مقالات

هروب

كتبت – رجاء عزت

نحتاج احيانا الي عزله او بمعني احري نحتاج الي الهروب وجميعنا متقنين لهذا الفن فمن منا لا يفكر في الهروب والغريب ان حتي الطفل الصغير تراه يهرب ربما خوفا من والده فيهرب الي امه او ربما يهرب من أصدقاءه الذين يتنمرون عليه فيهرب الي غرفته ويجلس بمفرده وحتي الكبير منا يهرب وهروبه ليس خوفا فقط ربما هروب من واقعه المؤلم الذي فرض عليه او ربما يهرب لانه لم يجد ما يحتاجه او ربما يهرب لانه يفضل العزله علي ان يجالس المنافقين او ربما هروبا من نفسه واسباب اخري فلكلا منا اسبابه الخاصه ولكننا متفقين في اننا نهرب ولاكون صادقه الهروب ليس بالحل الجليل وانما هو حل مؤقت يخفف من حده شعورنا فمثلا جميعا نتفق في حبنا للنوم ونزعم بانه راحه لجسدنا بعد يوم طويل هلك الجسد ولكننا اكتشفنا بانه ليس براحه لجسدنا فقط وانما راحه لانفسنا ايضا وراحه لضيج قد عم ارواحنا واهلكها فالحسره هنا باننا نكتشف باننا لسنا عاشقين للنوم لانه يريح الاجسام ولكننا عشقناه لانه الحل الوحيد للهروب من حياه قد دمرتنا نفسيا واناس قد احرقت روحنا واناس قد كسرت قلوبنا وجعا . اتذكر قديما حين كنت صغيره كنت اتذمر من النوم لانه كان يضيع مني لحظات جميله ويسلب مني فرحه ما قد لا تكرر مره اخري اما الان فانا لا اتذكر اني قد لومت النوم ولو لمره واحده فقد اصبحت مغرمه به يبدو ان الزمن تغير كثيرا واصبح النوم ملجأنا الوحيد حين يرفضنا العالم . ولكننا ليسنا جميعا نهرب بالنوم فهناك من يختار الاكل وسيله للهرب فتراه يفترس الطبق الذي وضع امامه ومنا من يختار عالم السينما والدراما سبيلا للهروب فتراه يشاهد افلام كثيره وربما بعض هذه الافلام مكرره عليه وقد سمعنا اكتر من مره ولكنه لم يمل منها والقليل منا يهرب بقراءه القصص والروايات والمسرحيات وانا افضل هذا النوع وان كان هذا الهرب سيضره فيما بعد لانه سيستطدم بعد ان يفرغ من رواياته بالعالم الحقيقي فالفتاه التي سيطرت عليها فكره الشاب الذي يركب جواده الابيض ويحمل معاه الورد الاحمر ويتفاخر بحبها ويطلب يديها للزواج ستستطدم لانه يا عزيزتي لا وجود لهذا الشاب فهذا خيال من الكاتب ولا يمد للواقع بايه صله وايضا الشاب الذي يحلم بالفتاه التي تشبه بطلات الروايات الفتاه التي تدلله كثيرا وتبعث المرح في حياته دون ان تتغير بعد عام من الجواز او بعد انجابها للطفل الاول لا وجود لها فجميعنا نتغير ونشيخ وتظهر علينا علامات الكبر وملامحنا ستبهت وانت ايضا ستتغير ستزداد مسؤلياتك وتصبح ابا لاكثر من طفل فكيف لفتاتك ان لا تتغير ولكني اري رغم الخيال الذي يستولي علي الروايه فانها مفيده الي حد ما فعلي الاقل تستجعلك في عالم اخر عالم مليء بالبشر الطيبين ووجود نهايه مأساويه للاشرار ونهايه سعيده للطيبين فدائما ما يتزوج البطل البطله ويعيشون حياه سعيده ونحن نحب هذا النوع من الخيال وانا ايضا احبه . نعود الي كيفيه الهروب ومنا من يهرب من واقعه بالسفر فتراه يحجز تزكره لبلد تبعد عن مسقط رأسه بالالاف الاميال ليستقر هناك ويتخلص من عالمه القديم ويصنع حياه جديده تريحه وبعدها يعود مره اخري الي بلده القديم ويتابع حياته . والبعض منا يهرب بالكتابه ويتخذها طريقه للقضاء علي بؤسه وتعاسته فيمسك بقلمه ويصب في ورقته افكاره التي ترهقه فيقرأها الجميع ويحبها ولكنهم لا يعلمون فانه يعاني فعلا ولا يكتب لاجل المال والشهره فقط فلو لم يمر بالتجربه العصيبه فما استطاع ان يصفها بكل دقه وينقلها للجميع ويبدع فيها حتي يشعر بها الجميع حقا ويعيشون معه وكأنهم ايضا مروا بنفس تجربته .ولكن السؤال هنا الي متي سنظل نهرب الي متي سنظل في حاجه الي العزله وهل يستمر واقعنا هكذا ونتركه ونهرب دون ان نغيره الي متي ….؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

إغلاق