الرئيسةمقالات

محمد الصياد يكتب :- كيف سيكون العالم بعد كورونا ؟!

وهل سيتغير شكل العالم بعد كورونا ؟!
كلها اسئلة كثيرا ما تتردد حولنا بأن العالم بعد كورونا لن يكون كالعالم قبل كورونا والحقيقة ان هذه الكلام وجيه جداا ولكي نعرف مالذي سيحدث للنظام العالمي لابد ان نعرف في البدايه ونفهم النظام العالمي القائم ، فأي نظام بالقلب منه الإقتصاد واي اقتصاد في القلب منه الفلسفه وفلسفة النظام القائم قائمه علي فكرة الرأسماليه و كما نعلم ان لها اشكال عديده .

يكفينا ان نعرف انه في اخر 30 سنه طغي نوع جديد من اشكالها وهو الليبرالية الجديده والليبراليه الجديده هذه بمعنى بسيط هي اتاحت مساحه كبيره جدا للافراد مقابل تقزيم دور الدله وذلك اعطي للشركات حريات راسماليه كبيره جدا مما جعلها تتجول وتضغط على دور الدوله نفسها ، وهذه الشركات المحرك الاساسي لها هو الربح و الانتاج والتسويق وبعد ان تضخم انتاجها وازداد بدات هذه الشركات تبحث عن اماكن جديده للانتاج خارج حدودها وهذا عزز فكره العولمه .

على سبيل المثال شركه ابل مقرها الرئيسي في امريكا لكن معظم مصانعها موجوده في بلدان كثيره حول العالم منها الصين وتايوان وهونج كونج وبريطانيا وايطاليا وفرنسا وكل ذلك حتي كون المنتج النهائي هو التليفون المحمول .

وهذا ادي لتسيد الليبرالية وازدياد نفوزها عالميا ونتيجه لتسيدها اصبح العالم يرفع شعار ” الخسران دائما هو الفاشل وان كان يتمسك بالقيم الأخلاقية والرابح دائما هو الناجح والمسيطر وان كان بعيد كل البعد عن القيم الأخلاقيه فالمعيار الوحيد في ذلك هو المكسب فقط !

وهذا النظام ترتب عليه مجموعه من النتائج السياسيه والاقتصاديه والاجتماعيه
اول نتيجه لذلك :- تكدس الثروات في ايدي مجموعه من الناس
بمعنى ان شخص واحد في العالم كما ذكرت التقارير الدوليه يسيطر على 20 في المئه من ثروات سكان العالم ، وان 20 في الميه من سكان العالم يسيطرون على كل مكدرات وثروات الكره الارضيه بينما 90بالمائه من سكان العالم يقبعون في الفقر المدقع .

والذي حدث بعد ذلك ان سيطره هذه الشركات وتكدس الثروات وازدياد نفوذها جعل الشركات تتغول بشكل كبير على دور الدوله واصبحت هي المتحكم الفعلي في سياسات الدول ، وهذا الكلام ضرب فكره الديمقراطيه في مقتل التي هي مكون رئيسي من مكونات النظام العالمي القائم..

وهذا المثال سيوضح ذلك :-
من المعروف ان الانتخابات الامريكيه سواء كانت الرئاسيه او البرلمانيه الخ.. من المؤسسات المنتخبه هناك ، المعروف ان الشعب هو الذي يذهب للانتخابات ليختار من يمثله لكن فعليا هذا الكلام غير صحيح !! لماذا ؟

لانه من يمتلك المال هناك هو الذي يستطيع توجيه الجمهور وما اكثر المال في يد هذه الشركات العابره للقارات لذلك يستطيعون توجيه الشعوب من خلال الاعلام والإعلانات ليجد الناخب نفسه ضحيه لسيطرة الشركات..

وهذا النظام ترتب عليه ايضا كوارث اقتصاديه من ازمات وركود وكساد
فمن المعروف ان الازمات الاقتصاديه تُحدث الركود وهذا الركوب يحدث نتيجه لتغيير اليات السوق العاديه ونتيجه لتركز الثروه في يد مجموعه مجموعه من الاشخاص وهذا يسبب عجز كبير لدى المواطنين في العالم عن الشراء عندها يحدث عمليه ركود تُوقف الناس عن الشراء مما يؤدي الي ركود في الأسواق وان كان هذا هو السبب الواضح للركود والأزمات الإقتصادية .

لكن اسباب اخري تؤدي للركود !
فنتيجه لتغول الشركات وازدياد نفوذها علي حساب الدوله تقوم هذه الشركات بالضغط على بعض الحكومات لتغيير القوانين لمصالحها ولذلك فالازمه الاقتصاديه في 2008 لم تحدث بسبب مخالفه الشركات للقوانين وانما حدثت نتيجه القوانين المختله التي سنتها الحكومات لإرضاء الشركات العابره للقارات..

هذا الكلام معروف !
لكن لماذا تجدد الحديث الان عن هذا النظام ؟!
الاجابه ببساطة بسبب كورونا ، من المعروف ان جائحة مثل كورونا تحتاج مواجهه كبير جدا من الدول وليس من الشركات ، لكن الغرب والنظام العالمي القائم وجد نفسه عاجزا بعد ان تقلص وتقزم دور حكوماته اما تغول الشركات وذلك ادي الي عجز هذا النظام عن مواجهة واحتواء الجائحه وفي هذا الوقت تحتاج الدول الي امكانيات علاجية ضخمه من اجهزة تنفس وكمامات الخ…

وهذا ليس متوافر للدوله بل للشركه وهنا الشركات تتعامل بمبدا الربح والخساره وليس المصلحه العامه مثل الدوله فلا يهم هذه الشركات حياة البشر فكل ما يهمهم الربح ثم الربح ولذلك رأينا توحش الفيروس واجتياحه لدول اوروبا وامريكا ، لكن هناك دول اخرى مثل الصين ودول الشرق الاوسط التي توصف بالاقل ديمقراطيه والتي والتي بها الدول لها نفوذ كبير كبير على الشركات فاستطاعت ان تحتوي الفيروس لأنها سلطتها اقوي من الشركات علي عكس حكومات اوروبا وامريكا التي يتوقف دورها عند مراقبة وتنظيم الأسواق ، وهذا يوضح لماذا الصين احتوت الفيروس في وقت قصير بالرغم من انها مصدر الوباء ..
فهل هذه دعاية مجانية للصين والدول الأقل في الديمقراطيه والحريات ؟!
الإجابة لا انا اذكر الواقع فقط و احاول نحاول ان افسر ما حدث ..

وباختصار هذا هو النظام العالمي القائم…

في الحقيقه ان ما يحدث في العالم شيء خطير جدا و تغيرات كبيره جدا تحدث الان ، ومن المؤكد ان شكل العالم قبل كورونا لن يكون هو شكل العالم بعد كورونا، و حسب ما ذكر كثير من المتخصصين في العلوم السياسيه والمهتمين بالعلاقات الدوليه ان العالم ستحدث فيه تغيرات كبيره جدا !

اول هذه التغيرات :- عوده دور الحكومه بشكل كبير في الغرب وفي العالم بعدما تقلصي دورها امام الشركات ، بمعنى ان الحكومات الغربيه ستسعي الى سن قوانين تتيح للحكومه دور اكبر امام الشركات بدلا من ان تكون الحكومه مجرد منظم للأسواق الاقتصاديه فقط..

الأمر الثاني:- وهو سيحدث فتور لفكره الاتحادات فالإتحاد الاوروبي برغم قوته وجبروته الاقتصادي لم يستطع ان ينقذ اوروبا من الوباء الخطير !
لماذا ؟!
لأن الاتحاد الاوروبي ليس في يديه اوراق ضغط ضد الشركات الاقتصاديه العابرة للقارات لأنه من تأتي بالحكومات وهي من تضغط عليها لسن القوانين التي تحميها وتراعي وتحافظ علي مصالحها ، لذلك رأينا عجز كبير جدا في الادويه و معدات اجهزه التنفس الخ.. نتيجة لذلك رأينا كثير من دول اوروبا حدث لديها فتور وكره لفكره الاتحادات وخاصة ” الإتحاد الأوروبي” واصبحت كل دوله ترفع شعار ” انا اولا ” واصبحت معظم دول اوروبا تطالب بالإنفصال وهذا ظهر علي لسان اليمين المتطرف في تلك الدول فرأينا ايطاليا ترفع شعار ايطاليا اولا و اسبانيا اولا وهكذا فإن فكرة الإتحادات ضُربت في مقتل..

التغير الثالث :- سوف تتراجع فكره العولمه ..
و فكره العولمه بالاساس قائمه على مبدأ السوق الواحده بمعني ان تكون للشركه الواحده أفرع في كثير من دول العالم وكما ذكرنا في المثال السابق عن شركه ابل الامريكيه التي مقرها الرئيسي في امريكا ومصانعها في دول عديدة حول العالم ، ولذلك ولذلك عندما ضرب الفيروس الصين وجدنا ان امريكا هي الاخرى تعرضت لإنهيار اقتصادي لان العالم اصبح مترابط ببعضه وقس على ذلك ما يحدث في كل العالم ، لذلك سيكون هناك تغير وتحجيم كبير لفكره العولمه.

وذلك سيسبب ضربه قاسمه للظام الدولي ، لأن النظام الدولي القائم قائم بالأساس على فكره السوق المفتوحه . وستسعي الشركات والدول الي الإنكفاء داخل حدودها …

مما سبق نقول ان النظام العالمي قبل كورونا لن يكون هو النظام العالمي بعد القرون بالتاكيد سيكون هناك تغيرات كثيره وذلك يتوقف على مدى قوه انتشار الفيروس في العالم …

في النهاية اسأل الله ان يحفظ كل العالم من الشرور والفتن .

بقلم الكاتب محمد الصياد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

إغلاق