مقالات

وحيد القرشي يكتب”رتوش قلم”

مقال الأسبوع “دندنة الكلمات وتناغم الحروف”
الكل منا يكتب كلماته بترتيب وأسلوبا خاص به ,الذي بجعل القراء يعجبون بتلك الكلمات ويقدمون علي قرأتها ومتابعة كاتبها بلهف وأشتياق ,دندنة تلك الكلمات وتناغم حروفها وتناسقها ومعانيها القوية لتتراص بجوار بعضه البعض لتعطي سمفونية جميلة نتغني بها ونشعر بتلك الكلمات .
تلك الكلمات تعبر عن ما بداخلنا من أحزان وأوجاع وأفراح ,الكل يكتب ولكن ليس كل من يكتب ويتكلم يقول ,في زمن أجدادنا وأبائنا وكتابنا الكبار كان للكلمة قيمة ومعني ومدلول خاص بها لا تحيد عنه او تغير شئ في مفهوم باقي الكلمات ,أما في زماننا هذا أصبحت الكلمة لا قيمة ولا معني لها ,تشتري بالمال لأغراض خاصة وللشهرة الزائفة الوقتية ,وليس لتعطي أدبا وفكرا يظل راسخا في عقول ووجدان الشعوب,لننظر لكلمات الأغاني في زمن أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ وسيد درويش ,كانت الكلمة غنية المعني راسخة متشبعة بحالتها وأحساسها ,وليس كلمات تكتب فقط لنتغني بها ونتراقص كالبهلونات وللتسلية وقت الفراغ ,كانت كلمات تجسد واقع ملموس وحالة نعيشها بكل معانيها ,فالكلمة كانت ملحمة ,استخدمت في السلم والحرب وغيرت تاريخ ومجري الكثير من الشعوب ,الذين صنعوا تلك الكلمة كتاب وادباء وشعراء العصر العظيم في الستينات وحتي الثمانبنات ,كانت لديهم قيم ومبادئ ظلت راسخة ولم تتغير حتي مماتهم ,أمثال احمد شوقي والعقاد ونجيب محفوط وحافظ ابراهيم ,والكثير من العظماء في ذلك العصر,لذلك عندما تذكر تلك الاسماء نشعر بالفخر والعزة وأننا كنا عظماء وسباقين الامم ,والحال قد تغير بنا كثيرا وتأخرنا في كل شئ ,وقد قيل ان الادب والكتابة كانت بمصر ,والقراءة في العراق وترجمة وتجسيد ذلك لفن كان بلبنان .
أعطيكم مثالا بسيطا في كلمات الحب ,والفرق في كلمات الاغنية وما تعطية من معني وقيمة ,الحب في كلمات زمن العظماء كان شئ أرضي يعلو بالمحبوب لأعلي عليين ويسمو به ليشعره بالعزة والكرامة ,وحتي الفراق كان بين المحبين بكل أحترام ووقتي ,لعل الحب يعود مرة أخري ,ولم تتغير قيمة الكلمة وظل أحترام الطرفين في كلمات الاغنية ,أما في زماننا هذا أصبح الحب في كلماته شئ وقتي وقد يكون وهمي ولو حدث الفراق تحولت الكلمات الي سفالة وعدم أحترام ,علي سبيل المثال أغنية في هذا الزمن الذي فقدنا فيه الحس والذوق ,تقول في مطلعها الاول” أنت كل حاجة “,وبعد أذمة ومشكلة أدت لفراق الحبيبين أصبحت الكلمات تقول” ودلوقتي والا حاجة” ,أين الحب في تلك الكلمات وهل أعطت لنا معني وقيمة للحب لنتعلم من تلك الكلمات ونددرسها عبر العصور والاجيال ,لم تعطيني شئ سوي أنعدام لقيمة ومعني الكلمة .
لذلك أنصح من أراد ان يتعلم الكتابة والكلمة ان يقرء أولا لكتاب وأدباء عصر العظماء في الستينات وحتي التسعينات ,وان ينتقي من كتاب وأدباء ذلك العصر ممن يعطون للكلمة قيمة ومعني في كتاباتهم وليس كل من يتكلم ويكتب يقول .
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

إغلاق