مقالات
الحرب الخفية
بقلم غادة المصري
تختلف الحروب في اشكالها و انواعها مثل الحروب العسكرية و الاقتصادية و الفكرية و الثقافية او نفسية و اعلامية و قد تكون بيولوجية و قد تطورت الحروب البيولوجية علي مر العصور من انتشار اوبئة و تلوث مياه و قد تطورت اساسيات تلك الحروب مع بدايات عام 1900 ووصلت الي مستويات تطبيقية مؤثرة خلال الحرب العالمية الاولي 1914- 1918
و ما اسفر عن اتفاق دولي بجنيف عام 1925 يجرم استعمال الاسلحة البيولوجية و افرازاتها من السموم المستعملة في في اسلحة الحرب الكيميائية , و في هذه الحالة نجاح الحروب البيولوجية يعتمد علي دقة اختيار الكائن الميكروبي من حيث قدرته علي البقاء في الظروف الصعبة من حيث الانتشار و شدته الامراضية و صعوبة الكشف عنه و مقاومته لتعطيل محاولات رد الفعل من الهدف المقصود
و حاليا تختلف طريقة توصيل الميكروب الي الهدف باختلاف الغرض من الهجوم مثل تلويث مياه الشرب و الحشرات الناقلة للامراض و المبيدات الحيوية المستوردة بحسن النية , و منها ايضا استخدام التكنولوجيا المتطورة مثل الصواريخ و الطائرات النفاثة و القنابل البكتيرية
و نظرا لما تكلفه الحروب العسكرية من خسائر بشرية و مادية و غيرها و تعتبر نتائجها محدودة و رؤوا ان الانتصار فيها لا يمتد طويلا فالخطر يكمن في ان المهزوم لا ينسي الهزيمة و يظل يسعي جاهدا الي استعادة القوة و محاولة الانتقام بل و رد الصاع صاعين
و لا نغفل عن المجال الاقتصادي حيث استنزاف ثروات و خيرات الدول الضعيفة و المغلوبة علي امرها لتبقي ذليلة و خاضعة دائما
و لا ننسي ان من اخطر الحروب الخفية ايضا هي الحروب الفكرية و الثقافية حيث تتسلل عن طريق بعض الكوادر التابعة للعدو بطريق غير مباشر تعمل علي هدم الاسر و انتشار الفساد و الشائعات في المجتمع من جميع الجهات و انتشار الجرائم المختلفة بكافة اشكالها و التسلل الي مجال الاعلام و هدم الافكار الايجابية و انتشار السلبيات التي تؤدي الي هدم كل القيم الاخلاقيةو الدينية و ترابط المجتمع
و ليس فقط التلاعب بعقول شعب باكملة بل و بين الدول بعضها البعض و خلق الفتن فيما بينهم و النزاعات بأي شكل من الاشكال سواء اخلاقي او اقتصادي او استراتيجي او حتي دينيا و لا عزاء للمستمعين
و اللعب بافكار و عقول الاجيال الصاعدة و سلب ارادتهم و عدم انتسشار التسامح و نشر افكار شيطانية هدامة و قذرة لضعف البنية الاساسية للمجتمعات الشرقية و العربية الاصيلة و ضعف الكيان العربي كله و تفككه ليكون ورقة سهلة المنال من قبل الكيانات الاخري المتحكمة في مستقبل الدول و اقتصاداتها
تلك المعارك الضارية التي لا تسفك فيها الدماء و لا يحترق فيها بارود التي تنتهك السلم و الامن و يعتبر مبدأ حسن النية في العلاقات الدولية اكثر من مجرد حبر علي ورق فالاصرار و التعمد و نظريات المؤامرة ما تحكم تلك العلاقات بغض النظر عن عدد الابرياء اللذين يسقطون فتلك مسائل تعد اكبر منهم و من حياتهم
و من ميادين تلك الحروب ايضا وصلات الشبكات العنكبوتية حيث يهاجم قراصنة يجلسون في غرف مكيفة و من امام شاشات حواسبهم الامن القومي لدولة ما و قد يكون الميدان مختبر علمي سري يطور فية علماء و اطباء علي سبيل المثال و قد يكون قطاع التجارة او الصناعة او التنقيب عن النفط في اعماق المحيطات و الكثير من تلك الانواع الهدامة
و سيأتي الدور يوما بحدوث انشقاقات و تدمير فكري للكوادر العربية بصفة عامة في نظام القيادات و النخر في بنية القوي الحامية للدول و الداعمة لها و ما يقوم به العدو في الخفاء و التركيز علي العنصر البشري و هدمه من جميع الاتجاهات فيما يجب اتخاذ اجراءات تنبيهية و الاهتمام بالندوات و المؤتمرات و مراكز القوي و الاعلام للهيمنة والسيطرة علي التوعية اول بأول و اللحاق بأي تدخل فكري او مادي و صده .