مصر

والد الشهيد هشام شتا:” ابنى شهيد مذبحة كرداسة (14 اغسطس 2013) حكايات الولاد والارض

كتب/ محمد السمان
كنت اتحسس اولادى مساء كل يوم اعود فيه من عملى متأخرا، وفى كل مرة اعاتب نفسى بشدة عن السبب الذى يجعلنى متأخرا عن مجالستهم، والاكتفاء فقط بالاطمئنان عليهم, ولم تشبع عينى منهم بعد، وهى شريكة حياتى تهون على الامر بصوتها الهادىء الذى يحتوينا جميعا ويسعنى بالرفق والسكينة: “معلش ما انت بتتعب علشانهم بكرة يتحقق حلمك فيهم وتشوفهم حاجة حلوة” ويأتى هذا الغد سريعا، دون ان يٌمهلنى حقى فى ان افرح بعرس هذا الصبى الذى ارى فيه مارآه يعقوب فى يوسف عليهما ونبينا الصلاة والسلام, لكننى لا طيق الفقد ولا اقوى على الحرمان منه، فأنا لست بنبى معصوم, فلطالما افزعنى قلبى وانا اسرح فى وجهه – وهو صغيرا- اتذكر تلك الاحلام التى كانت تؤرق نومى تجاه طفلى وهو مازال صغيرا على ما راه عنه، ولا يسعنى حينها سوى التمسك بالايمان, وسريعا تمر السنون كأنها رافقت تلك الاحلام – بلا أوقات تٌحسب ودون أزمنة تٌعد- واجد يداى من جديد تتحسس بخوف مميت, وترفضان ان تصادف اناملهما ملامح وجه ابنى وضى عينى, وفى عبورها المتلاحق بشق الانفس من وجه لاخر ينقبض القلب وينبسط ما بين الموت والحياة من جديد، وتعاود الانامل تتحسس وانا مغمض العينين اللتان تأبيان الا ان يغيبان للابد ولا يريان مهجة قلبى هنا ممددا مسجى مع زملاءه السادات الاشراف, لكنه صوت انقذنى وصرخ فىّ “ابنك مش هنا” وتخيلت ان الاحلام التى لاحقتنى زمانا بعيدا وطويلا وهى الهواجس بلا اقدام تقوده الى وانها ضلتنى للابد، فانبسط القلب يطلق زفيرا ممتدا الى السماء، لكنه انقطع وصله عندما قتلنى الصوت وشج قلبى المضطرب:” اهو ابنك اهو” وتحسست وجهه فتخضبت اصابعى بالزكية النقية دماءه، وغمرها دفىء الوداع البارد، فسال دمى مع قطعة من قلبى، بل صار الان هو كل قلبى الذى مازال ينزف الما…
يحكى البطل والد البطل هشام جمال الدين محمود شتا, الشهير بالنقيب هشام شتا, كانت رتبته نقيب تم ترقيه استثنائيه لرتبة رائد بعد الاستشهاد, فى 14 اغسطس 2013 فى احداث مذبحة كرداسة عندما تجمع اهل الشر وكلاب اهل النار على مركز شرطة كرداسة وقتلوا ومثلوا بجميع من كانوا متواجدين من المأمور وضباطه وامناءه وجنوده بعدان قاوموا بشجاعة وفداء حتى اخر طلقة معهم , واتذكر يوم 25 يناير 1952 نفس الموقف بين رجال شرطة مديرية الاسماعيلية والاحتلال البريطانى الذى ادى التحية العسكرية لبسالة رجال الشرطة المصرية لكن هؤلاء القتلة عديمى الانسانية من سفكة الدماء وصح ان نسميهم الخوارج وكلاب اهل النار لم يكن بداخلهم شفقة او انسانية وهم مدعى التدين ومتظاهرين بالتحلى بالاخلاق لكن كانت حقيقتهم البشعة التى انكشفت للمصريين وللعالم فى كرداسة امام قسم الشرطة حين طلبوا من الضباط ان يخرجوا بأمان من القسم وهم ليسوا اصحاب عهد ولا يرتجى منهم الامان,فإذا بهم يظهروا حقيقتهم البغيضة ويصيبوا بلا قتل رجال الشرطة بدءا من المأمور الضباط والامناء والجنود, ويدعوهم يتألمون من الاصابات ويبدأون لا فى اسعافهم فلا ضمير يسمح بقتل العزل او المصابين, لكن شيوخهم افتوا لهم بالتمثيل بالمصابين وهم احياء, حتى ذاقوا الموت عشرات المرات ، ثم بعد ان تأكدوا من ان جميع الضباط قد استشهدوا قاموا بالتمثيل بالجثامين الشريفة بالقطع والنحر والبتر والقاء ماء النار والحرق ولم يظهروا حتى احترام لحرمة الموت, حسبى الله ونعم الوكيل, ويكمل والد الشهيد هشام شتا من البداية:” … درس ابنى صغيرا بمدرسة روضة مصر الخاصة فى المرحلة الابتدائية، ثم مدرسة ام القرى الخاصة بالمرحله الإعدادية، وأخيرا الحصول على الثانوية العامة من مدرسة السعيدية الثانوية، وتقدم لمكتب التنسيق الذى افاده بتحويل ملفه بالقبول بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، ومنذ انتهاء امتحانات الثانوية العامة التحق بدورات تأهيل للتقدم بالكليات العسكرية وكلية الشرطة وبالفعل لرغبته في الالتحاق بالكليات العسكرية تقدم لكل من الكلية الحربية وكلية الشرطة، وبدأ الاختبارات التأهيلية وكان تركيزه فى حالة القبول فى الكليتين هو الانضمام لكلية الشرطة، وبدأت الدراسة في الجامعة بكلية الحقوق، ولاحظ ان اعداد الطلاب في مدرج كلية الحقوق اعداد كبيرة جدا، فقام بالتحويل إلى كلية الزراعة، وبعد ان تم الإنتهاء من اختبارات كلية الشرطة حتى اجتياز كشف الهيئة وانتظار النتيجة النهائية، وفي تلك الاثناء كان مواظب على الحضور في كلية الزراعةوقلبه معلق بالقبول بكلية الشرطة، وفي ذلك الوقت بدأت الدراسة للطلاب القدامى بكلية الشرطة واثناء توصيل أحد الزملاء لابنه لكلية الشرطة وجد كشوف الناجحين تم وضعها داخل اللوحات على حائط الكلية بجوار باب الدخول وبالبحث وجد اسم هشام ضمن الناجحين وعلى الفور اتصل الزميل لابلاغنا بالخبر، وكانت فرحة هشام فور تلقيه الخبر فرحه لا توصف حيث احتضن أخيه الأكبر واخذا يرقصان فرحا، وفي الصباح الباكر توجه لكلية الشرطة لاستكمال الإجراءات، والتحق بكلية الشرطة كطالب مستجد عام ٢٠٠٥ وفي اول زيارة كنت انا ووالدته وثلاثة من أصدقائه، رأيناه طالبا ملتزما ومنضبط عسكريا بمعنى الكلمة لدرجة أنه عندما حان موعد انتهاء الزيارة انطلقت صافرة معلنة ذلك فوجئت بهشام ينتفض واقفا وبسرعة البرق ينطلق مع زملائه إلى العنابر, وطيلة مدة الدراسة كان حريص كل الحرص عدم وجود أي مخالفة تمنعه من النزول في الاجازة الاسبوعية، لدرجة انه أنهى مدة الدراسة وفي حوزته (عدد ٢ إيقاف ) لم يستخدمها، تم التخرج ضمن الدفعة ٢٠٠٩ برتبة ملازم وبدأ العمل بقسم شرطة أبو النمرس، تم الترقية في العام التاني لرتبة ملازم اول والنقل لقسم شرطة اكتوبر ثان، واختير للحصول على فرقة مباحث وبعد اجتياز الفرقة بنجاح أصبح معاون مباحث قسم شرطة اكتوبر ثان.
وقت أحداث ٢٥ يناير ٢٠١١ كلف بتأمين مقر جهاز مدينة السادس من اكتوبر، اشترك وقام بالقبض على العديد من المساجين وقت قيام الارهابية باقتحام السجون وتهريب ألاف المساجين بعد مهاجمة أقسام الشرطة وحرق العديد منها وكان من ضمنها مركز شرطة كرداسة ومعلوم أن مدينة كرداسة تعتبر بؤرة إرهابية حيث يقطن بها الكثير من العائلات التى تنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين (المتشددين ) والتي انبثقت منها الفصائل الإرهابية المسلحة، قامت وزارة الداخلية بتجديد وتجهيز مركز شرطة كرداسة، وتم اختيار مجموعة متميزة من ضباط الشرطة لتشغيل المركز وكان من ضمن المجموعة المختارة الضابط هشام شتا ليعمل ضمن قوة مباحث القسم وكان أصغر سنا بين قوة مباحث القسم رغم طبيعة مدينة كرداسة وتغلغل جماعة الإخوان ومعاداة أجهزة الدولة وخاصة جهاز الشرطة برغم هذا كان هشام وباقى زملائه الضباط يؤدون عملهم، وكان هشام أثناء تواجده بالخدمة في المركز وخاصة النبطشية الليلية كان يحرص على إنهاء الخلافات ( ان أمكن ) التى ترد إلى المركز وخاصة بين الأقارب بالتراضي دون عمل محاضر وذلك بشهادة ضباط الاستيفا بالنبطشية بداية من نشأة اعتصام رابعة والنهضة وما بعدها بقيام ثورة ٣٠ يونيو، وكانت عناصر الإخوان بمدينة كرداسة تمثل الاعداد الكبيرة من المعتصمين وخاصة الاعتصام المسلح بميدان النهضة لقربه من مدينة كرداسة، وكان هناك محاولات شبه يومية لمحاولة الهجوم على مركز الشرطة والتجمهر أمامه واشعال إطارات الكاوتش، وفي إحدي المرات دخل مركز الشرطة النائب الاخونى( النائب عن دائرة كرداسة بمجلس النواب المنحل) عبد السلام بشندى ومعه عضو بارز بالجماعة الإرهابية( محمد نصر الغزلانى) محكوم عليه بالإعدام وهارب خارج البلاد، وعند دخول العنصرين لمقابلة مأمور المركز طالبين منه بصيغة الأمر:” اترك القسم وخد رجالتك معاك ملكش انت وهما مكان في كرداسة” وبوجود هشام في هذا الموقف وبحمية الشباب تدخل على الفور عند محاولة قيام النائب الاخونى بدفع مأمور المركز وقام بالتصدى للنائب الاخونى وعضو الجماعة ودفعهما للخارج (هشام كان طويل القامة وصاحب بنيان رياضى) زادت محاولات الهجوم على مركز الشرطة بكثافه لدرجة أنه في أحد الايام وأثناء نوم هشام بعد رجوعه من القسم جاء اتصال على التليفون من القسم، وعلى الفور قام بارتداء ملابسه للتوجه إلى القسم وعند الاستفسار لاسيما وأنه مازال الوثت مبكرا عن ميعاد بدء النبطشية، فقال لى:” بوجود محاولة اقتحام القسم وانا رايح ألحق زمايلى بسرعة” وتابعته بالتليفون حتى وصوله للقسم، اشتدت محاولات اقتحام القسم صباحا ومساء لدرجة استشهاد أحد الجنود نتيجة طلق نارى أثناء محاولة الهجوم على القسم وكان الدفاع عن القسم بإطلاق قنابل الغاز وإطلاق الخرطوش والاعيرة النارية في الهواء لابعاد العناصر الإخوانية عن القسم، وطيلة شهر يوليو حتى موعد فض ميدادنى رابعة والنهضة وغيرهما كانت محاولات الهجوم واقتحام القسم مستمرة ومتصاعده في الشدة وكان هذا واضح على هشام عند عودته للمنزل، فكانت ملابسه فى حالة رثة نتيجة دخان حرق إطارات الكاوتش الملقاة على القسم من العناصر الاخوانية، ويوم الثلاثاء الموافق ١٣ أغسطس ٢٠١٣ ميلادي والسادس من شهر شوال الساعة ١١ مساءا وبعد تناول هشام طعام خفيف ارتدى هشام ملابسه للذهاب إلى القسم وعند باب الشقة عاد لحجرته ونظر إليها وتفحصها بدقة وتكرر ذلك لمرات ثلاث ووالدته قالت:” هو انت ناسي حاجه يا هشام” رد عليها:” لا ياماما” ولأول مرة تقف والدته على باب الشقة حتى طلبه للاسانسير ودخوله فيه واعاد فتح باب الاسانسير مره اخرى قائلا:” انتي لسه واقفه ياماما ادخلي بقا انا ماشي” ردت عليه:” مع السلامة يا هشام”، وكنت ملاحظ ما يحدث وكنت مستغرب لدرجة توجهت انا ووالدته للبلكونه ونحن بالدور السابع وتم إنارة نور البلكونه حتى يمكنه رؤيتنا واستقل سيارته ونظر لنا ملوحا بيده بسلام الوداع، وكانت تلك المرة الأخيرة لرؤية هشام ابنى، وفي الصباح الباكر ليوم فض الاعتصام الإرهابي بميدانى رابعة والنهضة ١٤ أغسطس ٢٠١٣ اتصل هشام في الساعة السادسة والنصف قائلا النهاردة هيتم فض الاعتصام وياريت بلاش تروح انت وماما الشغل قلتله ماينفعش يا هشام بالنسبة لي وكمان ماما معاها مفتاح الخزنة، واتصل بي انا ووالدته مرة اخرى حتى وصول كل منا لعمله، لان خط السير أثناء التوجه للعمل المرور على ميدان النهضة، وأثناء النهار اطمئنت على هشام وعرفت ان فيه مناوشات وكر وفر ولكن رجال الشرطة مسيطرين على الموقف،وقلت لهشام:” انا مش هتصل تاني علشان معطلكش” وطلبت منه يبقى يطمني عليه، وانشغلت في عملي، إلى ان صدرت تعليمات بالانصراف قبل المواعيد الرسمية، وبخروجى للشارع وأثناء قيادة السيارة بشارع الهرم للعودة للمنزل اتصل بى هشام وكان حوالي الساعة الواحدة ظهرا، واردت ان اطمأن عليه وعلى سير الاوضاع بالقسم، لكنه للأسف طمني على خلاف الحقيقة بالقسم وقالي:” ماتقلقش كله تمام” وحينها سمعت صوت قوي وبالاستفسار قالي :”ده صوت قنبلة غاز على المتجمهرين امام القسم”، وأثناء المكالمة سمعت صوت ميكرفون حى على الجهاد … حى على الجهاد، فسألته عن الصوت الصادرمن ميكرفون الجامع امام القسم قال :” اصلهم بيعتبرونا كفار”، وكانت هذه المرة الاخيرة اللي اسمع فيا صوت هشام، وعند وصولى للمنزل وجدت والدة الشهيد بالمنزل وعلمت ان هشام اتصل بها وهي باتوبيس الشركه واطمأن عليها، وبدأت في تجهيز الطعام، وكنا صائمين في آخر الأيام الستة البيض، والعجيب ان يأتينى اتصال من نفس من اخطرنى بنجاح هشام وقبوله في كلية الشرطة ان يخبرني بأن اسم هشام على شاشة التلفزيون ( استشهاد النقيب هشام شتا معاون مباحث مركز شرطة كرداسة ) أظلمت ودارت بى الدنيا من هول الصدمه وانا ووالدة الشهيد نردد لا إله إلا الله … لا إله إلا الله، وحاولت الاتصال على هشام ولم أجد اجابة، مر علي وقت عصيب لمحاولة معرفة الوضع بالقسم، وتوجهت مع مجموعة من الجيران إلى البلدة الملعونة المسماة كرداسة وعند قسم الشرطة شاهدت الخراب والدمار بمبنى قسم الشرطة والدخان لايزال يتصاعد من المبنى وكذا النيران والادخنة بسيارات الشرطة وجثامين الشهداء من رجال الشرطة مسجاة على الارض بجوار القسم ولم استطع ان أتوجه إليهم للكشف عن الوجوه لمعرفة ما اذا كان هشام ضمنهم من عدمه، ولم استطع العثور على هشام ضمن الجثامين وتم ابلاغي بأن هناك بعض من رجال الشرطة موجودين طرف الاهالي لحين هدوء الوضع وسيتم اخراجهم من البلد لضمان سلامتهم، وممكن يكون هشام ضمنهم، وانصرفت وعدنا للمنزل، وفى قلبى احساس بان هشام أصابه مكروه لكن لا اريد تصديق احساسي، لم استطيع الانتظار وتوجهت مره اخرى لكرداسة، وبدأت انا ومن معي بالبحث عن هشام، وكلما يقابلنى بعض من اهل الخير يقولون لى:”متقولش إنك أبو ظابط لحسن يقتلوك أنت واللي معاك” وللأسف كان معي اخو هشام الأكبر لقيادة السيارة لعدم استطاعتي، ثم توجهت مع بعض أهالي من البلد علمت فيما بعد انهم يعرفون هشام وسبق لهم التعامل معه لذلك اصرواعلى التواجد معى لتأمينى ولتوصيلى الى مكان ابنى, واحدهم أشار إلى سيارة هشام متوقفه بالشارع السياحى بالقرب من قسم الشرطة:”عربية هشام بيه آهه” قلت له:” انا بدور على صاحب العربية، المهم ابنى يكون بخير”
وطوال الوقت وانا اتصل على تليفون ابنى لكن دون رد, وفجأة قابلنى احد التكفيريين – حكم عليه بالمؤبد فيما بعد – قال:” هشام بيه لسه عربية الإسعاف خدته من ساعه على المستشفى وهو متوفي ” واعطانى مفاتيح، وعلمت فيما بعد ان أفراد الجماعة الإرهابية منذ الصباح بعد فض الاعتصام وخاصة اعتصام ميدان النهضة توجه معظمهم لقسم كرداسة، وبدأت محاولات اقتحام المركز من المتجمهرين باعداد تقارب الخمسة آلاف عنصر اخواني
وكانت العناصر الاخوانية مسلحة بسلاح تقيل ( متعدد ، جرينوف ، بنادق قنص ، اربى جيه) طبعا بخلاف البنادق الالية، ومنهم من اعتلي أسطح المباني المواجهة للقسم،و ظل رجال الشرطة يدافعون ببسالة عن مقر القسم، وهم متحصنين داخل القسم، لان محاولات اقتحام المركز استغرقت اكثر من سبع ساعات، وتم حصار المركز من كل اتجاه، بخلاف احكام غلق مخارج ومداخل الطرق المؤدية للمركز،
وبعد نفاذ الذخيرة من رجال الشرطة، واستهداف المركز بطلقتى اربى جيه وهدم سور ومدخل القسم بواسطة لودر، تحصن رجال الشرطة بالدور الثاني، إلى ان طلب النائب الاخونى من مأمور القسم خروجه ومن معه من الضباط لخارج القسم، والخروج من المدينة، وكانت عملية خداع قذرة، حيث انه بمجرد خروج المأمور والضباط, على الفور تجمعت عناصر الإخوان خارج القسم، وبدأت عملية الابادة بكافة أدوات القتل والتمثيل بالمصابين والشهداء، وفي أبشع صورة
حين علمت بما حدث لهشام، تذكرت ابنى الاكبر في تلك اللحظة وهو موجود مع بعض الأهالي، وتخيلت ان يصيبه مكروه، وأكون أنا السبب في ان اصطحبته معي لكرداسة، واعاننى الله أن اتحكم في نفسي ووصلت له، وبمساعدة بعض الاهالي تمكنا من الخروج من كرداسة، وتوجهنا لمستشفى الهرم، ولم نجد هشام هناك، وأشار لي مدير المستشفى للتوجه إلى مستشفى الشرطة بالعجوزة، وسبق اتصالى بمدير مستشفى الشرطة أكثر من مرة ويؤكد لي أنه لم يصل بعد، وبوصولي للمستشفى متوقفا أكثر من مرة في نقاط التأمين بعد تطبيق حظر التجوال وفور دخول المستشفى حضر مدير المستشفى وأفاد بأن هشام لسه واصل لصعوبة خروج سيارة الإسعاف من كرداسة، شاهدت هشام مسجى على ترولي بعد تحويل العناية المركزة، لمكان يسع جثامين رجال الشرطة الذين استشهدوا في هذا اليوم، هشام كان الإبن الأصغر وعند استشهاده كان عمره ٢٤ عام وستة شهور ولم يكن متزوج، واخوه – الإبن الأكبر – مهندس مقيم هو وأسرته بالخارج، وواخوهالاصغر – الابن الأصغر- منه كيميائي ويقيم هو وأسرته بمصر، هشام كان محبوب بين زملائه سواء حيث نقيم أو زملاء عمل أو زملاء الدفعة (دفعة ٢٠٠٩) حيت يتواصل معنا عدد كبير من ابنائي من دفعة هشام، حقيقي ربنا راضي عن هشام وإخوانه الشهداء وده ربنا سبحانه وتعالى أظهره لي عند نقل هشام لمدفن خاص بي بعد ما يقرب خمس سنوات ونصف وكان معي انا ووالدة الشهيد مأمورية بتعليمات من السيد اللواء مساعد وزير الداخلية للعلاقات والإعلام وبرئاسة السيد اللواء وكيل اول الإدارة العامة للعلاقات الانسانية والسيد العميد مدير إدارة رعاية أسر الشهداء والعديد من الضباط والجنود لكي يطلع الجميع على اية من آيات الله”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

إغلاق