تقارير وتحقيقات

الأشباح .. أبطال خلف الگواليس قادوا المعارك الخفية

متابعة :- شيماء محمد
خلف صفوف الجنود هناك دائما حكايات مختلفة عن تلك التى ترويها الصور، ويخلدها التاريخ، هناك أبطال لم يذكرهم أحد، وربما لم يدرك أحد دورهم الحقيقى والمهم فى الحرب، تبقى ذكراهم فى أذهان من عاصروهم وحسب، سواء من الأهل أو من الاعداء، أحيانا تنقلها الحكايات الشعبية، ويرويها الأهل للأطفال، لكنها فى النهاية لا تنال شهرة غيرها من الحكايات، ولا يهتم بتأريخها أصحاب الشأن.

بعد نكسة 67 ورغم الظروف العصيبة التى كانت تمر بها البلاد، اختار رجال المخابرات الحربية المصرية من خلال اتصالاتهم بشيوخ القبائل، مجموعة كبيرة لتقوم بأحد اخطر الادوار فى فترة حرب الاستنزاف. 1100 شاب من ابناء سيناء كان قوام تلك المجموعة، التى تجمعت بهدف مقاومة قوات الاحتلال الاسرائيلى، وسميت «منظمة سيناء العربية» وهى التى اطلق عليها الاسرائيليون فيما بعد لقب مجموعة الاشباح، لصعوبة القبض على اعضائها وكثرة العمليات التى قاموا بها. يروى قصة الاشباح المهندس عبدالحميد محمد سليم الاخرسى من قبيلة الاخارسة احدى اكبر قبائل شمال سيناء، ويقول «الاشباح كانوا ثلاث مجموعات مقسمة بين السويس والاسماعيلية وبورسعيد وكل مجموعة كانت تعمل تحت قيادة ضباط المخابرات الحربية».

الدكتور والديب
كان عمران سالم عمران ابن قبيلة الاخارسة، وعبدالكريم ابو لافى ابن قبيلة السواركة، فى الثلاثينيات من عمرهما، حينما طلبت منهما قيادة المخابرات الحربية القيام بعملية مهمة فى سيناء.
استعد الديب كما كان يلقب عمران، والدكتور كما أطلقت القيادة على ابو لافى، لتنفيذ المهمة وهى تفجير مطار مستعمرة «نحال سيناي» باستخدام 20 صاروخا من نوع كاتيوشا، كما يروى الأخرسى

«بدأت ساعة الصفر ليلا بعبور الشابين مياه قناة السويس، قادمين من جهة الغرب، متجهين إلى أراضى سيناء، ومعهما الصواريخ على جملين، حتى وصلا بالقرب من الهدف المطلوب».

انطلق عمران منفردا لمعاينة مكان المهمة، وكانت مستعمرة نحال سيناى عبارة عن مهبط لطائرات هليوكوبتر، «تفحص الديب الطائرات، وحدد مكانها بدقة، وفى الظلام عاد لرفيقه ليجهزا الصواريخ، وفور الانتهاء قاما بتثبيت الصواريخ تجاه الهدف، وانطلقا إلى قرية نجيلة بمركز بئر العبد التى تبعد عن العريش 80 كم، واثناء الفرار سمعا اصوات الانفجارات تدوى، ونجحا فى تدمير 12 طائرة، وخلفت العملية اكثر من 20 قتيلا من قوات العدو الاسرائيلي»، بحسب رواية الأخرسى. شغلت تلك العملية وسائل الاعلام الاسرائيلية وقتها، وتساءل موشى دايان عن كيفية تمكن القوات المصرية من تفجير مستعمرة نحال سيناى، وكانت المفاجأة ان الطائرات التى تم تدميرها هى التى اغارت على جزيرة شدوان فى البحر الاحمر. عاد الدكتور والديب إلى الضفة الشرقية للقناة سريعا، بعد ان ابلغهم الرائد محمد اليمانى احد ضباط المخابرات الحربية المصرية الذى يتخفى فى سيناء كأحد ابنائها بهوية اسرائيلية، ان قوات العدو تمشط المنطقة، ولابد من عبورهما الضفة الغربية للقناة وهو ما حدث.

المكافأة عملية جديدة
عند وصول البطلين لمحل القيادة بالقرب من بورسعيد تم استقبالهما باحتفال كبير من قبل زملائهم والقيادات، خاصة انها أول عملية فدائية ضد قوات الاحتلال، وقررت القيادة مكافأة البطلين، الا انهما طلبا ان تكون المكافأة عملية اخرى داخل عمق سيناء، يواصل الاخرسى. «طلب احد الضباط، يدعى مدحت، من البطلين اعطاء معلومات كافية لاثنين من زملائهما للقيام بالعملية الثانية، ونصحهما الديب والدكتور ان ينفذاها فى وضح النهار، لأن العدو الاسرائيلى لا يمكن ان يتوقع أن تتم العملية نهارا، كما ان استعداده سيكون ضعيفا، وهو ما حدث بالفعل، وتم تنفيذ تلك العملية، وكبدت العدو خسائر كبيرة فى صفوفه، وعاد البطلان الجديدان مرة اخرى غرب القناة». ويضيف الاخرسى ان عمه الملقب بديب سيناء نفذ العديد من العمليات الكبيرة مع رفقائه، ودمروا دفاعات العدو فى قريتى رمانة، وبالوظة، ومطار العريش، وقطعوا خطوط الإمداد عن العدو عدة مرات، بالاضافة إلى عملية تدمير مستعمرة الشيخ زويد بصواريخ الكاتيوشا، وتدمير محطة الرادار، ونفذ اكثر من 150 عملية ضد قوات العدو الاسرائيلى على ارض سيناء، وتوفى عمران سالم عمران ديب المقاومة يوم الجمعه 13 رمضان عام 2002.

الدكتور صائد الجواسيس
البطل عبدالكريم لافى، الذى اشتهر بلقب الدكتور بين افراد وقادة المنظمة، قاد عشرات العمليات مع رفاقه، «كان صائد جواسيس، كان بيقبض عليهم، وينقلهم على الجمال مكتفين من ارض سيناء، ويعبر بهم القناة، ويسلمهم للقيادة المصرية»، كما يروى الأخرسى، «الى أن القت اسرائيل القبض عليه وحكم عليه بالسجن 140 عاما قضى منها 4 سنوات بسجن عتليت باسرائيل، ثم بادله الجيش المصرى بجنود اسرائيليين بعد انتصار أكتوبر». يسرد الاخرسى سيرة رفقاء عمه من بينهم المجاهد عودة المسعودى الذى تم أسره بمنطقة ممرات متلا عام 1968، وتم الإفراج عنه بعد انتهاء اجواء حرب اكتوبر عام 1974، حيث كان عمله رصد التحركات الاسرائيلية داخل مطارات سيناء ويبلغها لزملائه بالمنظمة عبر اجهزة اللاسلكى.

أول شهيد
يضيف الاخرسى ان اول شهيد للمنظمة هو الشاب حسين مسلم، الذى استشهد اثناء تصديه لقوات الاحتلال حتى ينفذ رفقاؤه العملية المتفق عليها، «اثناء تنفيذ عملية تدمير أحد مستودعات الذخيرة فوجئ المجاهدون بجنود العدو على مقربة منهم فقرر الشهيد مباغتتهم حتى يشغل انظارهم عن زملائه واشتبك معهم ونفذ رفقاؤه العملية بنجاح، ولكن عادوا بدونه بعد استشهاده».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

إغلاق