الرئيسة

زمـــن الحـصــــار

بقلم :الأسد العويضي
المحررة :رضا سليمان

زمن الحصار
إبان الحصار الأمريكى الجائر للعراق ، وفى أصيل أحد الأيام ،،،خرج الدكتور ” مصطفى ” الأستاذ الجامعى – ذو المكانة العلمية المرموقة – من منزله ، حاملاً حقيبة متوسطة الحجم ، قاصداً شارع ” المتنبى “..
… أخذ الدكتور ” مصطفى ” يسير فى شوارع المدينة التى خنقها الحصار ممسكاً الحقيبة بيد وباليد الأخرى منديلاً يمسح به جبهته المتصببة عرقاً … بدا محدودبا كشيخ هرم وبالرغم من إنه فى بداية العقد الخامس من عمره ، إلا أن الأحداث التى يعيشها لم تخف شيئاً من وسامته وبقايا نعيم كان يرفل فيه هو وأقرانه من ذوى الفكر و الرأى
… سار شارد الذهن ، يعتصره الألم لما آل إليه حاله وحال أبناء وطنه ، وأخيراً وصل إلى مقصده ،اختار ركناً منزوياً فى ذلك الشارع العتيق ، ثم وضع حقيبته على الأرض وأخرج منها الكتب وبدأ فى وضعها على الأرض ، بعد أن فرغ من مهمته ، تراجع مسافة إلى الخلف ، ثم جلس بجوار الحائط
…. مر وقت طويل ولم يقترب من كتبه أحد من المارة ، وفجأة .. اقتربت من الكتب المتراصة إحدى الفتيات التى توحى هيئتها بأنها طالبة فى الجامعة ، أخذت تقلب فى الكتب ، ثم تلفتت يميناً ويساراً ، بحثاً عن صاحب الكتب ، لاحظ الدكتور “مصطفى” ذلك ، فتقدم إليها قائلاً : أية خدمة يا ابنتى ؟
نظرت إلى وجهه ، ثم شهقت مذعورة وقالت :
.. الدكتور مصطفى ؟ !! ما الذى أتى بسيادتك إلى هنا ؟!
.. تلعثم قليلاً ، ثم رد قائلاً : هل تعرفيننى يا آنسة ؟
.. قالت : نعم أعرفك ، أنت الدكتور ” مصطفى ” أستاذى بالجامعة ، رد فى أسى : نعم أنا هو !
.. وما الذى تفعله هنا يا أستاذى ؟ !نكس رأسه ولم يرد عليها ، ولكنه لملم كتبه ووضعها فى الحقيبة ثم انصرف عائداً إلى بيته لا يتلفت إلى أحد ، يعتريه الارتباك والحسرة تاركاً عرقه يتصبب على جبينه وينزل على عينيه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

إغلاق