مقالات

لابد من الثلاثة حينما نغني

حبشي رشدي
صار مألوفا ان مطربي و مطربات زمننا الراهن يلجئون الى انتقاء اغاني من ازمنتنا الجميلة ليرصعون بها حفلاتهم ، و ليشنفون بها آذان جمهور لا يزال متعلقا باغاني عديدة قديمة لا يودعها ابدا ذاكرة النسيان ، و أول دلالات توكأ الغناء الحديث على سلفه الاقدم ، ان الغناء الحديث يمر بحالة ذبول ، بينما الغناء الاقدم يظل هو الاكثر نضارة و قدرة على البقاء
في مسابقات الغناء لاختيار افضل الاصوات ، مثل ” الدوم” و غيره ، يختار المطربون الشباب من الجنسين في هذه المسابقات اغاني قديمة يرونها ، في اللحن و الكلمة ، اكثر تعبيرا عن اصواتهم ، بل و يخاطبون من خلال هذا القديم الجمهور الذواقة
غنائنا الراهن ، و بعد الابنودي و سيد حجاب و عبد الوهاب محمد …الخ ، لا يجد الكلمة العبقرية التي كان يبدعها شعراء عباقرة ، و حينما ضعف مخيال الشعر الغنائي و لجأ العندليب الى دواوين نزار قباني و اختار منه قارئة الفنجان ، و حذا حذوه في اختيار نفس المصدر لكلمات اغانيه كل من كاظم الساهر و ماجدة الرومي ، كان ذلك دلالة على ان نبض شعر الفصحى ، كما كان يبدعه نزار ، اكثر عبقرية و جاذبية و تاثيرا من ابداعات بعض شعراء الاغنية
و بمثل ما حدث على صعيد الكلمة نجد ايضا ان الحان الغناء الحديث سريعة التبخر من ذاكرة مستمعيها ، و ايضا فاقدة لهويتها التي تميزها عن غيرها ، بل و كثرت سرقات الالحان الاجنبية و محاولات تمصيرها بغير خجل او مسئولية
واحدث السرقات الغنائية المكتشفة اغنية : “الغزالة رايقة ” التي تبين انها مسروقه من اغنية روسيه منذ نحو خمس سنين اسمها : ” اللبؤة المتوحشة” .. فقد سرقوا اللحن وقلبوا اللبوه الى غزالة
لكل ذلك يجدر بي التذكير انه لم يعد يجدي أو يكفي ان نبحث فقط عن الاصوات الرائعة الجميلة التي تضيف الى رصيد الغناء المصري ، و ننظم المسابقات لهذه الغاية فقط ، و لكن بالاضافة الى الاصوات الجميلة علينا ان نبحث عن ملحنين و كتاب كلمة عباقرة ، ليبدأ الغناء المصري مرحلة جديدة فعلية ، و الا فاننا سنجدد تجربة هاني شاكر الذي يتمتع بصوت جميل قد لا يكون له شبيه في كل عالمنا العربي ، و لكن الافتقار الى التلحين الجيد و الكلمة الجميلة ادخلا هذا المطرب الى نفق مظلم ، فقد اخفق هاني شاكر ، رغم تلقيبه بـ : “أمير الغناء العربي” ، ان يكون عندليبا ،كما كان يطمح ، بسبب انيميا التلحين و الكلمات ، لذا ففي الوقت الذي نبحث فيه عن اصوات جديدة و جميلة ، علينا بالتوازي مع ذلك ، البحث عن وسيلة لانتقاء ملحنين و كتاب كلمة “شعر غنائي” ليتوفر ثالوث عبقري للاغنية المصرية في طورها الجديد و المرتقب ، فان اردنا غناءا شجيا جميلا لابد من الثلاثة ، و بغير ترتيب : الصوت و الكلمة و اللحن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

إغلاق