مقالات

اعترافات وانا على عتبة الخمسين

 

 

 

بقلمي عبير مدين

عندما كنت طفلة بجدائلها الطويلة وتلك النظرات البريئة كنت أقف أعلى منزل والدي رحمه الله بتلك المنطقة الواقعة على اطراف المدينة وكتابا بيدي أنظر إلى العالم احاول اكتشاف العالم بنظراتي البريئة تجوب في عقلي عشرات الخواطر ما بين الماضي وما سيكون عليه المستقبل 
كنت دائما أتخيل شكل مدينتي في الماضي من خلال بقايا المساكن القديمة
كنت أتمنى أن اسابق الأيام
لم يكن وقتها عقلي يستوعب معنى التغيير وكان التغيير في منظوري وقتها تغيير في الشكل
نعم تغير شكل أبي و أمي جميع اقاربي تغيرت ملامحهم بشكل ملحوظ ماتت أغصان وولدت براعم جديدة في شجرة العائلة
لكن لم أدرك وقتها معنى التغيير في جوهر البشر و هو الأهم من تغيير الشكل كنت أرى العالم مثالي كل شيء على ما يرام
تعاملت طيلة حياتي مع البشر بتلك النظرة البريئة ولم أدرك حتى وقت قريب أن زلزالا ضرب المثل العليا التي كنت أرى البشر عليها
تغيرت العادات والتقاليد اختلفت المثل أدركت أن هناك من البشر من يتقن فن التمثيل و رسم هالة من القدسية تزين نفس شيطانية

تصدمني تصرفات البعض و تبهرني تصرفات البعض الآخر 
تذكرت هذه الأشياء وانا بعد سنوات طويلة وعلى الجانب الآخر من المدينة أقف أعلى منزلنا بتلك المنطقة الواقعة على اطراف المدينة لكن هذه المرة كان كل شيء مختلف الموقع مختلف المنظر مختلف البشر مختلفون 
حتى انا يد التغيير عصفت بي تغيرت ملامحي لم يعد كتابي يرافقني حل الهاتف عوضا عنه اختلفت نظرتي للأمور 
بعد ان اصبحت رمز للماضي في عيون الحاضر والمستقبل
لم يبقى من ذكرياتي ذكريات الماضي إلا تلك الطفلة في أعماقي تتعامل مع البشر بتلك البراءة تتوقع منهم النوايا الحسنة

أخشى على تلك الطفلة من الضياع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

إغلاق