الاسلامياتالرئيسة

الطلاق بالهاتف

محمد سعيد أبوالنصر

السؤال:رجل اتصل بزوجته من خلال الهاتف وقال لها أنت طالق فهل يقع الطلاق؟ وهل يجوز له أن يراجعها بالقول دون المباشرة بالوطء لأنه مسافر ؟
الجواب:
مع تقدم الزمان لعبت الأجهزة التكنولوجية دوراً هاما في حياة الإنسان ،وتعددت استخدامات الإنسان لهذه التكنولوجيا ،ما بين التلفون المحمول أو الشات أو البريد الالكتروني وغيرها ،فهل إذا بعث الزوج لزوجته برسالة أو كلمها عبر الشات أو خاطبها بالتلفون وأخبرها بأنه يطلقها وقع الطلاق ؟
والجواب :الطلاق عبر الهاتف أو الشات أو البريد الالكتروني ، أو رسائل الهاتف أو الورقة المكتوبة، وسيلة جديدة لإثبات الطلاق وليس نوعاً جديداً، وبه يقع الطلاق ويعتبر الطلاق نافِذا وماضٍ كَسائِر الطُّرق التي يَنفَذ بها الطَّلاق ،ويعتد به شرعا، إذا أقر به ‏الزوج واعترف أنه طلقها، وهذا الاعتراف إقرار بالطلاق، والإقرار ‏‏سيد الأدلة ،أما إذا أنكر الزوج إيقاع الطلاق على زوجته فإنه لا يقع لأن الأصل عدم‏ ‏الطلاق.
كذلك يقع الطلاق إذا شهد به شاهد عدل على ذلك ،وقال أنه يشهد بأن فلانا طلق زوجته عبر الهاتف أو البريد الإلكتروني…
ولكن الفقهاء اختلفوا في طلاق الهاتف هل هو صريح أم كناية.
1- قيل يعامل بما نطق به صاحبه أو كاتبه فلو كان صريحا وقع صريحا ولو كان كناية يسأل ماذا تقصد بهذا الكلام الطلاق أم غيره .
2- وقال بعض الفقهاء : “الطلاق عن طريق الهاتف برسالة يعتبر من كنايات الطلاق ،فالرسائل والمكاتبات من كنايات الطلاق لا يقع بها الطلاق إلا بالنية؛ لأنها إخبارٌ يحتمل الصدق والكذب، فيُسأل الزوج الكاتب عن نيته؛ فإن كان قاصدًا بها الطلاق حُسِبت عليه طلقة، وإن لم يقصد بها إيقاع الطلاق فلا شيء عليه؛ قال الإمام النووي الشافعي في “منهاج الطالبين” ولو كتب ناطقٌ طلاقًا ولم يَنْوِهِ فَلَغْوٌ” اهـ” قال الإمام ابن حجر الهيتمي في “شرحه” عليه [إذْ لا لفظ ولا نية] اهـ.وقال المرداوي: إذَا كَتَبَ صَرِيحَ الطَّلَاقِ، وَنَوَى بِهِ الطَّلَاقَ: وَقَعَ الطَّلَاقُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ … وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، فَهَلْ يَقَعُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ . وَهُمَا رِوَايَتَانِ. …. أَحَدُهُمَا: هُوَ أَيْضًا صَرِيحٌ. فَيَقَعُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ. وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ
ولما كان السائل قد أقر بأنه يقصد الطلاق: فتقع بهذه الرسالة طلقةٌ رجعيةٌ إن لم تكن مسبوقةً بطلقتين أُخريين. ”
أما كيفية المراجعة فننظر إذا كانت هذه هي الطلقة الأولى؛ فتُحسَب طلقة واحدة، وله أن يُراجِع خلال فترة العدة بالقول أو بالفعل، وبدون مهر ولا وَلِيٍّ ولا عقد جديد. والمراجعة بالقول: كأن يقول: راجَعْتُك، أوراجعت زوجتى إلى عصمتى أو غيرها من الألفاظ التي تُفهَم منها المراجَعة.
وأما الرَّدُّ بالفعل: فقد ذهب الحنفية إلى أن الجماع ومُقدَّماتِه؛ كاللَّمس والتَّقبيل ونحوهما بشَهوة تَحصُل به الرَّجعَة.
وذهب المالِكيَّة إلى صِحَّة الرجعة بالفعل؛ كالوَطْء ومقدماته؛ كالتقبيل بشهوة بشرط أن ينوي الزوج بهذه الأفعال الرَّجعة. وهو ما اختاره ابن تَيْمِيَة،
وذهب الشافعيَّة إلى عدم صحة الرجعَة بالفعل مُطْلقًا سواء كان بوطء أو مقدماته، وسواء كان الفعل مَصحوبًا بِنية الزوج للرَّجعَة أو لا.
وذهب الحنابلة إلى أن الرَّجعَة تَحصُل بالوطء، ولو لم يَنوِ الرَّجعَة، ولكن لا تَحصُل بمقدماته في الرواية المعتمدة في المذهب. فإذا راجَع الزوج زوجته قبل انقضاء العدة قولًا أو فعلًا أصبحت زَوجتَه
أما إذا انقضت العِدَّة فلا بد للرَّجعَة من عَقْد ومَهر جديدين. هذا، ومن المعلوم أن عِدَّة المُطَلَّقة التي يمكن أن تحيض ثلاثة قروء؛ لقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228]، والقروء جمع قِرْء، والمراد به الحيض على الرَّاجِح من قولي أهل العلم، قال ابن القيم: “إن لفظ القُرْء لم يستعمل في كلام الشَّارِع إلا للحيض، ولم يَجِئ عنه في موضع واحد استعمالُه للطُّهْر”. والحيضة التي تُطَلَّق فيها لا تُحسَب من عِدَّتها بغير خلاف بين أهل العلم، كما قال ابن قُدامة في “المغني”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

إغلاق