مقالات

تواصل الأجيال.. من الفن الهادف إلى صُناع النشاز

كتبت .. دعاء محمد العربي

ما بين أم كلثوم وعبدالحليم وعمالقة الفن العظام، إلى جيل التسعينيات ومن بعدها أبناء الألفية الجديدة، لازال الفن يلعب دورًا أساسيا في التواصل بين الأجيال المختلفة، عبر صناعة رصينة تتجسد في أعمال فنية نالت احترام وتوقير الشباب قبل الكبار، فعها هو فيلم الممر يُعيد إلى أذهاننا العصر الذهبي للعمالقة الذين شاركوا في إنتاج أفلام عظيمة عن حرب أكتوبر المجيدة، فلازال الفن الحقيقي موجود ولازالت المواهب ساكنة في أروقة الحواري والأزقة تنتظر فقط من يكشفها.
في خِضم الحديث عن السفه الفني وتدني الذوق العام في اختيار الأفلام والأبطال خلال الآونة الأخيرة، تبرز العديد من الأعمال الفنية الراقية الهادفة إلى تحقيق غاية على الصعيدين السياسي والاجتماع فإذا كانت أفلام السبكي نموذجًا للانحطاط الأخلاقي، فهناك العديد من الأعمال المحترمة على رأسها الممر كما ذكرنا إلى جانب فيلم الفيل الأزرق الذي أثبت أن الفن المصري لازال بخير وأن جسور التواصل ما بين العمالقة الراحلين والفنانين الحقيقيين مازالت موصولة، وكما شاهدنا دموع في عيون وقحة ورأفت الهجان، ننتظر جميعنا الأن الجزء الثاني من المسلسل الاستخباراتي «الزيبق».
«لكل عصر نشاز»، قد نعتبر تلك العبارة حكمة أو قول مأثور، يبرر وجود الانحطاط الأخلاقي وتدني الذوق العام في أعمال بعض الفنانين والمنتجين، فالساحة الفنية ليست حكرًا على دولة أو منتج بعينه، وإنما هي براح يدخله من يستطيع التمويل واختيار الأعمال الهادفة، ورغم حالة السيولة التي شهدناها في الأعمال الفنية المتدينة إلا امن الحقيقة القائمة تؤكد أن تلك الأعمال عادة ما تكون وقتية وإلى زوال، فيما تظل الأعمال القيمة شاهد على عظمة المشاركين فيها وعاكسة قيم ووجهات نظر تفرض توقيرها من قبل الجميع دون استثناء.
من يتحدث عن فقدان البوصلة بين الماضي والحاضر على الساحة الفنية، فهو مخطئ، فتاريخ الفن المصري يضم جينات وراثية تمتد من الأجداد إلى الأحفاد ففي الماضي كان بيننا إسماعيل يس وعبدالسلام النابلسي واليوم لدينا محمد صبحي وأشرف عبد الباقي وغيرهم من الفنانين الذين حفروا أسمائهم في قلوب وعقول المشاهدين، وإن اختلف الماضي عن الحاضر فيما يجري تناوله من موضوعات تناقشها الأعمال الفنية فهذا راجع إلى التطور الذي شهدته البشرية على كافة الأصعدة، ما فرض قضايا مستحدثة يجب تناولها لأن هدف الفن في النهاية هو مسايرة العصر وتقديم القيم والنصائح في قالب درامي أو رومانس أو غيره من القوالب الفنية التي تمس إحساس ومشاعر المتلقي، وبالتالي فإن التواصل بين الأجيال لم يقتصر على أشخاص الفنانين وإنما يتضمن الرسائل الفنية الهادفة ما بين الماضي والحاضر والتي تؤصل للقيم وتقدم النصح والإرشاد والتوجيه بعيد عن الأعمال المتدنية التي تخاطب فئة معينة من الشباب يعيشون مراحل مؤقتة في حيواتهم، سرعان من ستنتهي بعد مشاركتهم في الحياة الاجتماعية، فذوق المشاهد تحكمه العديد من العوامل من بينها المرحلة العمرية والبيئة والنشأة، وبالتالي فهذا الذوق يتغير من مرحلة إلى أخرى وفي النهاية لا يبق سوى الفن الهادف صاحب الرسالة الذي يجسد الحبل الوراثي الواصل بين تاريخنا وحاضرنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق