كتب – عبدالله حسين
دائما ما تتوحش الرأسمالية في الأزمات.. لا يعرف الرأسماليون قيمة الأخلاق بعد أن غلفت قيمة المال أعينهم وعقولهم .. صار رجال الأعمار كأثرياء الحروب لا يأبهون إلا لزيادة أرصدتهم في البنوك، متجاهلين المسئولية الاجتماعية التي طالما كانت سلاحًا هامً في صناعة الحضارة وازدهار العلم لصالح البشرية بصفة عامة.
اعتاد رجال الأعمال في مصر على الاستثمار في صناعات استهلاكية أو تجارة الأراضي أو بناء المدن، أو أي مشروع مضمون الربح بعيدًا عن المشروعات الاقتصادية التي تصب في صالح الدولة والشعب ورجال الأعمال في ذات الوقت فتحولت استثماراتهم إلى مجرد تجارة رابحة، دون أن يتوجهوا للصناعة الحقيقية التي تثري الاقتصاد وتضع الدولة في مصاف الدول العظمى، مستغلين رضوخ الدول لكل طلباتهم بدعوى استمرار عجلة الإنتاج وتوفير فرص عمل رغم أن تعاملهم مع الأيدي العاملة لا يتوافق مع قوانين العمل اليومية.
صار العامل مستعبدًا في مصانع رجال الأعمار يتحصل على ما يكفي قوت يومه بالكاد، لا وجود للرفاهية أو الحياة الاجتماعية الطبيعية، فالفارق بين الصين والدول الأوروبية أن الأخيرة تحترم الأيدي العاملة وتعطيها كامل حقوقها المالية والاجتماعية وحتى السياسية إلا أن الصين تستعبد الأيدي العاملة بأجور رخيصة، ما كان سببا في نقل رجال الأعمال كل استثماراتهم إلى الصين بسبب الأيدي العاملة زهيدة التكلفة ومن الدول العظمى إلى الصين انتقلت مصانع وشركة ضخمة مثل ابل وسامسونج وحتى أشهر شركات ومصانع صناعة السيارات، وبالتالي أصبحت الصين ملجأ للمستثمرين من كل دول العالم بما فيها الشركات متعددة الجنسيات دون أن يميزها شيء سوى استعباد العمال.
ليس غريبا أن يضن رجال الأعمال على وطنهم بالتبرعات المالية في ظل الأزمة العالمية التي تحاصر كافة الاقتصادات سواء النامية أو الاقتصادات القوية، وفي نموذج واضح وضع بعض رجال الأعمال كل إمكانياتهم المادية في خدمة وطنهم للخروج من تلك الأزمة الراهنة، فيما يدعو رجال الأعمال إلى تسريح العمالة وتخفيض الأجور، وهذا مرده إلى حالة الجشع التي ألمت بأصحاب المال في غياب الدولة التي لا وجود لها حتى في تنظيم عمل رجال الأعمال والشركات متعددة الجنسيات ففي الوقت الذي تفرض فيه دول غربية على المصانع والشركات الكبرى التبرع لصالح مراكز الأبحاث العلمية لتصير مساهماتهم عاملا مهم في ازدهار العلم والصناعة، إلا أن الاستثمار تحول في الدول العربية إلى مجرد تجارة تسرق المال من جيوب الشعب وتسرق جهد الأيدي العاملة بجنيهات قليلة وتضن على الوطن بجزء من حقوقه.
أسباب الأزمة ليست داخلية بحتة وإنما هناك عوامل داخلية تتمثل في غياب الدولة عن تنظيم الاستثمار رغم وجود قوانين لا تهتم سوى بمصلحة رجال الأعمال متجاهلة مصالح الوطن وعلاقة المستثمر بالأيدي العاملة فضلا عن عوامل خارجية تتمثل في الحالة التي صنعتها الصين وكان من نتائجها المباشرة خلق الأيدي العاملة الرخيصة والمستعبدة، فغابت المنافسة بسبب خنوع الصينين لما فرضه حكامها.
