مقالات

“الكتابات الأنجلو أمريكية وبيتر جران”

 

بقلم د. شيرين العدوى

صدر العام الماضى كتاب مهم للكاتب الأمريكى بيتر جران أستاذ التاريخ فى جامعة تمبل الأمريكية بعنوان الاستشراق هيمنة مستمرة ترجمة ا/ سحر توفيق المترجمة والروائية، وراجعه ا/د. عاصم الدسوقى أستاذ التاريخ الاقتصادى الاجتماعى الحديث. درس جران التاريخ الإسلامى فى جامعة عين شمس وهو صاحب فكر مستقل خرج عن سرب الاستشراق فى الكتابة، ونظر نظرة باحث جاد منصف لمصر من خلال كتب المؤرخين الأنجلو أمريكيين. يطرح الكتاب أفكارا ورؤى مهمة عن مصر، وكيف ينظر إليها الغرب من خلال كتابات المستشرقين؟ بعدما فرغت من قراءته تمنيت أن يُدرّس هذا الكتاب فى الجامعات المصرية؛ ليفهم النشء أهمية بلدهم بالنسبة لأوروبا وأمريكا. فهى تعد حجر الزاوية على الخريطة العالمية. وأن النظرة التى ينظر إليها الغرب نظرة المستبد الذى يريد أن يفكك صخرة صلدة.

مصر دولة قوية مكونة من طوائف دينية مختلفة متعايشة بشكل طبيعى ومتوازن، حاول المستعمر عدة مرات دق مسامير الفرقة فيها فلم يستطع. كما أنها مرتبطة برباط متين بتاريخها السحيق من عصر الفراعنة. لديها عدة تحولات اقتصادية واجتماعية سأتناولها فيما بعد. ولقد أرجع بيتر جران عصر العولمة من بداية السبعينيات حتى الحاضر؛ حيث أكد أن أغلبية الباحثين لتلك الفترة رفضوا توجهات المرحلة السابقة للتاريخ وهي: فكرة الدولة القومية، وفكرة ثورة التنمية، وتوجه الباحثون الأمريكيون بجهودهم نحو التأسيس للإمبراطورية الأمريكية المهيمنة على العالم،

ويأتى سؤال مهم لبيتر جران عند الحديث عن أعمالهم ذات التوجه السياسى وهو: هل السلطوية سمة إيجابية أم سلبية؟ ويجيب: يقف المدافعون عن الديمقراطية فى ناحية، والبرجماتيون المؤيدون للإمبريالية فى ناحية أخرى. كثير من الأعمال التى أرخت لتلك الفترة كانت ذات طابع نظرى نوعا ما، نسوى نوعا ما، وأحيانا منتقد لمختلف جوانب نموذج الاستبداد الشرقى بينما لا تزال متعايشة معه فى ذات الوقت، لتقدم هذه التطورات، ينقسم هذا القسم إلى جزأين يهتم الأول بمناقشة النظرية السائدة لتلك الفترة، والتى توضع تحت عنوان «النظرية الاجتماعية الجديدة»، والثانى يختص بالدراسات الأكاديمية لتلك الفترة التى تأثر الكثير منها بالنظرية الاجتماعية الجديدة.

لقد توقفت طويلا وأنا أقرأ الكتاب أن أفهم مصطلح (الاستبداد الشرقى) ما الذى كان يقصده بيتر جران من وصف الشرق بالاستبداد؟! هل كان يقصد أن الشرق حاضر كلاعب أساسى فى الحركة السياسية العالمية بما لديه من كنوز اقتصادية لم تكتشف بعد، فأصبح مستبدا وملهما للكتابة عنه. أم أنه مستهدف فلا يمكن الفكاك من سيطرته؟! أم أنه مستبد كمستعمر سيطر على مقدرات البلاد من حوله؟! حيث ألمح جران فى كتابه للدولة العثمانية، وأن مصر كانت تابعة لها فى وقت ما، وبالتالى مثلت مصر نموذج الاستبداد الشرقى من وجهة نظره؟! لقد حاول جران طوال صفحات الكتاب أن يدق ناقوس الخطر وتوجيه الكتابات التاريخية المصرية لدراسة ما كتبه المؤرخون الأمريكيون، وقيمة تلك الدراسات فى قراءة تاريخ الإنتاج المعرفى الأمريكى الذى يمكن أن يفتح المجال لدراسات مقارنة تسد الفجوات التى تضع مصر مع فلسطين فى مماثلة موضوعية هدفها الحفاظ على أمريكا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق