مقالات

هل سيتغير النظام العالمي بعد كورونا ؟

كلها اسئلة كثيرا ما تتردد حولنا بأن العالم بعد كورونا لن يكون كالعالم قبل كورونا والحقيقة ان هذه الكلام وجيه جداا ولكي نعرف مالذي سيحدث للنظام العالمي لابد ان نعرف في البدايه ونفهم النظام العالمي القائم ، فأي نظام بالقلب منه الإقتصاد واي اقتصاد في القلب منه الفلسفه وفلسفة النظام القائم قائمه علي فكرة الرأسمالية و كما نعلم ان لها اشكال عديده .

يكفينا أن نعرف أنه في آخر 30 سنه طغي نوع جديد من اشكالها وهو الليبرالية الجديده والليبرالية الجديدة هذه بمعنى بسيط هي إتاحت مساحة كبيرة جدا للافراد مقابل تقزيم دور الدلة وذلك أعطي للشركات حريات رأسمالية كبيرة جدا مما جعلها تتغول وتضغط على دور الدولة نفسها ، وهذه الشركات ألمحرك الأساسي لها هو الربح و الإنتاج والتسويق وبعد أن تضخم إنتاجها وازداد بدات هذه الشركات تبحث عن اماكن جديده للانتاج خارج حدودها وهذا عزز فكره العولمه .

على سبيل المثال شركه ابل مقرها الرئيسي في امريكا لكن معظم مصانعها موجوده في بلدان كثيره حول العالم منها الصين وتايوان وهونج كونج وبريطانيا وايطاليا وفرنسا وكل ذلك حتي يكون المنتج النهائي هو التليفون المحمول .

وهذا أدي لتسيد الليبرالية وازدياد نفوزها عالميا ونتيجه لتسيدها أصبح العالم يرفع شعار ” الخسران دائما هو الفاشل وان كان يتمسك بالقيم الأخلاقية والرابح دائما هو الناجح والمسيطر وإن كان بعيد كل البعد عن القيم الأخلاقية فالمعيار الوحيد في ذلك هو المكسب فقط !

وهذا النظام ترتب عليه مجموعه من النتائج السياسية والإقتصادية والإجتماعية
أول نتيجه لذلك :- تكدس الثروات في ايدي مجموعة من الناس ، بمعنى أن شخص واحد في العالم كما ذكرت التقارير الدوليه يسيطر على 20 في المئه من ثروات سكان العالم ، وأن 20 في المائة من سكان العالم يسيطرون على كل مكدرات وثروات الكرة الارضية بينما 90بالمائه من سكان العالم يقبعون في الفقر المدقع .

والذي حدث بعد ذلك أن سيطره هذه الشركات وتكدس الثروات وازدياد نفوذها جعل الشركات تتغول بشكل كبير على دور الدوله وأصبحت هي المتحكم الفعلي في سياسات الدول ، وهذا الكلام ضرب فكره الديمقراطية في مقتل والتي هي مكون رئيسي من مكونات النظام العالمي القائم..

وهذا المثال سيوضح ذلك :-
من المعروف أن الإنتخابات الامريكيه سواء كانت الرئاسيه او البرلمانية الخ.. من المؤسسات المنتخبه هناك ، المعروف ان الشعب هو الذي يذهب للانتخابات ليختار من يمثله ، لكن فعليا هذا الكلام غير صحيح !! لماذا ؟

لانه من يمتلك المال هناك هو الذي يستطيع توجيه الجمهور ، وما أكثر المال في يد هذه الشركات العابره للقارات لذلك يستطيعون توجيه الشعوب من خلال الإعلام والإعلانات ليجد الناخب نفسه ضحيه لسيطرة الشركات..

وهذا النظام ترتب عليه أيضا كوارث اقتصاديه من أزمات وركود وكساد
فمن المعروف أن الأزمات الإقتصاديه تُحدث الركود وهذا الركوب يحدث نتيجه لتغيير اليات السوق العاديه ونتيجه لتركز الثروه في يد مجموعه مجموعه من الأشخاص وهذا يسبب عجز كبير لدى المواطنين في العالم عن الشراء ، عندها تحدث عمليه ركود تُوقف الناس عن الشراء مما يؤدي إلي ركود في الأسواق وإن كان هذا هو السبب الواضح للركود والأزمات الإقتصادية .

لكن اسباب اخري تؤدي للركود !
فنتيجه لتغول الشركات وازدياد نفوذها علي حساب الدوله تقوم هذه الشركات بالضغط على بعض الحكومات لتغيير القوانين لمصالحها ولذلك فالأزمة الإقتصاديه في 2008 لم تحدث بسبب مخالفه الشركات للقوانين وانما حدثت نتيجه القوانين المختله ألتي سنتها الحكومات لإرضاء الشركات العابره للقارات..

هذا الكلام معروف !
لكن لماذا تجدد الحديث الأن عن هذا النظام ؟!
الاجابه : ببساطة بسبب كورونا
من المعروف أن جائحة مثل كورونا تحتاج مواجهه كبير جدا من الدول وليس من الشركات ، لكن الغرب والنظام العالمي القائم وجد نفسه عاجزا بعد ان تقلص وتقزم دور حكوماته اما تغول الشركات وذلك ادي الي عجز هذا النظام عن مواجهة واحتواء الجائحه ، وفي هذا الوقت تحتاج الدول إلي إمكانيات علاجية ضخمة من أجهزة تنفس وكمامات الخ…

وهذا ليس متوافر للدولة بل للشركة وهنا الشركات تتعامل بمبدا الربح والخسارة وليس المصلحة العامة مثل الدولة فلا يهم هذه الشركات حياة البشر فكل ما يهمهم الربح ثم الربح ولذلك رأينا توحش الفيروس واجتياحه لدول اوروبا وامريكا ، لكن هناك دول اخرى مثل الصين ودول الشرق الاوسط ألتي توصف بالاقل ديمقراطية والتي بها الدول ألتي لها نفوذ كبير على الشركات فاستطاعت أن تحتوي الفيروس لأنه سلطتها اقوي من الشركات علي عكس حكومات أوروبا وأمريكا ألتي يتوقف دورها عند مراقبة وتنظيم الأسواق ، وهذا يوضح لماذا الصين احتوت الفيروس في وقت قصير بالرغم من انها مصدر الوباء ..

فهل هذه دعاية مجانية للصين والدول الأقل في الديمقراطيه والحريات ؟!
الإجابة ” لا ” أنا اذكر الواقع فقط و أحاول أن أُفسر ما حدث ..

وباختصار هذا هو النظام العالمي القائم…

في الحقيقه إن ما يحدث في العالم شيء خطير جدا و تغيرات كبيره جدا تحدث الان ، ومن المؤكد ان شكل العالم قبل كورونا لن يكون هو شكل العالم بعد كورونا، و حسب ذكر كثير من المتخصصين في العلوم السياسيه والمهتمين بالعلاقات الدوليه ان العالم ستحدث فيه تغيرات كبيرة جداً !

أول هذه المتغيرات :- عوده دور الحكومه بشكل كبير في الغرب وفي العالم بعدما تقلصي دورها امام الشركات ، بمعنى أن الحكومات الغربية ستسعي إلى سن قوانين تتيح للحكومه دور اكبر أمام الشركات بدلا من أن تكون الحكومه مجرد منظم للأسواق الإقتصادية فقط..

الأمر الثاني:- وهو سيحدث فتور لفكره الاتحادات فالإتحاد الاوروبي برغم قوته وجبروته الإقتصادي لم يستطع أن ينقذ اوروبا من الوباء الخطير !
لماذا ؟!
لأن الإتحاد الأوروبي ليس في يديه أوراق ضغط ضد الشركات الاقتصاديه العابرة للقارات لأنها من تأتي بالحكومات وهي من تضغط عليها لسن القوانين ألتي تحميها وتراعيها وتحافظ علي مصالحها ، لذلك رأينا عجز كبير جدا في الادويه و معدات اجهزه التنفس الخ.. نتيجة لذلك رأينا كثير من دول اوروبا حدث لديها فتور وكره لفكرة الاتحادات وخاصة ” الإتحاد الأوروبي” وأصبحت كل دوله ترفع شعار ” أنا أولا ” وأصبحت معظم دول اوروبا تطالب بالإنفصال وهذا ظهر علي لسان اليمين المتطرف في تلك الدول فرأينا إيطاليا ترفع شعار إيطاليا أولا و اسبانيا أولا وهكذا فإن فكرة الإتحادات ضُربت في مقتل..

التغير الثالث :- سوف تتراجع فكره العولمه ..
و فكرة العولمة بالاساس قائمه على مبدأ السوق الواحده بمعني أن تكون للشركه الواحدة أفرع في كثير من دول العالم وكما ذكرنا في المثال السابق عن شركه ابل الامريكيه التي مقرها الرئيسي في امريكا ومصانعها في دول عديدة حول العالم ، ولذلك ولذلك عندما ضرب الفيروس الصين وجدنا ان امريكا هي الاخرى تعرضت لتأثير إقتصادي لأن العالم أصبح مترابط ببعضه وقس على ذلك ما يحدث في كل العالم ، لذلك سيكون هناك تغير وتحجيم كبير لفكره العولمة.

وذلك سيسبب ضربة قاسمة للظام الدولي ، لأن النظام الدولي القائم قائم بالأساس على فكرة السوق المفتوحة . وستسعي الشركات والدول إلي الإنكفاء داخل حدودها …

مما سبق نقول أن النظام العالمي قبل كورونا لن يكون هو النظام العالمي بعد كورونا ، بالتاكيد سيكون هناك تغيرات كثيره وذلك يتوقف على مدى قوه انتشار الفيروس في العالم …

في النهاية اسأل الله ان يحفظ كل العالم من الشرور والفتن .

بقلم الكاتب محمد الصياد

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

إغلاق