استغاثة المواطنين

المواطن العايش في الدنيا والميت فى أجهزتنا الحكومية هل هذا معقول يا سادة ونحن في القرن الحادى والعشرين

تقرير :- حجازى صلاح
وليد مسامح

لم يخطر أبدًا ببال مزارع بسيط مقيم بإحدى قري المنيا يدعي مصطفي عبد اللطيف، من أن يتحول هدف حياته من أن ينعم بـ”الستر والعيش الكريم” هو وأسرته المكونة من سبعة أفراد، إلى أن يثبت أنه موجود، وأن يصدق الناس أنه على قيد الحياة.
يجوب المواطن الدواوين الحكومية بمختلف أنواعها، يستشير محامين، يتساءل “أنتوا شايفيني ؟!.. عينيكم شايفاني ؟!.. أمال إزاي أنا مش موجود.. أنا حي ..والله العظيم حي”.
الرجل الذي تحولت حياته لجحيم بسبب خطأ إداري، اكتشف فجأة عند توجهه لمصلحة الأحوال المدنية، أن الدولة سجلته “ميتا”، وأقرنت رقمه القومي باسم متوفي مشابه لأسمه في محافظة من محافظات مصر، لم تطأها قدماه طوال حياته، وعندما داخ في دهاليز الروتين، اكتشف أن شهادة وفاته تحمل لقب أرمل، رغم أن زوجته علي قيد الحياة، تبكي وجيعة زوجها ليل نهار.
البداية كانت في شهر أغسطس الماضي، عندما انتهت مدة سريان بطاقة الرقم القومي، للمواطن مصطفي عبد اللطيف علي عبد الرحمن، 51 سنة، الذي يعمل مزارعا ويقيم بقرية “أسمنت” التابعة لمركز أبوقرقاص.
ولأن المواطن متعلم وحاصل علي دبلوم تجارة، فقد بادر وتوجه لمصلحة الأحوال المدنية، مقدما استمارة طلب تجديد بطاقة الرقم القومي، ولما ذهب في الموعد المحدد لتسلم بطاقته بعد التجديد، فوجئ بالموظفين يعيدون له استمارته، ويفاجئونه بالقول صاحب البطاقة متوفى قبل عام!!!
أبدي مصطفي إندهاشة وذكر للموظف، “أنا مصطفي .. أنا حي”، فأراه الموظف التأشيرة المودنة علي الاستمارة ومكتوب فيها : “صاحب الأوراق متوفى بتاريخ 25 نوفمبر 2015، ويرجي عمل ساقط قيد، والبيان مربوط وفاة بمحافظة الإسماعيلية “، رغم تأكيده أنه لم يزر محافظة الإسماعيلية ولا توقف بها قبل أزمته أبدا.
وبعد استشارات و استفسارات بدأ مصطفي رحلة بدأت ولم تنتهي، يصفها مصطفي بالعبارة الشهيرة “كعب داير”، جاب فيها العديد من المصالح الحكومية ولم ينجح في إثبات أنه حي بالأوراق الرسمية حتى الآن .
يروي مصطفي تفاصيل الرحلة، كاشفا أنه توجه لمقر مركز معلومات محافظة المنيا، ولما تفهموا مأساته أفهموه أن المشكلة تخص مباحث الأحوال المدنية، التي طلبت منه إحضار كل ما يثبت أنه مصطفي عبد اللطيف علي عبد الرحمن.
وبالفعل أحضر مصطفي شهادة الخدمة العسكرية، و مستخرج من المؤهل الدراسي، ووثيقة الزواج وشهادة الميلاد، بعدها حرر ت مباحث الأحوال المدنية بالمنيا محضراً بالواقعة وأرسلته للإسماعيلية، وبعد نحو شهرين أرسلت الأحوال المدنية بالإسماعيلية ردها بأنه يبقي القيد علي وضعه كما هو عليه، أو اللجوء للقضاء .
ويكمل مصطفي مؤكدا أنه لم يستسلم و ذهب لمقر الأحوال المدنية بالعباسية، ثم توجه لمحافظة الإسماعيلية، في زيارة اضطرارية، إلا أن جولاته كلها باءت بالفشل.
واستغاث مصطفي، الذي يعمل مزارعا ويرعي أسرة مكونة منه وزوجته وخمسة أبناء في جميع مراحل التعليم، باللواء مجدي عبد الغفار، وزير الداخلية، مؤكدا أنه لا يأمن وضعه الغريب، متسائلا، “كيف أعيش؟! إذا طلبت مدرسة من أبني إحضار ولي الأمر فهل أذهب معه أم أتركه؟ ماذا سيكون جوابه، كيف أمارس حياتي.؟!”
وأظهر مصطفي عن مفارقة أخري، لافتا أن شهادة الوفاة المنسوبة له بالخطأ، مدون فيها انه أرمل ، والواقع انه يعيش مع زوجته أم أولاده .
من ناحيته ذكر وليد مسامح، مدير فرع مركز الحريات والحصانات لحقوق الإنسان بأبوقرقاص، أنهم استقبلوا كمركز حقوقي شكوى مصطفي عبد اللطيف، وتأكدوا من صحة أوراقه .
ولفت مسامح ان المشكلة تم اكتشافها عن طريق الصدفة فمن الممكن أن يكون هناك آخرين لا يعلموا أن لديهم شهادات وفاة، وأثبت ان هذا الوضع غير قانوني، ولابد من الكشف عما فعل تلك الغلطة فإذا كانت مقصودة فإنها كارثة خاصا ونحن نعيش في أجواء إرهاب، وفسر مسامح فالشخص غير الموجود من الممكن ان يقوم بسلوكيات خارجة علي القانون ولا يحاسب من أي جهة وقتها .

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

إغلاق