مقالات

لماذا خسر (ويخسر) أردوغان؟!

كتب خالد عاشور
من وجهة نظر علمية بحتة، أعرض لوجهة نظري (التي تحتمل الخطأ) وببساطة شديدة، فقد خسر أردوغان للأسباب التالية:

أولا: أنه مثله مثل أي حاكم يتعفن في السلطة أو على الكرسي، بمرور الوقت يتحول إلى ديكتاتور، فأردوغان بالفعل حقق نهضة رهيبة في تركيا منذ عام ٢٠٠٢، عندما كانت تركيا على وشك الإفلاس قبل قدومه، ولكنه شأنه شأن باقي حكام العالم الرابع المتخلف، أخذته العزة بالإثم واعتقد انه الإنسان المعجز والنبي المرسل، وهكذا صور له الزبانية والحواريين الذين تعرفهم النظم المتخلفة، الذين يجملون كل قبيح ويصنعون من الحاكم نبي، لا ينطق عن الهوى!!

حدث كل هذا في تركيا، وبالتالي كان طبيعيا أن يخسر أمام شعب عصري متعلم، يعتبر نفسه جزء من أوروبا، لا جزء من محيط تركيا المتخلف والمتعفن!!

ثانيا: خسر أردوغان لانه بمرور الوقت بدأت تولد لديه المطامع بإعادة المجد العثماني، وهكذا حدثه شيطانه، ومن هنا بدلا من ان يواصل رحلة بناء تركيا انشغل بمحيطها، بهدف تمهيد الملعب لتكون المنطقة (من جديد) جزءا من الإمبراطورية العثمانية الثانية!!!

وقد شجعه على مواصلة الحلم ما سمى بثورات الربيع العربي، فوجد دولا بلا أنظمة، وفي نفس الوقت – وفي مصر وتونس تحديدا- وجد جماعة الإخوان، التي لا تعترف أساس بالدولة ولكن بالأمة وهذه حقيقة لا ينكرها أي إخواني!!!

هنا تلاقت إرادة اردوغان مع الإخوان، فكلاهم يحملان نفس الهدف والفكر، وهو تذويب الدول من اجل إقامة دولة أو أمة واحدة!!! وهذا ما حلم به اردوغان، فكان الإخوان “مطيته” لتحقيق حلم الدولة العثمانية الثانية!!

ولدينا الدلائل القاطعة على ما ذكرناه، ومنها الهجمة الشرسة خلال السنوات العشر الماضية بالمسلسلات التركية على العالم العربي والمنتجات التركية!!!!!!، رغم وجود تركيا إلى جوارنا منذ مئات السنين فلماذا ظهرت وتربعت مؤخرا؟!

هذا مشروع صاغه وأخرجه اردوغان، ولهذا، شكلت ثورة ٣٠ يونيو نقطة فارقة، حيث هدمت ودفنت مشروع اردوغان الذي بناه بمساعدة جماعة الإخوان في مصر وتونس والجزائر والسودان والأردن والكويت…الخ.

للأسف الشديد، والحقيقة المرة هي أن الإخوان – ودون ان يدركوا (أو ربما يدركوا بل مقصود ما يفعلون) طوال تاريخهم ليسوا الا أدوات!!

فقد كانوا اداة خلال نظام مبارك، لاصطناع ديمقراطية كاذبة مزيفة، يعرف بحقيقتها كل مصري شريف، فكل شيء كان مرتبا مع الحزب الوطني!!!، وكانوا ولا يزالوا اداة بيد أردوغان، وكانوا أداة بيد أمريكا، بعد أن منحهم شعب مصر الفرصة التاريخية، وأوكل إليهم السلطة، ولكنهم ولكونهم لا يؤمنون بفكرة الوطن كادوا أن يضيعوا الوطن، لولا ثورة ٣٠ يونيو، التي هي تصحيح واستكمال لمصر الجديدة بعد ثورة ٢٥ يناير.

ثالثا: خسر أردوغان لأن تركيا خلال السنوات العشرون الماضية كانت قد رسخت قواعد ونظم أوروبية (وتحت إشراف ومتابعة مؤسسات أوروبية) وخاصة في مجال الحكم والانتخابات والحريات والديمقراطية، ولهذا فان محاولات أردوغان خلال الأشهر الماضية لتجميل صورته وتحويل مسار الانتخابات باءت بالفشل (فقد سعى لإعادة الانتخابات!!!)…

ربما يمكن أن يتم هذا التزييف في بلد متخلف يعمه الجهل، ولم يذق شعبه طعم الديمقراطية أو الحرية، ولكن الشعب التركي والمؤسسات في تركيا غير.

لكل الأسباب أعلاه خسر أردوغان – وسيواصل رحلة الخسارة – لانه تحول إلى فرعون متجبر وان اظهر غير ذلك، وصار يحارب في أكثر من جبهة، ففقد البوصلة فخسر صوت الشارع، وصوت الشارع التركي صار بعيدا عن أي فرصة للتلاعب فيه.

إن تجربة أردوغان مع تركيا ومع من استخدمهم تقدم دروسا عديدة لكل طالب علم ولكل مسئول…زمن الإمبراطوريات قد ولي، ولن يسمح به أحد فالعالم مختلف تماما والعقول أشد اختلافا…

ستبقى الكلمة العليا للشعب..فرضاء الشعب هو كلمة السر، فهي التي تدخل الحاكم التاريخ من أوسع أبوابه، وهي التي تهوي به في مذبلة التاريخ…وعقارب الساعة لا يمكن أن تعود للوراء.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

إغلاق