محافظات مصر

ما لا نعرفه عن ” الكابتن غزالي ” شاعر المقاومة بالسويس

محمد السمان
«يا مصر يا ندهتى في الضيق.. وغنوتي ع الريق.. عاشقك حقيقي.. عاشقك أمل وطريق.. ناقشك على زنودى بيارق نصر.. مهما تدور الدواير الكل فاني.. وأنتي اللى باقية يامصر».. كلمات قالها شاعر المقاومة، الذي رفع شعار «عشق أي شيئ زائل ما عدا عشق الوطن»، إنه كابتن محمد الغزالي، شاعر السمسمية.
ومن أشهر أشعاره “بينا يلا بينا نحرر أراضينا” و “غني يا سمسية لرصاص البندقية” و “عضم ولادنا.. نلمه نلمه، نسنه.. نسنه، ونعمل منه مدافع.. وندافع، ونجيب النصر، هدية لمصر”.
” كابتن غزالي ” ،
هو فنان سويسي من مواليد ابنود 10/11/1928 كان موظفاً بمديرية الصحة بالسويس شاعر – رسام – رياضى كان لاعب مصارعة حرة سابق – فدائى – يسارى – الكاتب الرئيسى لاغانى السمسية فى السويس واغانى اولاد الارض
.
الكابتن غزالي ألف ولحن جميع أغاني فرقة “ولاد الأرض” باستثناء “يا بيوت السويس” للشاعر عبدالرحمن الأبنودي.
«ولاد الأرض» حسبما يؤرخ لها كتاب «سنوات الحب والحرب»، للمؤرخ حسين العشى يحكى تجربة هذه الفرقة الفريدة من نوعها في التاريخ المصري ويرى أنها بموسيقاها وكلماتها نتيجة طبيعية لما كان يحدث في تلك المنطقة في ذلك الزمن الصعب، وفي الكتاب يتناول حسين العشى حياة الكابتن «غزالي» وفرقته.
فيقول «ولدا من رحم واحد، هو رحم المقاومة والرفض لكل أنواع القهر والاستبداد، ومن ثم لا يستطيع أي باحث أن يفصل بين الرجل والتجربة، حيث نشأ غزالى بمدينة السويس التى ارتبطت بحركة المقاومة ضد كل أشكال القهر والاحتلال، ومنذ سنوات شبابه المبكر انضم لحركة الفدائيين في منطقة القناة ضد تواجد قوات الاحتلال البريطاني وساهم في العديد من العمليات الفدائية وتعرض لخطر الموت أكثر من مرة واستمر الغزالي في العمل النضالي حتى أسس فرقة أولاد الأرض بعد النكسة لتقف في وجه من يقبلون الهزيمة والاستكانه ولتساهم بدور محوري في تحقيق نصر أكتوبر 73».
اسس الكابتن غزالى فرقته الغنائية وكان الكابتن وسماها « فرقةولاد الأرض»، بعد أن كانَ اسمها «بطانية ميري» ، ولإسم «بطانية ميري» حكاية، ففي الأيام الأولى كانت المجموعة، تجلس كل ليلة على البطانية الرصاصي الميري، المفروشة على أرض الخندق، ليجلس عليها المنشدون، والذى يرددون معهم كلمات الأغاني، لذا كانت تُسمى في البداية «بطانية ميري».
وضمت الفرقة عبد الرحمن الأبنودى ومحمد حمام والملحنين إبراهيم رجب وحسن نشأت والمطرب محمد العزبى، الذي غني له «والله هترجع تاني لبيتك ولغيطك يا خال»، من تأليف وتلحين غزالي.
كما تغنى بمؤلفاته كبار المطربين، منهم سمير الاسكندرانى الذي غنى له «من برج الحمام بيطل مدفعي»، وفايدة كامل التي غنت له «فات الكتير يا بلدنا»، وأركان فؤاد الذي غنى «أغنية تعظيم سلام».
الكابتن غزالي ألف ولحن جميع أغاني فرقة «ولاد الأرض» باستثناء «يا بيوت السويس» للشاعر عبدالرحمن الأبنودي.
ولشحذ الهمم وبث روح الامل والتخلص من اثار الهزيمة قام الكابتن غزالى بعمل الامسيات الثقافية والفنية بمدينة السويس لتوعيه الجماهير وايضا لاعداد الجنود للعودة الى سيناء لتحريرها وليوم النصر ومن هنا جائت فكرة تكوين فرقة اولاد الارض من مثقفى وشباب العمال بالسويس
كانت لفرقة «الأرض» فصلٌ هام في مشوار كابتن غزالي، حيثُ أرسل الشاعر الجنوبيّ، عبدالرحمن الأبنودي، رسالتهُ المعنونّة بعلم الوصول إلى الكابتن غزالي وفرقته، سنة 1969، قائلاً:
«غنّى يا كابتن غزالى” غنّى يا ضيف ” غنّى يا نمس ” غنّى يا درش ” غنوا ” ده ليلنا طويل ” بنقطعُه بالغنا»
في البدء، وقبل تكوين فرقة «أولاد الأرض»، كانت كلمات الكابتن غزالى تخرُج من داخله إلى المحيطين به، ويرددونها أيضًا، ليصبح ما يخرج منه ليس مجرد كلمات فقط، بل أغنيات متكاملة الأركان، من شدو ولحن ونظم بإيقاع حزين، يتصاعد حتى يصل إلى قمة التأر، حين تنخفض لغة الحزن وتتجمع كل أصوات الجالسين في خنادق المقاومة، بصوت يهز سكون الليل، مُرددًا: «مش حنسلم لأ لأ، قالها الشعب، صاحب الحق».
«وفي أول رحلة لفرقة أولاد الأرض خارج السويس، كانت دعوة للكابتن غزالي، وفرقته للغناء من كلية الهندسة، جامعة الإسكندرية، وانبهر الطلاب بهذه الفرقة البسيطة التى هزَّت مشاعرهم فغنوا معها بملء قلوبهم من الحماس».
وعندما التقى «غزالي» بمثقفي القاهرة اللى يقضون ساعات الليل والنهار في نقاشات سياسية عقيمة، حسبْ وصفه، قال: «يا شعرا يا كُتاب يا نضال ع القهاوي، يا همّ يا غم يا سبب البلاوي».
وعندّما قامت الحرب، وحوصرَت السويس وهو خارجها، ظلّت أغنيات «غزالي» تتردّد في ليالي الحصار المظلمة، وبعد انتهاء العدوان ، عاد «غزالي» إلى متابعة نشاطه الطبيعي، في المجال الرياضي، ساهم في تدريب وإعداد المئات من أبطال وممارسي لعبة المصارعة، حيث كان المدرب الرسمي لاتحاد اللعبة، بالإضافة إلى تدريب الفرق الرياضية، في مركز شباب المدينة، حتى عام 1959، ثم انتقل إلى نادي السويس الرياضي.
وبعد النكسة، لم يستسلم «غزالي» أيضًا، بلّ شجع الجميع على النضال والمقاومة، مُرددًا كلماته التى حفظها التاريخ:
«بينا يلا بينا ” نحرر أراضينا ” وعضم اخواتنا
نلمه نلمه نسنه نسنه ونعمل منه مدافع وندافع ونجيب النصر هدية لمصر ونكتب عليه أسامينا»
وقد تم اعتقال وتحديد اقامة للكابتن غزالي في 7 مارس 1973 بسبب خلافه مع نظام ما بعد عبد الناصر، وتم تحديد إقامته في بنها ومكث فيها حوالي عام، ولكن عاد بعدها الي السويس
ومابين تاريخ من المقاومة ورحلته مع أنغام فرقة «الأرض» رحل الكابتن غزالي عن عالمنا في الثاني من ابريل لعام الفان وسبعة عشر ميلاديا ( 02-04-2017 ) بمدينة السويس الباسلة،
التي سطر فيها الفدائيون أعظم ملحمة في تاريخ الوطنية المصرية، ومابين العزف على أوتار البندقية وآلة السمسمية
يبقى الكابتن غزالي أحد النماذج الوطنية التي تخلد في ذاكرة الوطن، حيث خرجت أغاني الكابتن غزالي «فدائي البندقية والسمسمية» من بين خنادق المقاومة الشعبية في السويس، وتحولت إلى قذائف مدوية موجهة صوب العدو، ومابين أصوات المدافع وأنغام السمسمية خرجت فرقة «ولاد الأرض» حاملة أشعارها الحماسية والتي كانت تلهب حماس الجنود وتشحذ الهمم في ليالي الحصار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

إغلاق