مقالات

«كورونا».. عبث بشري أم مؤامرة سياسية

كتب عبدالله حسين

تعددت التأويلات والتفسيرات بشأن فيروس كورونا، وانحسر أغلبها ما بين المؤامرة وعقاب الله، دون أسانيد جلية مقنعة، تزامنًا مع ظهور اتهامات متبادلة بين الصين والأمريكان حول انتشار الفيروس في كافة أرجاء المعمورة، دون أن تتضح الصورة كاملة، فلم تقنع الصين العالم بجوانب المؤامرة الأمريكية ولم يقدم البيت الأبيض ما يثبت تورط الصين في تلك المؤامرة، ولم يتبق للقارئ سوى الآراء التي تروج لعقاب الله عز وجل الذي نزل على الأرض، بعد أن كثرت المعاصي وتناسى الخلق خالقهم.
لا أحد ينكر كمْ الفحش والإثم الذي انتشر في أروقة القرى وأزقة المدن من القطب الشمالي إلى عمق جنوب المعمورة، صارت الخطيئة متعة بشرية، سرى الفُجر بين الخلق، بدءا من النخب وانتهاء بضعاف النفوس، الكل يمارس الخطيئة على طريقته، فهذا عاق لوالديه وآخر يبحث عن متعة زائفة في حضن غانية، وثالث يسرق عذرية الفتيات مبتسمًا مفاخرًا، والأخير ينهب من مال حرام، الجميع يتكالبون على متع الدنيا وملذاتها بعد أن تناسوا دينهم، وتجاهلوا نداء الخالق لهم، ورغم هذا الفجر إلى أنني لا أميل إلى نظرية عقاب الله، فالله سبحانه وتعالى لم يخلق البشر ليعذبهم وإنما هو ارحم بهم من آبائهم وأقرب إليهم من حبل الوريد، وهو الخالق العالم بأن كل بني آدم خطاء، وخيرهم التوابين، ولو أراد الله أن يعذبهم لأهلك الزرع والحرث والنسل وهو القادر على كل شيء بسر كن فيكون.
إن العبث البشري بالطبيعة أفضى إلى اختلال موازينها، فالحياة على كوكب الأرض تخضع لقوانين ربانية عادلة، ورغم ذلك تتعرض للخراب كلما زاد تدخل الإنسان فيها، فإذا أقدم الإنسان على قتل القطط على سبيل المثال، يخل جُرمه بالطبيعة، فتتكاثر الفئران وتلتهم ما يزرع الإنسان في حقله، فكل خلق مقدر له حياة معينة، وتدخل البشر في تعديل تلك القوانين الربانية، يتسبب في أضرار جمة لا قِبل للإنسان بها، وأعتقد أن انتشار هذا الوباء نتاج طبيعي لتلاعب الإنسان بالطبيعة ومحاولة تسخيرها لإرادته.
شاهدت محاضرة لأحد علماء الطاقة الأوربيين بشأن فيروس كورونا، وجاء تفسيره منطقيًا يتطابق مع قواعد العلم والمنطق، تحدث الرجل عن أن شبكات الكهرباء والهواتف المحمولة أخلت بالطبيعة البشرية وخلقت حقولا مغناطيسية وكهربائية في الفراغ المغطى للكرة الأرضية الذي يفصلها عن الفضاء الخارجي، وارجع انتشار الفيروس إلى ظهور شبكة الجيل الخامس، التي كان أول وجود لها في مدينة ووهان الصينية التي شهدت أكبر عدد من المصابين، وانتقل بعدها إلى الغرب وأمريكا مستدلا على نظريته بما شهدته البشرية في الثمانينات حينما انتشرت الإنفلونزا الإسبانية، وأكد في محاضرته أن تلك الحقول الكهربائية والمغناطيسية سبب من أسباب ظهور الأمراض والتأثير على صحة البشر بدءا من أجسادهم وانتهاء بحالتهم المزاجية.
تفسير الرجل لظهور الفيروس قد لا يقنع البعض، ورغم ذلك يتفق الجميع على إن تدخل البشر للسيطرة على الطبيعة وتسخيرها لصالحهم جسد سببا رئيسًا في اختلال التوازن الطبيعي وكان له نتائج كارثية على حياة البشرية، وبالتالي فإن ما تشهده الكرة الأرضية من كوارث ونكبات هي بفعل الإنسان وحده وإذا كان هناك عقاب للبشر فإنه عقاب الطبيعة مع إيماني الكامل بقدرة الله عز وجل على التدخل وإنهاء معاناة الناس، رحمة بالأبرياء، وإذا كان المولى عز وجل خلق الإنسان ليعمر الأرض ويكون خليفته فيها، فهذا لا يعطي للإنسان حق العبث بالطبيعة التي خلقها الله لصالحه وإنما يقتضى الحفاظ عليها وعلى قوانينها احترامًا للحياة للبشرية وطاعةً للخالق سبحانه وتعالى، وفي النهاية لم نعد نملك سوى التوسل إلى من بيده المقادير أن يرفع البلاء عن أهل الأرض ويحمي ضعفائها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

إغلاق