولن يبنى السد قبل الإغراق إلا تضافر عوامل كثيرة, أولهم دور النشر ثم الأدباء, يأتى بعد ذلك دور الجمهور فى انتقاء ما هو منتقى بالفعل
– ليس معنى اقبال الجمهور على القراءة أنه إشارة لارتفاع نسبة الثقافة بينهم, على العكس, فالرواية القيمة والكتاب الجيد يجدان اليوم ارهاقًا فى الصعود, بينما روايات الرعب والخيال البحت يحققان أعلى نسبة مبيعات
– شخصياتى تبدأ مع تحديد زاوية رؤية للعمل, ثم تمتزج الحقيقة بالخيال,
– يمكن تحويل شخصيات حقيقية إلى رواية أو قصة لكن بعد أن يصهرها الكاتب فى بوتقته ويجدل حولها ضفائر الأحداث, فتخرج ليست كالتى دخلت

5-ما رأيك بمكانة المرأة العربية، هل نالت حقوقها، ام أنها ما زالت تعاني وينقصها الكثير؟
وما هي أبرز المعوِّقات التي تواجه الكتابة الإبداعية اليوم، خاصة في ظل الانشغال بهموم الحياة اليومية؟
– رأيي أن مكانة المرأة العربية لم تهتز إلا عندما تضافرت الجهود حولها من الخارج والداخل لتخجل من هويتها, وتزج بها فى تعرج طريق المرأة الغربية بملمح ظاهرى فقط, وضلت طريق البحث عن حقوقها عندما خرجت من طريق حقها الذى منحها إياه الإسلام لطريق بلا هوية لن تصل فيه لشئ, وإذا أرادت العودة فعليها أن تعود لإسلامها وشرقيتها عندها فقط ستحصل على العالمية.
هموم الحياة ليست شاغل عن الكتابة الإبداعية, على العكس قد تكون محفز, فالأديب الحقيقى سيناضل ليجد الوقت ليتنفس بعيدًا عن همومه. فيرتدى ملابس غوصه ويعود بلؤلؤة قلبه مهما طال الوقت, المعوقات تأتى من الخارج, بعض دور النشر التى لا يهمها إلا التربح, القارئ الذى لا تبحث عينه إلا عن اسم بعينه مهما حوت جعبته من سهام مكسورة لا تصيب, أو سيوف تقتل بداخله الحياء و العقيدة.

6-ا- ما رأيك بالنقد ؟هل تعرضت لنقد سلبي شعرت بأنه أثر على عملك ككاتبة؟
ـ من يستطيع أن يقول عن الكاتب أنه موهوب، الناقد أم القارئ أم الزمن؟
– النقد البنّاء كطبقة الأسمنت التى تدعم بناء الجدران القوية, بدونه لن يرتقى الكاتب لأعلى ولن تثبت أحجار بناءه .
– لم اتعرض لنقد سلبى بالمعنى الحقيقى إلى الآن فذلك إصدارى الأول, كلها نصائح أتت من ذوى خبرة وتلقيتها بسعادة غامرة
– الناقد المتوازن على الرغم من اهميته فى الكشف عن موهبة الكاتب, والقارئ الذكى ودوره فى ذلك , إلا أن عنصر الزمن هو الوحيد الكفيل بالكشف عن المنجم الحقيقى وما يحوى من كنوز إبداعية مهما طال الوقت.


7- يزداد العنف ضد المرأة في المجتمعات العربية ما الذي بمكن رصده من ظواهر عنيفة وما الدعم الذي يمكن تقديمه منك ككاتية ومن غيرك من المثقفات؟
العنف ضد المرأة العربية من وجهة نظرى جاء بسبب العصبية الجنسية, تمييز جنس عن جنس, ومن الغريب أنه جاء ممن يدعون التدين, متوهمين أنهم بذلك يوازنون الأسر المسلمة, متناسين تساوى الذكر بالأنثى وأن التمييز الوحيد كان للرجال على النساء فى القوامة التى لا يفهمها الكثير من الرجال حق فهمها, وأنها ليست تشريفًا بقدر ما هى تكليف, والدرجة التى هى امتلاكه لحق الطلاق, فجعلوا من المرأة شماعة تتحمل جميع الأخطاء من بدأ الخليقة إلى يومنا هذا, ليتوهموا بكمالهم أمام نقصها, وهذا أكبر عنف وجُه للمرأة من وجهة نظرى.
– الدعم الذى سأقدمه ككاتبة كتاب القى فيه بثمرة فكرى ودراستى الإسلامية فى الأكاذيب التى أشاعها بعض ممن فسروا الدين خطأً فى حق المرأة , لنبنى جيل من فتيات يفهمن عن وعى كينونتهن التى خلقهن الله عليها, وما لهن وعليهن.


ماهو هدفك وطموحاتك المستقبلية في سبيل تطوير موهبتك؟
يقال إنَّ سبب الاهتمام بالرواية في السنوات الأخيرة هو بسبب تطرقها إلى القضايا المسكوت عنها، خاصة التي تتعلق بالمرأة.. فما رأيكِ في ذلك ؟
– الطموح بالنسبة لى كالقفز بالزانة , ترتفع بك إلى أعلى ولن يتوقف اللاعب الماهر عند رقم, وسيبقى هدفى وطموحى دومًا هو ما لم أبلغه بعد, مهما حققت من نجاح
– بالفعل تتناول الرواية اليوم قضايا كثيرة كان مسكوت عنها بالأمس, وليس خاصة فيما يتعلق بالمرأة, فالقضايا كثيرة ومتنوعة وبالذات فى مجتمعنا الآن, لكن منهم من وجد تلك القضايا مادة خصبة لأبداعه ولخدمة المجتمع, ومنهم من وجدها مادة خصبة لصناعة مستنقع يُغرق الشباب ليحصل هو على مزيد من المال والشهرة, أو بطريقة ممنهجة لأغراض أخرى

9ما هو مفهومُكِ للحريَّةِ.. وما الفرق بين الحريَّة والإنحلال ؟؟-
الحرية هى كما عبر عنها الصادق الأمين تقف عند حدود أيذاء الآخر
– فالكاتب الذى يُعبر عن المضمون بإستخدام بذئ اللفظ والإسهاب فيه ليس من الحرية فى شئ بل هو انحلال أخلاقى, القرآن لم يترك قضية لم يناقشها, فقال تعالى فى سورة يوسف” ولقد همت به وهم بها” , وقال فى سورة القمر ” ولقد راودوه عن ضيفه” لقد وصف المشهد بكلمات قليلة لكنها مؤدية للغرض فى قضيتين لو تناولها اليوم بعض الكتاب لأفسدوا جيلًا بأكمله.
ونصيحة توجهيها لفتيات المستقبل حاملات القرآن ونبض الأدب في قلوبهن؟
– أقول أن الإلتزام الدينى لا يمنع الإبداع, فقط قفى عند حدود الله, تناولى مختلف القضايا مهما كانت شائكة لكن بقليل ومحترم اللفظ , لا تساندى ظالم ولا تقهرى مظلوم مهما كان السبب

10–
الوطن – ليس أرض معلومة لها سماء, بل هو كل قلب يحتضن ويدفئ ويحن ويصفح مهما كان عمق أرضه أو لون سماؤه, ومهما كانت علاقتنا به .
هى أن تضيع منك نفسك التى تتكئ عليها – الوحدة .
شربة ماء عذبة فى شدة حرارة الحياة – الأسرة:
حلقات ذهبية تتشابك لتصنع طوق يأسر القلوب, وأنا من عشاق الشعر لكنى لا أجيد السباحة فى بحوره – الشعر:
القراءة :- سفينة تنقلك من شط الجهل بشئ إلى شط المعرفة به فى رحلة دافئة آمنة بلا تقلبات أو عواصف
ماذا تعني لك هذه الكلمات:
تعليقكِ على هذة العبارة؟” مِنْ ثِمَـارِهِمْ سَتَتَعَرَّف عَليْهِم ” (
– تلك العبارة وصف دقيق من أربع كلمات للأدب, فالأديب كالشجرة لن يثمر إلا ما بُذر داخل نفسه من قيم وأفكار وأخلاق وروحانيات

11-

• ما هي الموضوعات التي تتناولينها في كتاباتك القصصية والروائية ؟
– أسعى دومًا لتنوع موضوعات القصص القصير الذى اكتبه ما بين رعب, وخيال , ونفسى, وتاريخى, ,اجتماعى, وبالبنسبة للرواية لن اتوقف عند حدود الرواية الإجتماعية ولو أن هذا النوع هو ما أفضله, لما فيه من خدمة مجتمعية
12-
ما القضية التي تودين التطرق لها في عملك القادم ؟
وكيف تنسقين بين أفكارك ورؤيتك وتطوعينهما لمعالجة العمل الأدبي؟
– الحمد لله انتهيت من عملى القادم منذ فترة وهى رواية تحت اسم ” بلووك” , وهى تتناول قضية التواصل الإجتماعى وما فيه من أضرار على المرأة خاصة, واتمنى أن تكون رسالة مجتمعية وجرس تنبيهى لكثير من النساء
– أهم ما أحرص عليه فى بداية كتابة العمل هى زاوية الرؤية المختلفة, فالمواضيع المطروحة مهما كانت مكررة وما يميز كاتب عن كاتب هى زاوية رؤية مختلفة, أحاول دومًا أن تأتى بصورة سلسة رشيقة, لتدخل عمق من يقرأها, وأن تكون بقدر المستطاع خاليه من أى شذوذ فكرى أو إسهاب غير أخلاقى

13-
كربة منزل كيف توفقين بين واجباتك العائلية وعملك؟
– بلا تحيز كلية الفنون التطبيقية من الكليات التى تخلق أنسان مميز, رجل كان أو امرأة, نوعية الدراسة, الروح الفنية, التواصل بين المجموع اساتذة كانوا أو طلبة باحترام, تلك الروح تصنع منك عقرب ساعة متحرك, تؤدي جميع المهام فى تناغم بلا كلل أو ملل, وقد تجدين من الوقت الفائض, فأنا الحمد لله أعمل بمجال التشطيبات, أكتب الرواية, أعلم أداء وتجويد القرآن, أولادى فى كليات هندسة عين شمس والقاهرة, وطباخة أعتقد أنها جيدة ههه

شكرا من القلب لحضورك المميز
– الشكر موصول لكم جميعًأ ولكل من شجعنى وساندنى ولو بكلمة, وشكرًا لك على جهدك أختى حنان وجعله الله فى ميزانك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

إغلاق