الأدب و الأدباء

قصة الأسبوع “فطومة الخاطبة”

تأليف:وحيد القرشي 

في ساعة متأخرة من الليل , أستيقظت وتذكرت ذكرياتي الحارة بين لحظات مؤلمة واخري مفرحة والتي لم تدوم كثيرا,لكنها كانت مفرحة ومبهجة لقلبي المتعطش للحب والحاني له,والدي ووالدتي أجبروني الزواج من رجل اكبر مني بسنوات عدة ,رغم علمهم بحبي وارتباطي بشخص اخر,طلبت منه مرارا وتكرارا ان يتقدم لخطبتي وطلب يدي من والدي ,كان يتهرب بحجة المال وعدم قدرته علي مصاريف الزواج ,فما كان من والدي الا ان يزوجني كالفتيات خوفا ان اصبح ضمن فصيلة العانسات الكثيرات في زماننا هذا .
– وبعدين يا فاطمة ,كل عريس يجيلك يا بنتي ترفضيه ,اية الحكاية
-والا حكاية ولا رواية يا بابا ,انا معاك في الا تقول عليه
-لا يا بنتي ,انتي صاحبة القرار وديها حياتك وانتي حرة
-خلاص يا بابا انا موافقة
– فاطمة يا بنتي ,انتي كبرتي والايام بتجري بيكي,ولا عاوزة تكوني عانس وتقعدي من غير زواج,عاوزين نفرح بيكي قبل ما نموت يا بنتي
-العمر الطويل ليك ولماما يا بابا,انا موافقة يا بابا
تزوجت من فؤاد صاحب القلب الطيب الاكبر مني بخمسة عشر عاما,كان يعاملني كأبنته يحنو عليه ويتطلف بي ,لم أشعر بالاحتياج أبدا رغم انه رجل فقير لا يمتلك سوي دكان صغير للبقالة يقف به ليلا ونهارا للبيع وللشراء واستحلال الرزق,لم يدوم زواجنا طويلا ,كم كنت اشعر بالالم والذنب في كل مرة أقابل مراد حبي الاول وما زال ,كنت اتالم وجعا وحزنا من ذنب الخيانة ,لكنه الحب لا نستطيع العيش دونه، هو يخفف عنّا مصاعب ومتاعب الحياة، يُنير حياتنا بابتسامة مُشرقة كلّما تذكرنا من هم بداخل قلوبنا، فمهما حاولنا إخفاء هذا الشّعورأو التّجاوز عنه فإنّنا لا نستطيع لأنّه نابع من الدّاخل, الحبّ باقي ببقاء الحياة اما المحبون زائلون , الحب كل شئ جميل بل الجمال ذاته ,الجمال وجد للمحبين العاشقين..فالجمال لا يري إلا بعين عاشق محب ، لا يراه الكارهون الحاقدون الحاسدون الفاقدين للحس والذوق.

زواجي من فؤاد لم يدوم لانه علم بعلاقتي بمراد ولقائنا المتكرر,طلبت منه الطلاق ولكنه رفض ,وعاملني أسوء معاملة رغم قلبه الطيب ,اعتبرني خادمة له وعليه السمع والطاعة دون ان اتكلم,تغير واصبح كالاسد المفترس ضربا وصياحا وهياجا وقيد حريتي واصبحت حبيسة الجدران ,لا اري الشمس ولا شعاعها في النهار ولا القمر ونوره بالليل.

الخيانة أبشع ما يمكن أن نتعرض له بحياتنا فهي كالطعنة القاضية,الفارقة في الحياة للمحبين ,واذا كانت الخيانة من شريك الحياة انتهي كل شئ واصبح في تعداد اللامنتهي ,قتل مع سبق الاصرار والترصد ,فقدان الحياة والشعور بالعار والخجل ,الخيانة اصعب ما يتعرض له الانسان في حياته , في بعض الأحيان تكون الخيانة الشعور الأجمل إذا كان الشخص المغدور يستحقه,فرد الخيانة بخيانة ذنب اكبر وفقدان للانسانية والثقة ,إلا تخجل من التحدث عن الحب ايه الخائن الجبان وأنت الذي زرعت في قلب محبوبك أكثر الجروح إلاما وقهرا,وبرعت في تمثيل دور المحب الهائم ’ إذا كنت تحب محبوبك فربما أحبك وربما لا ,ولكن إذا كرهته يوما ما فتأكد أن الكراهية لا تقتل سوى قلب صاحبها. الرجل او المراة في الخيانة حدا سوء لا فرق بينهما , الخيانة كالموت لا تسمح البتة بالفوارق.

 

تعذبت كثيرا في حياتي مع فؤاد ,لم اكن خائنة له يوما من الايام,لكنه الحب ووجع القلب المؤلم ,ولعل والدي ووالدي هم اصحاب الذنب الاكبر في زواجي منه,وحرماني من مراد حب حياتي ,ولعل مراد صاحب الذنب الاكبرأيضا , لعدم أهتمامه والسعي لطلب يدي من والدي رغم الحاحي بذلك له,افترقنا ولم نتحمل الفراق والتقينا ولم نتحمل اللقاء, في فراقنا الما ووجعا وفي قربنا ولقائنا عذاب وذنب لا دخل لنا فيه,ماذا نفعل وماذا تفعل بنا الحياة ,فراق الحبيب لحبيبه هو أصعب أنواع الفراق لأنه يري في محبوبه الحياة وبهجتها، و شعاع النور الذي يري به كل شئ حوله , يري الراحة والطمأنينة في القرب,التمزق والتمزع في الافتراق والفراق ,في الحب كل شئ جائز ووارد الحدوث, وقد يكون من لا يكون في اللامنتهي واللامحدود واللازمان واللامكان ,فيه البعد والقرب في وقت واحد ,قد يكون قربا فيه بعد وقد يكون بعدا فيه قرب,فالحب احساس وشغف وعشق واحوال لا نهاية لها.

 

تذكرت وقوفي في المحكمة أمام القاضي ,وشعوري بالالم والذنب تجاه فؤاد وابننا الصغير صاحب الشهور القليلة من عمره الطويل , احمر وجهي خجلا وشعرت بالخوف عندما طلبني القاضي للسؤال والوقوف امامه في وجود فؤاد .
-عاوزة تخلعي زوجك ليه يا فاطمة
-بيعملني اسوء معاملة سيادة القاضي,بيضربني ومنعني من الخروج ,وكأني خدامة في البيت 
– الكلام دة صحيح يا فؤاد
– لا يا سعادة الباشا ,ديها بتكدب
– اسألوا الجيران ,دة حرمني من زيارة بيت ابويا وامي .
– خدهم يا عسكري لحين أنتهاء الجلسة
بعد ساعتين ونصف ,اعلن الحاجب قرار خلعي من فؤاد ,امتلكتني الفرحة والسرور ,والعودة للحياة ,فما كان قبل الما ووجعا واللاحياة ,لعل ايامي المقبلة تسعدني وتعوضني ما ضاع وما فات,تعلمت من الحياة أن دموعي لن تجرح سوى قلبي، لن تشعر بها سوى روحي، لن تترك آثار قهرها سوى على خدي، تعلمت من الحياة أن أكتب أحزاني وآلامي وجروحى بيدي على جدار قلبي وأجعلها كالسر المدفون بنبض قلبي لا تراها، سوى عيني لا تحفظ سرها سوى روحي، تعلّمت من الحياة أنه لا مخلوق على وجه الأرض سيحبني ويخاف علي ويحافظ علي سوى أنا فقط وليس غيري.,لذلك تعلمت ان اكون لنفسي لا لغيري .

 

الشئ الذي يؤلمني كثيرا ان ابني عندما يكبر سيذهب ويعيش مع والده وهذا حقه ,لذلك فكرت ان اختار زوجة لفؤاد طليقي تعينه في حياته وتكون اما لابني في المستقبل القريب ,لذلك قررت البدء والبحث عن زوجة مناسبة ,والان في طريقي لاحدي السيدات الفاضلات المتوفي زوجه منذ سنوات عدة لعلي اجد منها القبول والرضا ,فالزواج في سن متأخر لا قيمة ولا معني ولا طعم له سوي معايشة وونس من صعوبات الحياة والامها.
– اذيك يا حاجة
– اذيك يا بنتي
– حابة اتكلم معاكي في موضوع بس مكسوفة منك
– اتفضلي يا حبيبتي من غير كسوف
– جيت اطلب ايدك لطليقي
لم يتمالك السيدات الجالسات الممتلأت الجسد الجالسات علي الارض كالكورة المنتفخة , ما قالته فاطمة ,وامتلئ المكان بالضحك والصياح والنظرات الحارة يمينا ويسارا
– هاهاها بتقولي اية يا عروسة
– بقول ايه الا سمعتيه ,وحضرتك دخلك ايه
– مستغربين يا حبيبتي ,وحدة بتخطب لطليقها .هاهاها
-ليه هو كان شديد عليكي والا اية,هاهاها
-وانتي الصادقة يا بت يا نعمات ,باين ملهوش هاهاها
– عيب عليكم الكلام دة,ساكتة ليه يا حاجة وصيفة ,انا في بيتك
-اسكتوا والا اقوم امشيكم من هنا
-هاهاها احنا مشين خدوا راحتكم ,حد قدك انتي بقيت عروسة يا وصيفة
– اوعي تنسي تعزمينا وانا هظبطك واخليكي اشطة يا قمر
– هاهاهاهاها
– امشوا يا ولاد الاية ,جتكم تعسة اتلموا
قررت ان انهي هذا الموضوع ولا اتحدث فيه مع احد مرة اخري ,نعيش في مجتمعات بدائية لا تعرف قيمة ومعني الحرية في كل شئ ,الاختيار و العيش والسكن والمأوي والزوج ,والحرية الغير منقوصة بحدود وشرع ,وانا في طريق عودتي بعد رفض الحاجة وصيفة الموضوع من الاساس ,وحلقة الهرج والمرج والضحكات والصيحات من النساء السامنات الناقصاات ,قابلت صديقتي احلام
– جاية منين يا فاطمة
-كنت في مشوار يا حبيبتي ,اخبارك طمنيني عليكي
-خير يا فطومة ,تعالي أقعدي معاية شوية
-مش وقته يا احلام
– ما ينفعش احنا جنب البيت
صعدت مع صديقتي احلام شقتها وبعد وجبة الغداء ,تحدثنا في امور كثيرة وقد سألتني عن المشوار الذي كنت فيه ,فتحدثت معها في الموضوع وانني ابحث عن زوجة لطليقي وابو ابني ,رحبت بالفكرة وقالت سوف تساعدني في ذلك الامر,وطلبت مني انتظارها بعض الوقت سوف تقوم بعمل مكالمة هاتفية ,وبعد خمس وعشرون دقيقة ,وجدت احلام تطلب مني ان ننزل بسرعة لمقابلة الخاطبة عفاف ,فقد وجدت عندها مطلبي .

 

عندما وصلنا منزل الخاطبة عفاف كانت المفاجاة ,السيدة التي عرضتها الخاطبة للحديث معي في موضوع الزواج من طليقي ,هي نفسها الحاجة وصيفة ,التي سبق ان حدثتها في ذلك الموضوع منذ ساعات ورفضت بحجة انها لم تعد تفكر في ذلك الامر من الاساس ,فما كان مني الا ان اتجهت اليها مسرعة لمعرفة ما يدور في عقل هذه المراة العجوز المتعطشة للزواج بخفية وترقب
– اية يا حاجة ,مش كنتي رافضة الزواج والا اية الحكاية
-مين قال كدة ,انا لسة صغيرة ,وحابة ازوج تاني
-ما انا طلبت ايدك لطليقي ورفضي
– لا انا عاوزة شاب حرك خلاصة لسة صغير,يعيشني اللحظة يا روحي ,اعيش حياتي بقي
-حياتك ,انتي خلاص في تعداد الاموات
ضج المكان بالضحك والصيحات والكلمات الساخرة العالية المصحوبة بنكهة مفرحة,الحب قد يأتي تلبية لدعوة داع أو قد يأتي خلسة في لحظة تحرر فيها القلب من العقل وموازينه, الحب ليس كالحمل في ارتباطه بعمر معين أو فترة خصوبة محددة,الحب لا مكان ولا زمان ولا سن ولا وقت له ,هو اعمي ومجنون يأتي بل موعد ودون ترقب وترتيب.

 

رجعت لبيتي بعد يوم طويل وشاق وجهد وتعب وحديث مع سيدات كتر كثيرات الكلام دون فائدة ,عجبا علي سيدة في الخمسينات من عمرها تريد الزواج من شاب عشريني من عمره ,وتبا لهذا الزمن الملئ بالعجب والعجايب ,ولكنه الحب لا يعرف السن والحدود والمسافات والزمان والمكان فكل شئ متلاشئ ولا قيمة له امام الحب .

 

ذاع بين الناس انني امراة غير عقلانية مجنونة لا دين لي, المجتمع لا يقبل امراة تبحث عن زوجة لطليقها ,ويقبل ظلم الفتاة وحرمانها من حبيبها واجبارها علي الزواج دون رضي ,مجتمع غريب وقيم وعادات عفا عليها الزمن ,قالها اهل القبور ولم تدفن معهم ,يستخدمها الجاهل في تحقيق مراده ,ويستخدمها العاقل الواعي هروبا وخوفا من مجتمع فاسد ومن قال وقيل ويقول ,وهما جميعا لا يعقلون
-فاطمة ,يا ام حسين
-مين علي الباب
– انا صفاء جارتك
– اتفضلي يا صفاء
-في واحدة غاوزاكي واقفة في الشارع وبتسال عن” فطومة الخاطبة” ,انتي بقيت خاطبة يا فاطمة وما تقوليش لاهل حارتك
-هاهاها خاطبة ايه يا بت يا صفاء,فين هي ديها
جلست مع الفتاة الصاحبة العشرين من عمرها ,الباحثة عن عريس لها بلهفة دون انتظار وموعد يذكر ,جأتني بلهفة مسرعة لعلها تجد عندي المراد ويستريح قلبها الصغير الهاوي للحب والزواج في وقت واحد ,فقد اخبرتها بعض النسوة عن مكاني وانني خاطبة مشهورة ومعروفة في كثير من المناطق القريبة لحارتي , وان الكثير من اصدقائها ينتظرون ذلك اللقاء ,فهم في القريب العاجل سيأتون لزيارتي للبحث عن عريس وفتي احلامهم ,ضحكت من ذلك الامر المضحك العجب ,الغير مرتقب في شئ مرتقب ولم يكن ولم يتحقق المراد فيه, في البحث عن زوجة لطليقي اصبحت خاطبة وملجئ لكثير من الفتيات الباحثات عن فتي احلامهم والنساء المطلقات الارامل العاشقات للرجال والزواج ,دنيا غريبة والاكثر عجبا ,اننا نتحصل علي الشئ الامرتقب في البحث عن المرتقب والمنتظر سوي كان او لا يكون .

 

جلست مع نفسي في حجرة هادئة بعيدة عن الاصوات العالية والصيحات الصاخبة ,اخذني التفكير لساعات عدة ,لعلي اجد حلا ومخرجا ,من تلك العاهة الغير متوقعة, فكلمة الخاطبة قد تحرجني وتسبب لي الكثير من المضايقات من اناس غير عاقلين وغير مدركين للحقيقة وما تعنيه تلك المهنة من امور ضرورية في الحياة والمجتمع ,وكان قراري ان اواجه المجتمع بقوة وارادة وان اخصص حجرة ببيتي أمارس فيها مهنة الخاطبة ,واستفيد من ذلك في تربية ابني ومساعدة نفسي والاعتماد عليها ,واساعد واقدم خدمة للفتيات والنساء والعوانس الكثر في مجتمعنا وزماننا هذا ,وتلك خطوة محمودة لكثير ومذومة لكثير ايضا ,ولها عواقب قد تكون وخيمة ,ولكن في التجربة افادة والحياة دروس وتجارب ولعل الخير والملجئ فيها ومنها.

 

بعد ايام معدودة من عملي كخاطبة ,ذاعت شهرتي وسيرتي وسط المدن والقري المجاورة وعرفت باسم “فطومة الخاطبة” جأتني الفتيات والنساء والرجال من كل الامكان والبلدان بحثا عن حياة واملا فيها ,حياة اختفت معالمها وملامحها معهم ,جاءوا لعل المجتمع يقف معهم ويساعدهم تحت مسمي الخاطبة ,ومع الخاطبة قصص وحكايات وضحكات وحياة ترويها ويرويها الباحثون عن المكمل لهم وشريك الحياة
جاءتني احدي الفتيات تطلب عريس لها ,وعندما سالتها .
– مواصفات فتي احلامك يا قمر
– عاوزه طويل ,لا وسط,مش عارفة
– يا بنت حددي ما تتكسفيش
– شبه احمد السقا,لا تامر حسني ,لا شبه بابا وخلاص
– هاهاها ,والله انتي مجنونة ,كملي

 

اقوم لاستريح بعض الوقت ,يوما شاقا وممتع ,عمل الخاطبة مرهق ومجهد وممتع ,ساعات تضيع في الكلمات والمواصفات والتكرار دون فائدة ,اللهفة والفرحة والترقب سمة اللقاءات والحورارت اليومية ,الخطوة ايضا في حد ذاتها فرحة لكثير وخاصة الصغار من الفتيات والشباب ,غدا سوف اقابل حبي الاول مراد ,لعلي اجد الجديد في لقائنا ,العمر يمر بنا ,وتأخذنا الحياة لمسافات طويلة ,قد تنتهي في يوما ما ,يوما قد يكون قريب او بعيد ,في علم الغيب مكتوب الميعاد من رب العباد ,احتاج لخاطبة توصلني لحبيبي وقلب مراد ,اعرفه منذ سنوات وطلبت منه الاقتراب خوفا من الافتراق ,وان نضع حدا فاصلا لعلاقتنا ,الغير معلنة ومحرمة في ظنون وعقول الكثير من الناس ,وطلبت ذلك اكثر من مرة وبالحاح وحبا للحياة معه وله ,وكان رفضه دائما بحجة المال والسعي للعمل بدخل اكبر وأوفر لتلبية الحاجات في الزواج من مستلزمات وطلبات وحقوق وواجبات وان فقد شئ من ذلك قتل ومات ودفن الحب ,وانتهي الزواج بالخلافات ,في لقائنا هذا ,سوف اضع حدا فاصلا لما بيننا ولما يكون .
– حبيبي , مش هتتقفدم وتأخد خطوة ايجابية وتطلب ايدي ,كفاية بقي
– شوية يا فاطمة ,ما فيش فلوس معاية دلوقتي
– اتقدم يا مراد وربنا كبير ,يوسع علينا رزقنا , يارب
– اية حكايتك ,جاية سحنة عليه ليه ,والا لما اشتغلتي ومعاكي فلوس ,وبقيتي خاطبة ومعروفة
-لا طبعا ,وانت عارف اني مش كدة ,انا بحبك وعاوزة نعبش مع بعض في الحلال في بيت واحد
– اسمعي من النهاردة ما فيش شغل ولا فيه حاجة اسمها “فطومة الخاطبة” سمعتي
– واسمعني انت كمان,من الساعة ديها ,ما فيش لقاء بينا تاني ,غير معلن وفي الحلال ,بعد مقابلة بابا وطلب ايدي ,واعلان خطوبتنا ,يا كدة يا كل واحد في حاله وطريقه
-بتهدديني يا فاطمة
– لا مش تهديد ,انا بحافظ علي نفسي وسمعتي وحياتي
– خلاص ,غوري في ستين داهية ,في غيرك الف واحدة
– بنت علي حقيقتك يا كداب ,يا غشاش .دائما بكدب نفسي واقول انك ممكن تتعدل في يوم من الايام ,لكن ديل الكلب عمره ما يتعدل ابدا ,وانا غلطانة اني ضحيت بعمري وحياتي مع واحد زيك جبان

لم تكن فاطمة تتوقع تلك النهاية المؤلمة مع مراد, وحب حياتها ينتهي وكأنه لم يكن ,تمالكت نفسها وتحدتها الا تضعف مرة اخري امام كذبة الحب ,الخداع والخيانة تلك اللحظات القاسية في حياتنا المؤلمة لنا طيلة عمرنا ,تأتي بعد أقتناع وتضحية لشخص احبه قلبنا وتعلقنا به ,وفي نهاية المطاف نجد الامور تغيرت واصبح ما قيل وهم وكذب وافتراء لأغراض اخري غير الحب والبقاء ,قررت ان تعمل وتكافح من اجلها وابنها , وتنسي كل شئ , العمل عبادة ومخرج من اوجاعا كثيرة ومهرب من مفترق قد كان ولا بد بمرحلة النسيان.

 

فاطمة لم تجد لها مخرجا من صعوبات واوجاع الحياة سوي بالعمل والرزق الحلال ,وجدت نفسها وذاتها ولم تضعف وتخف امام كذب وخدعة مراد لها ,شعرت بقيمة ذاتها عندما سعت وعملت ,المسمي لا يفرق ولا يعطي قيمة للعمل ,المهم الرضا وأتقان العمل والخوف من الله ,”فطومة الخاطبة” مثال للعمل لأمراة ارادت الحرية لنفسها ففعلت ونجحت.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

إغلاق