الأدب و الأدباءمقالات

رسالة علي نصف روح ممزقة

 

 

 

 

كتب : يوسف محمد

عزيزتي ليلي؛ أكتب إليك من داخل قبر ضيق ملثم بظلام الخوف والألم، لا توجد أوراق هنا لكن لابد لي أن اكتب، أن انوح، اصرخ كالمجنون، اولول واندب حظي! لكن لا يوجد متسع من الوقت كي افعل ذلك، فإني لا املك سوي هذه الدقائق التي تنام فيها جنود الله حين يرهقها تعذيبي.‏ وجدت هنا قطعة من روح باليه، ربما تصلك اليوم، أو غد أو يقبض عليها الله مثلما قبض من قبل علي آمالنا واحلامنا الصغيرة. عليك أن تسدي أنفك الصغير حتي لا تزعجك رائحة الكلمات، فإنني ممسك بقلم صنعته من عظمه كانت بجوار رأسي، اصطدم بها ساعة وفاتي شيء عظيم يسمونه يسمي موت. أما حبر كلماتي فهو من خلاصة يأسي ومستخرج من كل ألم تألمته، كان مخزون في جيب سري بين سراديب الروح! إنني في هذه الحفره معرض لشتي أنواع العذاب، في كل يوم استنجد بصورة وجهك النائمة في ذاكرتي، بأخر نظرة رأيتها في عينيك والدموع تترقرق فيها لكنها لا تخرج وكأنها إن خرجت، خرجت روحي معها.. لم تخرج، لكن روحي خرجت! تذكرين عندما كنا نتشاجر -كعادتنا في أيامي الأخيرة- حينها صرخ فينا مجزوم عندما صرختي في؛ اكرهك، يا الله! ليتني لم اعرفك، إذهب إلي الجحيم؟ حينها قال: لا تمزحا مع الله فقد يستجيب! ربما لم يستجب لنصف الجملة الأول، لكنه استجاب للنصف الآخر واودعني الجحيم! لا اريد أن اقرع روحك أو الومك علي سخافات ماض سحيق، فإني أعلم بأنك ترتعشين الآن وتهزين قدمك في توتر، وقلبك يدق مثل طاحونة هوجاء، ووجهك أصبح به حرارة يكاد أن يشتعل منها، أيضا فإنك لا تكادين أن تقرأي حروفي من فرط الدموع التي تجمعت أمام عينيك فتهبط بلا إنقطاع، رباه! كم اشتاق إلي الغرق فيها. ساعة وفاتي؛ رأيت الموت يركل كل من يقابله بكف هائله دون أن يكترث، وكان يمشي نحونا بخطوات هادئة لكنها واثقه، ربما لم يدركه نظرك لكنني رأيته، أسود ضخم، قبيح، يخرج الدود من أنفه وجحرا عينيه فارغان. اعرف أنه كان يقصدني، بدوري مشيت إليه بخطوات واثقه لكنها سريعه، سامحيني، كنت أنشد الخلاص. ضربني بقوة في صدري، سمعت قبل أن تنسلب الروح، صوت عظمة تكسر ثم غبت.‏ لا أعلم كيف وجدتها لكنها هنا، العظمه التي كسرت، تجلس وبها رائحة عطرك، اري ايضا من خلال ضوء صغير ينبعث من جسد أحدهم، طلاء شفتيك الجديد يزينها.‏ لذلك لم أجد افضل قلم منها يستطيع أن أكتب إليك! اواه، لقد استيقظ، إنه قادم ومعه شيء مبهم لكنه مفزع.. أغيثيني!

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

إغلاق