الرئيسة

“ابتسم إنك في العياط”.. قصة ضابط تمنى الشهادة وغُسل بدمه (بروفايل)

“ابتسم إنك في العياط”.. قصة ضابط تمنى الشهادة وغُسل بدمه (بروفايل)

كتب..د سامح كاظم

الحادية عشرة مساء السبت، أخرج نقيب شرطة يعمل بمباحث الجيزة هاتفه للاطمئنان على صديقه حديث التخرج المعين على كمين بالطريق الإقليمي الدولي بمركز العياط جنوب محافظة الجيزة ليخبره الأخير: “نفسي أروح بدري”، لكنه لم يدر بأنه سيترك الدنيا بعدها بدقائق في حادث أليم.
في عام 2017، تخرج الضابط عمر مجدي من كلية الشرطة ليتلحق بالإدارة العامة لمباحث الجيزة، فارع الطول ببشرة قمحية وابتسامة لا تفارق وجنتيه اعتاد الضابط الشاب مقابلة زملائه بل وقاصدي جهة عمله أيضًا، ليحظى بحب واحترام كل من قابله.


منذ شهرين، تم نقل الملازم أول عمر مجدي للعمل ضمن فرقة مباحث العياط والبدرشين جنوب المحافظة، ذلك القطاع الذي يتمتع بأهمية كبيرة لدى قيادات مديرية أمن الجيزة ليبدأ “عمر” رحلة تحدي جديدة لتحقيق رسالته في الحياة التي أقسم عليها يوم تخرجه بحفظ الأمن ورعاية مصالح الشعب ووحدة الوطن وسلامة أراضيه.
طوال عمله بالفرقة، نال الملازم أول عمر مجدي إشادة القيادات خاصة العقيد علي عبد الكريم مفتش مباحث الفرقة الذي كان يحرص دائما على مساندته في بداية حياته العملية داخل جهاز الشرطة متنبئا له بمستقبل باهر لتميزه في عمله، وتنفيذه المهام الموكلة إليه بنجاح.
في غضون فترة وجيزة، أسس الضابط العشريني شبكة علاقات جيدة مع زملائه من جهة وأهالي مركزي العياط والبدرشين من جهة أخرى نتيجة تواجده المستمر في الشارع ضمن أفراد الدوريات المتحركة والأكمنة الحيوية في نطاق عمل الفرقة.
واعتاد “عمر” مشاركة أصدقاءه بموقع “فيسبوك” سيناريو حياته اليومية الشاق من خلال نشر صور له أثناء عمله آخرها الأسبوع الماضي لمدخل مركز العياط معلقا: “ابتسم إنك في العياط” وقبلها كاتبا على صفحته الشخصية: “اللهم اغسلني بدمي وأجعل كفني ملابسي وارزقني شهادة الحق في سبيلك يارب العالمين”.
عقارب الساعة تشير إلى منتصف ليل السبت، الأجواء تبدو طبيعية بالطريق الإقليمي الدولي مع برودة الطقس مع دخول ساعات الليل، يعمد أفراد الكمين المعين بقرية البليدة إلى فحص السيارات المارة والتأكد من تراخيص القيادة والاضطلاع على بطاقات تحقيق الشخصية تنفيذا لخطة العمل الموضوعة من قبل اللواء دكتور مصطفى شحاتة، مساعد وزير الداخلية لأمن الجيزة.


طوال فترة تواجدهما بالكمين، تبادل النقيب جمال صلاح رئيس نقطة كفر عمار الحديث مع الملازم أول عمر مجدي، وشمل الحوار موضوعات عدة قطعها استيقاف سيارتين محملتين بالأعلاف، وأثناء الفحص اصطدمت بالضابطين سيارة مرسيدس بالمقطورة قيادة “تامر. ص” 33 سنة -أمكن ضبطه- مما أسفر عن وفاتهما، وتلفيات بالسيارة الأولى بالجانب الأيمن والثانية بالجانب الأيسر، وإصابة اثنين من مستقلي السيارة الأولى وهما: “حسين. ح”، 33 سنة، بكسر بقاع الجمجمة وتم نقله إلى مستشفى قصر العيني، و”مصطفى.ر” 32 سنة، بكدمة بالعين اليسرى واشتباه كسر باليدين وتم نقله لمستشفى العياط المركزي.
مع انتشار الخبر، تسابق زملاء الضابطين في نعيهما ونشر صورهما مع ذكر مواقف جمعتهما سويًا تظهر مدى الحب والاحترام اللذان كان يحظيان بها، بينما اتشحت مديرية أمن الجيزة بالسواد حزنا على الفقيدين، وتم تشييع جنازة النقيب جمال صلاح بمسقط رأسه بقرية أطواب مركز الواسطى بمحافظة بني سويف، والملازم أول عمر مجدي بالمنوفية كانت سيرتهما العطرة على لسان الجميع الذين حاولوا الشد من أزر أسرتي الضابطين: “إن شاء الله في الجنة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

إغلاق