مقالات

فنانو مصر.. «لا منهم .. ولا كفاية شرهم»

كتب رؤوف علواني

في وقت المحن تظهر الحقائق جلية لا تحتاج غلى تأويل، يطفو على السطح الغث والثمين والمرائي وصاحب الوجه القبيح، ففي جائحة كورونا أدركنا الوجه الحقيقي لرجال الأعمال الذين ضنوا على بلدهم ببعض من خيراتها التي نهبوها نهبًا، وإلى جانبهم باشر الفنانون مهنتهم على الناس بمبادرة «تحدي الخير»، لمساعدة الأسر المتضررة من تلك الجائحة، دون أن نعرف إذا كانوا بالفعل تواصلوا مع المتضررين لمساعدتهم أن الأمر مجرد شو إعلامي للاستعراض.
لم نجد فنانا يدعم المستشفيات أو الأسر الفقيرة أو الأكثر احتياجًا، ولم نشاهد أحدهم في زيارة هادئة لإحدى مستشفيات العزل لدعم الأطباء والممرضين، فقط هرولوا إلى تصوير إعلانات «خليك في البيت»، خوفًا على أنفسهم من الإصابة بالمرض، دون أن يدعموا وطنهم في تلك المحنة بأي شكل من أشكال الدعم، بل على العكس نشرت إحدى الفنانات تدوينة على صفحتها الشخصية بمواقع التواصل الاجتماعي تعبر فيها عن «قرفها»، واشمئزازها من الغلابة المضطرين إلى النزول للشارع بحثًا عن قوت يومهم، وجهت لهم سبابًا وإهانة لا تغتفر، متخيلة أن نزول الناس للشارع اختياري وأن استمرار حالهم على هذا الوضع سيطيل من عمر الأزمة وبالتالي يطيل من فترة عزل نفسها بمنزلها متوحشة المراكز التجارية ورحلات الطيران إلى أمريكا والغرب الأوروبي، صورت الناس وكأنهم وباء، أو أنهم السبب في عزلتها وحبس نفسها، دون ان تدرك أن هؤلاء ينزلون إلى الشارع بحثًا عما يسد رمق أفواه أطفالهم.
خلال الآونة الأخيرة، لم يكف كثير من الفنانين ورجال الأعمال عن انتقاد سلوك المصريين، وفي مخيلتهم أنهم مثلهم يملكون ما ينفقون منه على أسرهم لشهور وسنوات، وحينما تحدث أحد المدافعين عن الأوضاع المادية للغلابة المضطرين إلى نزول الشارع، تلفظت الفنانة المذكورة بما لا يقبل حينما أكدت أن الكثير من الجمعيات الخيرية جمعت الكثير من الأموال لإعالة هذه الأسر، وهذا مرده إلى ضيق أفقها وجهلها بأوضاع المصريين الذين يعيش الملايين منهم من كد عرقه دون حاجة إلى الجمعيات الأهلية أو التبرعات وأغلبهم يرفض هذه الأمور معتبرًا إياها إهانة لأنه اعتاد على العرق والعمل للإنفاق على أسرته.. وفي النهاية لاحظ الجميع موقف الفنانين ورجال الأعمال الذين ضنوا على بلدهم بما يملكون، وتمادوا في غيهم بانتقاد البسطاء.. لينطبق عليهم المثل المصري القائل: «لا منهم .. ولا كفاية شرهم». 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

إغلاق