مقالات

نحن أمة في خطر لا تدرك أنه لا تنمية بدون وعي …

مقال بقلم : د.محمد عبد العزيز – كاتب وباحث اقتصادي ومتخصص في الشئون الأفريقية

تعتبر التنمية فرصة للحياة الكريمة والتنمية المستدامة تعتبر فرصة لإستمرارية تلك الحياة الكريمة هذا باختصار شديد من ناحية الأدبيات الأكاديمية لأني أريد إيضاح الأمر للجميع ، أما بخصوص موضوع الاستمرارية فأنه لا يكون هناك إستمرارية لفرص الحياة الكريمة بدون وجود تنمية وإستثمار في القدرات البشرية لأنها أهم قدرات لدى أي مجتمع وأول مراحل الاستثمار في العنصر البشري لا تتوفر إلا بالوعي ( الوعي السياسي والاقتصادي والوطني والديني والثقافي بوجه عام ) ، ويحتاج الوعي للعمل من خلال التعليم والإعلام ، وتعديل أي محتوى دراسي أو منهج ومنظومة التعليم ذاتها يعني أننا سوف نحصل على النتائج المرجوة بعد نهاية المراحل الدراسية بعد تخرج من يدخل الآن لمنظومة التعليم الجديدة لذلك تتضح أهمية الإعلام لأنه يستطيع التعامل مع الجميع من هم في داخل منظومة التعليم ومن هم خارج منظومة التعليم ومن هم في سن التعليم ومن هم تحت سن التعليم أو فوق سن التعليم ، الإعلام رسالة وهدف ورؤية لتشكيل وجدان الأفراد ومواجهة المشكلات وترسيخ مفاهيم وقيم ومباديء المجتمع وما يحدث الآن في الوطن العربي خاصة في الدول التي زارتها الثورات ما يحدث الآن هو إبتعاد عن الرسالة والهدف والرؤية في الإعلام بسبب إنتشار وسائل التواصل الاجتماعي وسهولة أن يكون هناك تواصل للإعلام الغير رسمي وما أقصده بالاعلام غير الرسمي هو إعلام الأفراد عن طريق المدونات المرئية والمسموعة والمقروءة على شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) ، لكن في النهاية لا يصح إلا الصحيح فلابد من الحفاظ على القيم والأخلاق وحسن التعامل ونشر الوعي بكل ما يهدد المجتمع في الداخل والخارج لمنع الانسياق لكل ما من شأنه زيادة الانحطاط الأخلاقي فيدمر المجتمع نفسه بنفسه وهذا هو نهاية للتنمية وبداية التبعية لقوى استعمارية بشكل حديث ، الإعلام والفن رسالة الخاصة للعامة ولا يجب أن نترك رسائل العامة تقود المجتمع وتؤثر على الجميع وأقصد هنا بأن الخاصة هم أهل الخبرات والمعرفة والثقافة والذين يسعوا بحق وبشكل علمي للحفاظ على المجتمع وليس من يسعوا للربح وحسب على حساب المجتمع ، أن الإعلام الغير رسمي على وسائل التواصل الاجتماعي وسيلة للتعبير عن النفس اتاحتها التكنولوجيا للأفراد لكن لا يجب أن تكون تلك التكنولوجيا سببا لكي يقتدي الإعلام الرسمي سواء كان حكومي أو خاص بالاعلام غير الرسمي فيصبح ما يحقق نسب مشاهدة أعلى وإعلانات أكثر هو الفن المطلوب حتى وإن كان هابطا ويصبح الإعلام الاكثر رواجا هو الإعلام المطلوب حتى لو كان مبتذلا ، لابد من استخدام التكنولوجيا لخلق إعلام أكثر قدرة في الوصول للجميع لتوصيل المعلومة والرسالة التي تقود المجتمع والافراد للمعرفة والعلم والخير والاحترام والتواضع والعمل والوطنية وليس الشحن للصراع وكأننا في زمن الغابة ، ما يحدث بسبب الإعلام المبتذل والفن الهابط هو السبب في انتشار سلوكيات مناطق العشوائيات بين الجميع بدلا من نقل الاخلاق الحميدة والسلوكيات القويمة لأهالي العشوائيات والارتقاء بهم ، لا يمكن أن يكون الفن الواقعي تجسيدا لكل الابتذال في الأقوال والافعال بدعوى أنها تحدث في الواقع لان هدف الفن هو الارتقاء بالمجتمع وليس الهبوط بالمجتمع ، ليس من واجب الإعلام الجري مسرعا وراء نجوم أشبه بالفقاقيع لأن هذه النجوم المسيئة لنفسها ومجتمعها تحقق نسب مشاهدة واعلانات كبيرة ولها متابعين كثر ، إذا لم يكن الفن والإعلام قادران على صناعة نجوم بحق فهذا فشل ذريع ونهاية حتمية لمجتمع يسوقه من يحكم بالمادة ولديه قدرة على شراء المتابعين سواء بالمال أو بالمحتوى الهابط أو بهما معا ، أصبح المجتمع مختزل في صورة أهلي وزمالك وسباب من هنا وسباب من هناك وأصبح كل شيء فيه تنافس مباح أصبح ساحة للصراع الدموي والاقتتال غير المباح وأصبح تقييم البشر بناءا على انتمائهم وهذا أمر ترفضه كل الأديان السماوية لأن الحكم في الدنيا بما أراه منك من خير أو شر أما أمور الآخرة متروكة للخالق وحده فلا يجب أن نحكم على بعضنا البعض بالإيمان والكفر لأن ذلك متروك لله وحده وليس من بيننا من يملك صكوك الرحمة والمغفرة أو صكوك لدخول الجنة أو الخروج من النار ، نحن أمة في خطر لا تدرك أنه لا تنمية بدون وعي بدون ذكاء عاطفي بدون قبول الآخر بدون نبذ العنف والتعصب والتقوقع على الذات بشكل بدائي للإنسان ما قبل الحضارة وهذا لا يليق بابناء أول وأعظم حضارة على سطح الأرض ، لم يقل الرئيس عبد الفتاح السيسي أنه يجب على الاعلام أن يكون محاربا من باب المبالغة لان تلك هي الحقيقة والرسالة الحقيقة للإعلام والفن معا وما حققه فيلم الممر من نجاح يعني أن النجاح ليس حكرا على الفن الهابط وفقط ، لكن يجب إتاحة الفرصة الحقيقية والكاملة لأهل الخبرات لصياغة وهيكلة القيم والمبادئ الحاكمة للفن والإعلام في المجتمع قبل أن تذهب اخلاق هذا المجتمع إلى الهاوية وحينها سوف ندمر أنفسنا بأيدينا دون أدنى تدخل من أعداء الخارج لان أعداء الداخل استطاعوا تدميرنا من الداخل بنجاح ، نحن أمة في خطر يتكاسل فيها المثقفون الوطنيون وأهل الفن الهادف والإعلام الجاد عن القيام بدورهم في معركة الوعي وأيا كانت التحديات فإننا يجب أن نستمر في المواجهة بالكلمة المقروءة والمسموعة والمرئية لكي تصل الرسالة وتبقى رغم التحديات وسط هذه الأمواج العاتية من التدني والانحطاط خاصة في القيم والأخلاق ، ومثال بسيط على غياب الوعي أو ما يمكن أن نسميه الوعي السلبي الذي يهدم بدلا من أن يبني ما حدث في أعقاب
ثورة ٢٥ يناير من رفض الشباب لترك الشوارع وقيامهم بتنظيفها لان الموروث الشعبي أن البلد بلد الحكومة وقيام الشباب باسقاط رأس النظام جعلهم يشعروا بأن بلدهم قد عادت لهم من الاحتلال وفي الحقيقة أن البلد لم تكون محتلة وهذا الموروث الشعبي السلبي من أن البلد بلد الحكومة هو شماعة للتكاسل عن العمل أو الثقة في أي تغيير إيجابي على أرض الواقع ، هناك الكثير من أجل التواصل مع جميع أبناء الوطن خاصة الشباب ويجب أن يقوم الفن والإعلام بدور المحارب كما قال السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

إغلاق