الأدب و الأدباء

وحيد القرشي يكتب”جدتي شهرزاد”

قصة الأسبوع”الفرح الأكبر”

 

ذهبت جدتي شهرزاد مع شيماء لبيت عمتي ,تحاول أقناع والدها بقبول زميلها في الجامعة خطيبا لها ,أتمني الا تبيت جدتي في بيت عمتي ,ويضيع وقت الانس والأستمتاع بحديث وقصة الليلة ,أطال الله في عمرها وبارك لنا فيه.

 

الساعة الان الرابعة عصرا,أقوم لأتوضأ وأصلي صلاة العصر ,جدتي علمتني ان احافظ علي صلاتي دائما ,وان تكون في جماعة وفي المسجد ,ومنذ ان بدئت المدرسة  أقيم صلاتي في البيت ,لأن معظم وقتي بين المدرسة والمذاكرة والنوم مبكرا للاستيقاظ مبكرا للذهاب للمدرسة في وقتها,جدتي تأخرت كثيرا ,أعتقد انها سوف تبيت الليلة في بيت عمتي .

 

-السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,استغفر الله العظيم واتوب اليه

-تقبل الله صلاتك يا وحيد

-تقبل الله منا جميعا يا جدتي شهرزاد ,الحمدلله انك رجعت بالسلامة ,قلقت عليكي كثيرا يا جدتي,وظننت انك سوف تبتين في بيت عمتي

-لا يا بني ,الموضوع قد انتهي علي خير,ووافق زوج عمتك علي زميل شيماء

-الحمدلله يا جدتي ,شيماء تستحق كل الخير

-أقول لك يا وحيد ,تمهل في صلاتك بين الركوع والسجود ,خذ وقتا كافيا في لقاء ربك,قد رأيتك تستعجل في صلاتك

-نعم يا جدتي ,لكنها المرة الاولي أستعجل ,لأستطيع عمل الواجب المدرسي

-لا يا بني ,لا تهمل صلاتك وتشوهها بهذه الصورة ,كل شئ له وقت محدد وموقوت ,ولن يضيع ,قول لي يا وحيد ,من صاحب الوقت ومن المتحكم فيه

-الله يا جدتي شهرزاد

-أذن كيف تخاف من ضياع الوقت,وانت تقف أمام وبين يدي صاحب الوقت وصناعه وبيده كل شئ

-نعم يا جدتي ,انه نعم المولي ونعم الوكيل

-الصلاة لن تعوض ان فسدت يا وحيد,ام الواجب قد يعاد مراجعته وكتابته مرة تلو الأخري ,لتصل للصواب والصحيح فيه

-حاضر يا جدتي

-بعد ان تنتهي من مذاكرتك ,سوف احكي لك الليلة عن قصة احمد وتعلقه بربه

-علي الرحب والسعة يا جدتي

 

بعد ساعات معدودة بين المذاكرة والضحك واللعب ,وخروج ودخول من والي البيت لشراء الاشياء الخاصة بنا,جاء وقت النوم,فقد كنت في تلك الساعات مفكرا ومنتبها ومنتظرا لحكاية الشاب احمد وتعلقه بربه,اريد معرفة حكايته,انا في حالة اشتياق لسماع جدتي ,قد علمتني ان انصت بعمق وانتباه تام ,لكي استفيد من تلك القصة في حياتي,علمتني الصبر في سماع الاخر والانصات له,تلك الصفات المكتسبة من الجلوس مع جدتي شهرزاد,استفد منها كثيرا في حياتي وتعاملاتي,فقد تعلمت الانصات اثناء سماع القران وتدبره,تعلمت الصلاة بخشوع وهدوءا تام,علمتني ان كل شئ فاني وله نهاية محتومة ولا مفر منها,وان كل شئ بيد خالق السموات والارض,لذلك لا بد ان نتوكل علي الله في كل اوقاته,جدتي حكيمة في كلامها,تتكلم بعقلانية وحكمة تامة, لذلك يستمع لها الجميع ويسمع ويعمل بكلامها ,صوتها دافئ وحنون وجاذب لسماعه من الاخرين,حنونة وطيبة القلب يحبها الجميع ,لقد عشقت الجلوس مع جدتي شهرزاد

-تفضل يا وحيد ,لماذا جأت مبكرا للنوم

-انا في حالة لهفة واشتياق يا جدتي ,لسماع حكاية احمد  وتعلقه بربه ,وماذا حدث معه

-انت تعجبني كثيرا يا وحيد في لهفتك للاستفادة من كل ما احكي واذكره لك,تلك الحكايات يا بني واقعية وحدثت بالفعل,ومنها خيالي,وكلها نتجت عن تجارب الانسان في الحياة ومواجهة صعوباتها,ولكن دائما اقول يا وحيد ,ان الحياة ليست صعبة بطبيعتها,الله اوجد كل شئ وسخره لنا لنعيش وننعم فيها,نحن البشر اوجدنا الصعوبات في الحياة ,في تعاملاتنا واخلاقنا السيئة في كثيرا منا,الله يسر لنا كل شئ وجعل في كل شئ خير ,جاء وقت حدوتة الليلة يا وحيد,انصت وتعلم كي تستفيد ,وايضا تذكر ما اقوله لك جيدا ,لتحكيه وتقوله للأخرين لتعم الاستفادة للجميع .

 

 احمد طالب في االصف الثالث الثانوي ,مجد ومجتهد ويتمنا ان يصبح طبيب بشري مثل والده  الطبيب المعروف للجميع ,كان له صديق وحيد اسمه حاتم ,كل يوم يجتمعوا للمذاكرة في بيت احمد ,وتمر الايام والشهور وياتي يوم الامتحان وكل يوم يمر علي احمد يشعر بالسعادة والفرحة لانه اقترب من تحقيق حلمه ,لانه كان متفوق وكان يحل الامتحانات بجدارة ,وتنتهي الامتحانات وتبدء الاجازة ويبدء معها شهر رمضان المبارك , وكل يوم يمر يفرح احمد لاقتراب موعد النتيجة ,وفي الايام المرتقبة لليلة القدر خرج احمد مع صديقه حاتم ليصلوا العشاء والتروايح كا لعادة ,وبعد الانتهاء من الصلاة وقف احمد وصديقه حاتم يتبدلون الحديث حول النيتجة وفي نهاية الحديث قال احمد لصديقه ,اريد ان اقرء سورة الاخلاص الف مرة لان روحي تفيض بالاشتياق لربي ,قال له صديقه حاتم هل تستطيع فعل ذلك يا صديقي ,قال احمد ان شاء الله سوف استطيع بقدرة الله وارادته ,وبعد السحور دخل احمد حجرته كالعادة وبدء يسبح ويذكر ربه ويسجد ويركع تقربا لله ,ثم بدء يقرء سورة الاخلاص في تضرع ولهفة واشتياق للقاء ربه ,وبعد ان انتهي من قراءة سورة الاخلاص الف مرة صلي الفجر ودعا الله ان يوفقه ويحقق له مطلبه وما يتمناه ,ونام علي سريره ,وفي الساعة العاشرة صباحا دق جرس الهاتف ورفع والده السماعة ,اذا بعمه يبارك لوالده ويقول له نجح احمد بتفوق وحصل علي 99 في المائة ,فرح الطبيب ونادي علي زوجته قائلا لها ان حلم ابننا قد تحقق وسوف يصبح طبيبا ان شاء الله ,ودخلوا مسرعين لحجرة احمد لايقاظه وليخبروه بنجاحه ,وأسرعت الام  لأيقاظ أبنها بفرحة ولهفة ” يااحمد يا احمد يا احمد”, أستيقظ يا ولدي نجحت وحصلت علي 99 في المائه ,ولم يتحرك احمد ,وعرف والده ان احمد قد خرجت روحه للقاء ربها ,فصرخت الله وصاحت  ,ولكن زوجها قال لها  افرحي ان ابنك مات في اشرف واعظم ليلة ومات في اغلي وأعظم فرحة في حياته.

 

-العبرة هنا يا بني ان النجاح فرح والزواج وكل شئ سعيد في حياتنا فرح ولكن الفرح الاكبر ان تقابل ربك بقلب سليم ,كل شئ فاني والباقي هو الله يا وحيد

-نعم يا جدتي شهرزاد ,الحمدلله ,اطال الله عمرك ومتعكي بالصحة والعافية

-لنا جميعا يا وحيد

-الان ,نام لكي تستيقظ مبكرا للذهاب لمدرستك

-تصبحي علي خير يا جدتي شهرزاد

-وانت من اهل الخير والسعادة يا وحيد

 

 

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق