مقالات

وحيد القرشي يكتب “هوامش حرة”

مقال الأسبوع بعنوان “لو لم تكن أمريكا لصنعها العرب”
يقولون ان الديمقراطية في بلداننا العربية لاتصلح لان الحرية تبدء بالقضاء على الجهل اولا ..ومن الذي أوصلنا الي أن نكون جهلاء لا قيمة لنا وسط الأمم والتي تعلمت منا الكثير في وقت عزنا وقت ان حكمنا العالم لقرابة الألف عام … فما عاد همنا الا لقمة العيش وكيف الحصول عليها…اصبحت الابجدية التي نتعلمها في المدارس لا قيمة ولا معني لها…شهادات نودعها في أدراج مكاتبنا بعد فرحة عارمة بها وفخر واعتزاز ايضا … او نضعها علي الحائط للزينة والفرجة عليها بين الحين والاخر وقد يكون للتذكر اننا كنا في يوما من الايام دارسين واصحاب علم وشهادات..وحلمنا بأن يكون لنا قيمة ومنصب ونجلس مع الكبار ونظهر علي شاشات التلفاز وعلي صفحات الجرائد …. فالفساد والرذيلة انتشرفي الامم التي تجاهلت التعليم وجعلت من الجهل سيدا على اهلها .
 
لما ذا وصلنا لهذا الحد من السفاهة والأستهتار في كثير من امور حياتنا ..وخاصة الدينية منها ,وحتي ان ضاعت الدنيا بكل ما فيها علينا التمسك بديننا واخلاقنا وطاعة الله ورسوله,لماذا فقدنا الحس والذوق الاخلاقي في كثير من امورنا وتعاملاتنا ,اننا لو طبقنا الدين والاخلاق فيما بيننا لسعدنا وفوزنا بالدنيا والاخرة..هل نتج ذلك عن جهل وبعدنا عن الدين ,او كما نعلم بصدق ويقين الحرب الدائرة حولنا وضدنا نحن العرب من أمريكا واسرائيل للتفرقة والسيطرة علي مقدرات امورنا ولفساد أخلاقنا ,وقد نجحوا في ذلك ,ونحن من ساعدنهم للوصول للمرغوب فيه,دائما أتسال سؤال مع نفسي واكرره مرارا وتكرار ,رغم اننا نعلم علم اليقين عدونا ,لم نتحرك في يوما من الايام لنوقفه عند حده بل نقدم له الطاعة والولاء ونساعده علي ان نكون عبيدا له,وتحت سيطرته,ومن هنا كان لا بد من الاجابة علي السؤال من المستفاد من ذلك القهر والظلم للشعوب العربية ,ومن الذي اوصلنا لذلك ,حروبا داخلية وداعش وظلم وفساد للأخلاق وأنهيار للقيم والمبادئ.
 
وصل الكثير منا الي حالة من اليأس حتي اصحاب الفكر المحركين للعوام , اتسائل هنا هل تبدل الحال عندنا واصبح مذهب ولاحاجة المسيطر على الجموع اصبح مسيطر على اصحاب الفكر المحركين للجموع أيضا ؟ ,وهل أصبحنا غير متعلمين وغير فاهمين ومدركين لما يدور حولنا من تغيرات وحروب ضدنا ,فى بلادنا المنكوبة،والتي لا يغتفر فيها «الخروج» عن المألوف ولا «الخروج» على السلطة الحاكمة ولا «الخروج» من تعاسة الإجماع العام، ومن هنا نتحاشى الصدام بالصمت وندعى أن السكوت حكمة والسكون فضيلة، فيغدو التغابى ذكاءً ماكراً ننفلت به من شراك المصائد المنصوبة فى الزوايا، ونسير مع القطيع فى وسط الطريق المؤدى لا محالة إلى الهلاك ,كأن الأنس بالبؤس، أحسن حالاً وأسلم حالاً من خطر الانفراد ,ولو تناقشنا وتحاورنا وتقبل كل منا الرأي والرأي الأخير لوصلنا للحقيقة واحترمنا انفسنا وباتت بيننا مودة واخلاق .
 
لقد وصف نجيب محفوظ حالنا والحال فى القاهرة 30ب”طظ”وحالنا اليوم “ولا حاجة”نحن نلف في دائرة مفرغة لا نعرف نهايتها ومن أين وجدت والي متي ستظل ,وكل الشعوب العربية هكذا ,فكل منطوق به ،هين بالقياس الي المسكوت عنه من خواطر وتساؤلات عدة لا نستطيع اسماعها لغيرنا,ونكتمها لنتكلم بها مع انفسنا فقط حتي لا نضيع في مهبة الريح العاصف لكل شئ .
 
هل نحن كعرب شعب واحد؟ كما يحلو للقوميين تصنيفنا ..هل كان صدام و الأسد الأب و الأسد الإبن و ناصر و من قبله الهاشميين و غيرهم ..وكل حكام العرب .. هل كانو قوميين حقا؟ ماذا لو لم تكن أمريكا دوله عظمى و لم يتم تأسيس إسرائيل بخدعة وأكذوبة العالم , هل كنا سننعم بالسلام و الرفاهيه والأمن ونصبح متعلمين واصحاء ولنا قيمة وسط الأمم .
 
ماذ لو لم يتم إكتشاف البترول هل كان الوضع سيكون أفضل ؟أسئله و أسئله تحتاج إجابات لمن يريد أن يعرف الحقيقه,ويصل لبر الأمان.فالثمره الفاسدة من الداخل لا تجني ثمارا صالحا وقد تفسد ما حولها ,الإرث الثقافى الخاطئ نحن لم نتخلص منه ومن عباده الأوثان بعد, ما زالنا نجعل من حكامنا الهة علي الارض ونحن عبيد لهم ,ولم نتعلم الديمقراطية الصحيحة وحتي ان وجدت في الدساتير علي الورق لم نطبقها ولن نطبقها .
 
نحن شعوب تصنع أصنام ونتعبد لها وننتظر منها الصلاح ,شيعه و سنه و دروز و علويين و مسيحين و طوائف وأديان و معتقدات شتى هى بالنسبه لنا أصنام ,الكل أعتاد من الصغر أن ما لديه هو الصواب و ما لدى غيره هو الباطل ,الكل ينتظر المُخلص
هذا يراه المسيح وهذا يراه المهدى المنتظر و ذاك يراه صلاح الدين و خالد بن الوليد و أبو زيد الهلالى و غيرهم ,ننتظر البطل الأسطوره الذى سيقود البلاد و العباد لرفع الرايه ولكن أى رايه سيرفعها البطل ,الإرث الثقافى الخاطئ يجعلنا أيضا مختلفين فى الرايه هل هي رايه الحسين أم رايه السنه أم رايه القوميه أو غيرها ,حتي اختلفنا في لونها اسود اما اخضر اما احمر ومن اي مكان سوف يأتي المهدي المنتظر لنقول عليها الارض المباركة.
 
إذن فلنصنع نحن الفارس البطل الزعيم المخلص الهمام ناقذ البشرية والعرب خاصة من ظلم الامريكان وعناد واحتلال الصهاينة لأرض أجدادنا فلسطين العرب,وننتظر منه ان يحدد لنا الرايه وهل سنحارب بالسيوف ام الطائرات وارقي المعدات .
 
صنعنا رايه الهاشميين لكنهم كانو إلى الإنجليز أقرب و من ثم خانهم الإنجليز صنعنا الزعيم الملهم ناصر ,وانتهي ولم يتبقي لنا الا اشعار وكلمات حماسية وقتية يمكن ان تختفي علي مر الزمن, لقد تشتت العرب بين شرق و غرب مع من وضد من وضاعت عقولنا واصبحنا مسخرة الشعوب والامم المتقدمة واضحوكة الزمن الغاشم ولعبة امريكا واسرائيل .
 
صنعنا صدام البطل قاهر الفرس و صاحب القادسيه ولم يجنى منه العراق إلا الدمار و كراهيه بين مكونات شعبه لن تنتهى قبل مرور عشرات السنين ,والسبب في الخونة وأفتراء بلطجي العالم الامريكي ,صنعنا الأسد و كان شعاره الجمهوريه العربيه السوريه , العروبه قبل سوريا و القدس قبل الجولان و اليوم الأسد الصغير يأتى بالفرس و الروس و ترجاهم ان يحتلو بلده فى مقابل بقائه فى السلطه ,و فى اليمن صالح تحالف مع آل سعود و بعد الإطاحه به إرتمى فى أحضان إيران على أمل العوده للسلطه يوم ما ,لا يختلف الأمر كثيرا بينهم و بين القذافى و بن على و بو تفليقه و أمراء البترول و منظمه التحرير الفلسطينيه الكل يسعى خلف السلطه سواء إتجه شرقا او غربا كلهم سواء لأن البيئه التى خرجو منها لديها نفس الإرث الثقافى البطل المخلص والرئيس الأله .
 
لا تعيبو على امريكا و إسرائيل لو إختفت أمريكا و إسرائيل من الوجود سنصع نحن العرب أمريكا و إسرائيل جديده قد تكون فى الشرق او قد تكون فى الغرب ,وسيسجد لها بعض حكامنا ليبقو فى السلطه و سيعاديها بعض حكامنا أيضا ليتخذوها زريعه للبقاء فى السلطه ,لا تلومو الدول التى تسعى لفرض مشاريع خاصه بها فى منطقتنا العربية و الحصول على مكاسب وراء ذلك ,” مشروع إيرانى ٠ مشروع تركى ٠ مشروع روسى ٠ مشروع امريكى ٠ مطامع إسرائيليه ٠ واوربيه ٠ وصينيه ” هذا لأننا أصحاب هذه المنطقه بلا أى مشروع أو رؤيه لمستقبلنا ,نعيش فى غياهب الماضى وظلمه الحاضر ,ليس لدينا مستقبل ,ومستقبلنا يحدده الآخر, اننا امة لم تصنع اصنامها بيدها بل صنعها لها الغير ايضا , فنحن شركاء في هذه الكارثة ولو تسنى لنا قائدا فذا يأخذ بيدنا ويخرجنا من هذا المستنقع لكان لنا شأن اخر .
 
لم يعد هناك مكانا للصدفة في عالم يسوده التحكم من بعيد . وعملت كل المختبرات ومراكز الابحاث والمصانع على انتاج الوسائل العصريه بغزاره تلك الوسائل التي سهلت على اصحاب القرار القدرة على مراقبة وتتبع جميع الحركات التي تدعو الى التغيير والمساواة والعداله الاجتماعية وتحرر الانسان ,هناك نظريه تقول بانك اذا هزمت عدوك نهائيا عليك ان تخلق عدوا آخر تشترك انت وعدوك المهزوم لهزيمة العدو الجديد . ومن الطبيعي ان تبعد وسائلك القديمة التي هزمت عدوك بها حتى تخلص من كل شهود العيان اللذين ساعدوك ,هذه التجربه طبقها الامريكان حين خلقوا طالبان والقاعدة لهزيمة السوفييت . واليوم خلقو داعش للعمل على اذلال والحاق الخراب والدمار وانهاء و هزيمة حلفاؤهم من الانظمة الخليجية الرجعية والانظمة القوميه العنصريه اللذين ساعدوهم بايجاد القاعدة وطالبان لهزيمة السوفييت اصلا . وكل هذا لان هذه الانظمه سياسيا واجتماعيا وحتى اقتصاديا وماليا اصبحت عبأ على كاهل الامبريالية العالمية وتطورها من اجل التحكم بمصائر الشعوب .
 
يجب ان نعلم ان مصلحة الامبرياليه العالميه ليس تفتيت الدول وتجزئتها وانما من مصلحتها تجميع هذة الدول ضمن مساحات هائله وديموغرافيا كبيرة لكنها مهمشه وطنيا وحكومات تابعه للخارج ومنفصله عن شعوبها تقوم بدور الحارس الليلي للحارة جيوشهم خدم في قصور الحكام وليسوا حرّاس اوطان ولايعني لشعوبها اي شيئ مصطلح الانتماء الوطني او القومي . مما يجعل العالم قريه صغيره تتحكم بها طبقة ماليه متسلطة وحاكمة للعالم ارضا و شعوبا
 
لا يوجد ما يمكن تسميته بصراع الامم ، وبالتالي لا مكان لنظريات المؤامرة لتفسير ما يحدث منا و فينا وحولنا . فقط علينا ان نعرف اننا نعيش في عصر عولمة السياسة وتسييس العولمة وقد تخطينا فكرة الاستعمار بنصف قرن من عمر البشرية
ومع هذا ، هناك مثقفون عرب ، طيبون ، بائسون ، مازالوا يفكرون بمنطق الخمسينات في قراءة المشهد,والي متي سنظل هكذا
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

إغلاق