مصر
نهر النيل و قوي الشر
بقلم غادة المصري
في العصر الاسلامي جاؤوا مصريون الي عمرو بن العاص، وطلبوا منه السماح بإلقاء فتاة بِكر في مياه نهر النيل كعادتهم كل عام وتقديمها قربانا للنهر ليفيض بالخير، وإن لم يفعلوا سيحل الجفاف، فرفض عمرو بن العاص، وقال لهم “هذا لا يكون في الإسلام، وإن الإسلام يهدم ما قبله
وأرسل عمرو رسالة إلى الخليفة عمر بن الخطاب يستشيره في الأمر، فأرسل عمر رسالة جاء فيها:”من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى نيل أهل مصر، أما بعد، فإن كنت تجري من قبلك فلا تجر، وإن كان الله الواحد القهار هو الذي يجريك فنسأل الله الواحد القهار أن يجريك”، فألقى عمرو بن العاص الرسالة في النيل وكان أهل مصر قد تهيأوا إلى “الجلاء والخروج منها، لأنه لا يقوم بمصلحتهم فيها إلا النيل، وأصبحوا وقد أجراه الله تعالى 16 ذراعا في ليلة واحدة، وقُطع تلك السنة السوء عن أهل مصر
و يأتي هنا أمن المياه الذي لا يقل اهمية عن الأمن القومي حيث أن التفسير المصري لمفهوم الأمن القومي لم يعد قائمًا على الجانب الإستراتيجي وحده, بل امتد ليواكب ويتلاءم مع الأمن المائي
و ان مصر تواجه تحديا حقيقيا و هو دخول فاعلين جدد إلى منطقة حوض النيل (امريكا و اسرائيل) و اصبحت أثيوبيا نموذجا للصراع الداخلي بين دول حوض النيل وبيان الدور الاسرائيلى الخفي في تدوير العلاقات واللعب بالأوراق والتواجد في حوض النيل
وهذه العوامل السياسية والصراعات تعيق استثمار الإمكانيات الكبيرة المائية والطبيعية والبشرية التي ستجنيها المنطقة
و تظل بذور الصراع كامنة ما لم يتم تدعيم التعاون بين دول حوض نهر النيل ، من خلال وجود كيان قوي لتنمية المشاريع المائية الجماعية فيها ولن يهدأ لأعداء المنطقة بال حتى يستغلوها
و نجد ان الرؤية الاسرائيلية ترتبط بالرؤية الامريكية بين ضرورة استغلال الثروات المائية في المنطقة وإعادة توزيعها ، مع عمليات التسوية السياسية في المنطقة ومشاكل نقص المياه في الكيان الإسرائيلي ، وبالتالي فإن قضية المياه ستدخل في إطار قضايا التسوية وإعادة صياغة بناء الوحدات المكونة للنظام الإقليمي في المنطقة
و حيث كان من ضمنها نموذجين بامداد قطاع غزة والكيان الإسرائيلي والضفة الغربية بالمياه و الاخر بحفر ثلاثة أنفاق تحت قناة السويس لدفع مياه نهر النيل إلي سيناء ثم إلي صحراء النقب
ومن أهم المؤشرات السلبية لهذا التعاون علي الوطن العربي أنه يشكل في تطوره تهديدا مباشرا للأمن القومي المصري عبر سيطرة أثيوبيا علي 85% من مياه نهر النيل المتدفقة إلي مصر ، وإن كانت قدرة أثيوبيا علي التحكم في تدفق كميات المياه المنحدرة من الهضبة الأثيوبية شبة منعدمة ، بسبب نقص التمويل والخبرة الفنية ، ونظرا لطبيعة انحدار الهضبة نفسها
وهنا يجب على دول الحوض أن تعلم أن مياه النيل ليست سلعة تباع وتنقل خارج الحوض ، ومن الحكمة أن لا تنجر وراء الفتن والمكائد الإسرائيلية التي لن تجني من ورائها إلا الخراب والدمار لشعوب المنطقة،
إن تغير موقف إثيوبيا من ملف حوض النيل مرهون بعدة أشياء منها
اولا مدى قوة المؤسسات الدينية ( الأزهر الشريف ، والكنسية ) فى العودة لإثيوبيا من خلال دور فعال ومثمر
ثانيا أهمية التواجد السياسي و الاقتصادي و الأمني في منطقة شرق إفريقيا
ثالثا برامج الاعتماد المتبادل بين العلماء و المثقفين و الجامعات و منظمات المجتمع المدني
رابعا تفعيل أطر التعاون العسكري والأمني و الاستخباراتي المصري الاثيوبى و ربطها بقضايا حفظ السلام و مكافحة الإرهاب و حفظ أمن النظم.
تحددت الأطماع الصهيونية في نهر النيل عبر تاريخها الطويل, فلم يكن هناك حلم استعماري ارتبط بالمياه كما كان الحلم الصهيوني وارتباطه بمياه النيل وحتى الفرات, مرورًا بدجلة والأردن واليرموك والليطاني وقد شكلت نظرة إسرائيل تجاه مياه النيل جزءًا من النهج الإسرائيلي تجاه المياه المشتركة بينها وبين الدول العربية والتي قامت بترجمته من خلال طرح العديد من المشروعات حول اقتسام ” محاصصة “, مياه النيل مع الدول النامية. والحصول على حصة مائية من نصيب مصر من مياه النيل .