مقالات

الإلحاد أفيون الشعوب

كتب: عاطف صبيح
الإلحاد أفيون الشعوب.. هذه هي الحقيقة التي عكسوها؛ فلن تجد ملحدًا إلا ووراء إلحاده فجر وعهر وبوهيمية مهما تمكيج أمام الشاشات؛ لذا فعندما يحاول أحدهم التنظير أمامي بالتسافل على الإسلام، فإني لا أدافع عنه، وإنما أسحب ذلك البني آدم إلى أُسِّ القضية، الزنا والدعارة والغطرسة التي هي دينهم.
لماذا الإلحاد أفيون الشعوب؟ لأن الملحد هو في الأساس واحد فاجر، وعنده أزمة نفسية، أن الله جعل في تركيبة الإنسان وازعًا داخليًّا، نطلق عليه الضمير. هذا الوازع النفسي مثل التألم عند شعور الجسد بخطر، ومع ارتفاع العهر يزيد الوازع، ولكي يتخلص من لسعات ولزعات هذا الوازع؛ يؤفين ضميره بأن يقول: ما فيش إله؛ ليخدر ضميره، وبهذا يخمد فوران فطرته.
لذا فإنه يتشنج، ويركبه مائة عفريت عند ذكر الله بأي شكل؛ لأن ذكر الله يحرك ضميره المخدر. وهذا سر تسخير كل طاقته لمحاربة الإسلام (والإسلام فقط) بكل ما أوتي من قوة. فالطريف أن الإلحاد حصري على الإسلام دون بقية الأديان والديانات، حتى من يعبدون الفئران، بل في حالات كثيرة يقترن بالدفاع عن أبناء هذه الديانات، تحت عناوين حقوق الإنسان والحريات والأقليات وووووو.
وحتى لا تنعقد مقارنة طبيعية ومنطقية تكون القاضية؛ يبادر هو بالهجوم على الإسلام، ويتهم أتباعه بأنهم قطيع، ويروج أنه صاحب فكر مستنير، وينحصر وينحشر فكره عن الحرية في القاذورات التي هي بيئته التي ينشط فيها.
لذا فهؤلاء يستوجبون الشفقة على الخرابة النفسية داخلهم، ولكن حتى هذه الشفقة يخسرونها بعجرفتهم وتعاليهم وضجيجهم. وهؤلاء التأسيسيون التنويريون دمويون لو تمكنوا، متعالون لو تعاملوا، متغطرسون لو تكلموا، ويطبشون في الكلام، ويبطشون في الأفعال؛ لذا يخسرون حتى الشفقة عليهم.
فكل ما يربطهم بتصنيف البشر هو المظهر، وإن كانوا يرون أنفسهم فوق البشر؛ فهم ليسوا مخلوقين، هم طيف من انفجار كوني جاء من مافيش ورايح على مافيش، ويتباهون ببلاهة أنهم ملحدون. ومنهم من يؤمن بالتدرج في هذا الطيف المافيش؛ حسب عقيدة إلههم دارون.
هم عباد للشهوة، من شهوة الزنا، وشهوة الأضواء؛ ليمارسوا زنا العقول والأعراف والتقاليد والأخلاق، فيرمون قاذوراتهم النفسية والذهنية في مقالب الإعلام، ومواخير الجوائز العالمية، حتى يحشروهم في رموز المجتمع.
وحتى لو فرضنا أن لديهم فكرًا وثقافة من باب الفرض الجدلي، فأكبرهم ناقل من كتابات المستشرقين، مع الفرق الشاسع؛ فالمستشرقون عكفوا على تراثنا، وقرءوه جيدًا، واستخرجوا الطعون من أجل التشكيك فيه. أما هؤلاء فأخذوا كلامهم على الجاهز؛ لذا فلكي تقهرهم في جدال، خذ منهم أول كلمة، وأغرِقْهم في التفاصيل، وستجدهم ينفعلون عليك ويجعِّرون كما نشاهد كثيرًا في برامجهم؛ لإفساد الجدال العلمي؛ لأنهم مجرد حافظين للقشور وعناوين الكتب، بلا حجة لديهم يمكن أن يستدلوا بها، أو يبنوا عليها رأيًا. ولكن الحنكة أن تلعب مهاجمًا لا مدافعًا؛ فليس في ديننا عيب أو شيء ننكسف منه، أو إدانة لندافع عنها.. هاجِمْهم بمنطقهم، طفّحْهم من نفس كأسهم هم.. ألزِمْهم في الجدال بالمنهج العلمي كما يلزمونك، وألف باء هذا المنهج العِلِّيَّة، وهي كافية لمحوهم ومحقهم؛ لأن العلية بمنهجهم هم تقضي أن كل شيء له سبب؛ ومن ثم فالكون لا بد له من فاعل. دعهم يبحثون مخرجًا لهذا الجُحر الذي ألقيتهم فيه وبسلاحهم هم. أما أن يظل الواحد منهم هو الفارس المغوار، يلطش يمينًا وشمالاً، وأنت تلملم وراءه، وتجهد نفسك في الدفاع عن دينك؛ ليكون أقصى طموحك أن تخرج بأن الإسلام دين كويس وزي الفل، فهذا سفه منك؛ فالإسلام هجومي في هذه القضايا لا دفاعي، والخارج عن القاعدة هو وليس أنت؛ إذن فهو المطالب بالبحث عن مبررات لشذوذه عن نظام الكون.
لقد عشت سنين طوالاً مع قادة هذا التوجه، ودخلت مغاراتهم النفسية، فوجدتهم أقذر وأشذَّ مما يكمن أن نتخيل في كل شيء؛ لذا أنصح كل من انبهر بأي كائن منهم أن يتواصل معه، ويعرفه عن قرب، ووقتها ستنكسف له سوأته، وسيعرف أنه لا شيء، إنما مجرد سوأة، طيف لكائن هلامي من فصيلة المافيش.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

إغلاق