بقلم : إيناس الشيخ
بين أروقةِ المولات والمتاجر العالمية تفوحُ رائحةَ الماركات العالمية الشهيرة التي تميزت بقدرتِها الفائقةِ على جذبِ أكبرَ عددِ من المستهلكين ومحبي الموضة من خلالِ شهرةِ أسمها وعلامتها التجاريةِ والثقةِ التي نجحت في الترويجِ لها في منتجاتِها، فالبعض لا ينظر إلى هيئة أو شكل ما يشتريه بقدر ما ينظرُ إلى قيمةِ علامتِه التجاريةِ حتى لو جعل منه ارتداؤه بهلوناً أو مهرجاً! ، فكثيراً ما تبهرنا صيحاتُ الموضةِ والماركات العالمية ليس بجودتها وأناقتها فحسب، بل ربما بما اكتسبته من شهرةٍ عالميةٍ جعلت من اسمها علامةً مميزةً مروجاً لها بثقة تحت أي خامةٍ وأي جودةٍ وأي شكل، وفي الحقيقة نحن نشتري الماركة وليس القطعة!، فالكثيرُ منا لديه من الهوسِ بالماركات والموضةِ ما يجعله يحرص دائماً على اقتناء قطعةٍ أو قطعتين أو ربما المزيد من القطع من هذه الماركات لتكون ضمن مقتنياته الخاصة، البعضُ للتباهي بها والبعضُ الآخرُ هوساً باقتنائها والبعض الآخر لجودتها وقيمتها. تختلفُ نوايا الشراء ولكن في المجمل لا يمكن أن ننكرَ أننا نعيشُ في مجتمع ينظرُ لماركة ردائك أكثرَ مما ينظر إلى مكمنك، أكثرَ مما ينظر إلى قيمك أو مبادئك أو أخلاقك!، لتصبحَ قيمةُ الإنسان من قيمةِ ما يرتديه لا بما يحويه!
شركاتُ عالميةٌ نجحت بكل ذكاءٍ تجاري في حصرِ هويةِ الإنسان في هيئةٍ أو مظهرٍ خارجي تتحكم فيه بمنتجاتِها، نجحت في حصر نظرةِ المجتمعِ للإنسان في نظرةٍ طبقيةٍ سطحية، وخاصةً في المجتمعاتِ العربيةِ التي فشلت في صنعِ هويةٍ حقيقيةٍ للإنسان! ويأتي هنا الوجهُ الآخرُ لشركاتِ الماركات العالمية والذي لا يعرفه الكثيرُ منا، فتبعاً لما سجلته وعرضته قناةُ الجزيرة الوثائقية من فيلم تسجيلي من خلال استخدام الكاميرات الخفية يوضح حقيقة هذا، ففي الوقت الذي نشتري فيه المنتج ذا العلامةِ التجاريةِ المعروفةِ تحت مبدأ الثقةِ في الجودةِ ومراعاةِ الدقةِ في المواصفات القياسيةِ العالميةِ في التصنيعِ والثقةِ في الصنعِ في بلدِ المنشأ الأصلي ، تأتي هذه الشركاتُ لتتخذَ من شهرةِ علامتِها التجاريةِ ستاراً للجشعِ والغش، ماركاتٌ عالميةٌ معروفةٌ والأكثرُ من الماركات العالمية الضعيفة والمتوسطة تمارس الغشَ وتتخذ من مصانعَ بدائيةٍ في (بنجلاديش) مقراً لصنعِِ منتجاتِها وتصديرِها على أنها من بلدِ المنشأ الأصلي، وعرضِ منتجٍ في الأغلب لا يراعي الدقةَ والمواصفاتِ القياسيةَ العالميةَ في التصنيع، والجشعُ الذي يمارس من استغلال الأيدي العاملة من الفقراء مقابل أجورٍ بسيطةٍ جدا لا تتكافئ مع المجهودِ ولا تقارنُ بما تباع به هذه الماركات، والأكثرُ بشاعةً هو استغلالُ الأطفالِ دون السنِ القانونية للعمل دون مراعاةٍ لحقوقِ الطفل!
ليظهرَ لنا الوجهَ الآخرَ لشركاتٍ عالميةٍ تبني نجاحها استغلالاً على أكتاف مجتمعاتٍ نامية.. فأين المصداقيةُ والأمانةُ هنا؟!
من المؤسف حقاً أن نكتشفَ اننا في مجتمعٍ طبقي عنصري سطحي التفكير لا يقيم الإنسانَ سوى ببعضِ مقتنياتٍ تفوح رائحتُها بانعدام المبادئ والقيم على الأغلب…!
من المؤسف حقاً أن يأخذَ الإنسانُ قيمتَه ممن لا يراعي القيمَ والمبادئ في تجارتِه!..
[أنها القيمةُ المزيفة] .
فقيمتُك الحقيقةُ لا تصنعها ماركةُ حذائك أو ردائك بل تصنعها نظافةُ عقلِك وجوهرِك.